دون قول كلمة: جنود اقتحموا منزل فلسطيني ضرير ومعوق وضربوه في سريره- هآرتس
بقلم: جدعون ليفي
(المضمون: جنود الجيش الاسرائيلي قاموا باقتحام بيت منذر مزهر الذي لا يستطيع الوقوف بدون مساعدة. أحد الجنود أمسك به وضربه بقبضته على وجهه امام زوجته، الآخرون كانوا ينظرون. هم لم يبحثوا عن شيء ولم يسألوا أي سؤال وتجاهلوا تحذير الجيران من وضع هذا الشخص وخرجوا بعد 20 دقيقة -المصدر).
هو مستلقي على الأريكة في غرفة الضيوف، ملتصق بجانب مدفأة الغاز ويحاول أن يتدفأ. عندما وصلنا اليه هذا الاسبوع، كان قد عاد للتو من المستشفى وكان متعبا من عملية غسل الكلى. العلاج الذي يتلقاه ثلاث مرات في الاسبوع منذ 11 سنة حيث توقفت كلاه عن العمل. قبل ذلك بـ 15 سنة بدأ بفقدان البصر. وفي السنوات الاخيرة اصبح أعمى تماما. هو يعاني من مرض السكري وكذلك تم بتر قدميه في السنوات الاخيرة. عملية بعد الاخرى. هو شخص محطم، وجهه بلون رمادي واصفر من غسل الكلى، مستلقي في صالون بيته، بصعوبة يستطيع الحركة. من اجل الوقوف على قدميه هو بحاجة الى المساعدة. كل بضعة اشهر يجب عليه السفر الى الاردن لاجراء قسطرة للاوعية الدموية في قدميه الآخذة في الانسداد.
هذا الشخص هو منذر مزهر، الشخص المريض إبن الـ 47 سنة، في الاسبوع الماضي اقتحم جنود الجيش بيته فجرا وضربوه في السرير بلا رحمة، حتى بعد أن حذرهم الجيران من أنه مريض جدا، وايضا في الوقت الذي فيه زوجته كانت شاهدة على الضرب وشاهدت وهي عاجزة كيف ينكلون بزوجها المقعد، صرخت عليهم بأنه أعمى ومريض. أي شيء لم يجد، اللكمات هبطت على وجهه الذي ما زال يحمل علامات زرقاء، بالاساس تحت عينيه التي هي الآن مليئة بالدم. هناك جراح في كتفه وفي يديه ايضا. بعد أن حاول الدفاع عن نفسه، عاجزا، امام اللكمات والضربات التي سقطت على جسمه المحطم. كل هذا حدث وهو في سريره. هو تقني اجهزة طبية عمل كعامل مختبر تابع للسلطة الفلسطينية واضطر الى الاستقالة هذه السنة وذهب للتقاعد المبكر بسبب تدهور صحته. هو يتحدث الانجليزية بطلاقة، له ولزوجته ايمان اربعة اولاد، البكر 18 سنة وتوأم ثلاثي 16 سنة. ايمان (45 سنة) مريضة بالسرطان وتتلقى العلاج في مستشفى المطلع في القدس وفي الاردن. وضعها مستقر. وقد انضمت هذا الاسبوع الى المحادثة في بيتها، لكن خلال ذلك شحب وجهها واحتاجت عدة مرات الى الاستلقاء، وذرفت الدموع من عينيها المغمضة. الصدمة ما زالت غضة والوضع ما زال صعبا عليها. حتى اكثر مما هو على زوجها. ابناء العائلة قالوا إنه كلما تذكروا رعب تلك الليلة يغرقون في الخوف. ابناء العائلة يعيشون في بيت فخم في الدوحة، وهي قرية بجانب بيت لحم.
جنود ملثمون
في يوم الاربعاء الماضي، 20 من الشهر، استيقظ منذر تقريبا الساعة الخامسة إلا ربع فجرا، وهو يسمع خطوات في البيت. ايقظ زوجته، وقد اعتقد أن اولاده هم الذين يتجولون في البيت الذي ما كان يغرق بظلام الليل. زوجته استيقظت وبدأت بالصراخ. هو لم يعرف ماذا يحدث. في البداية اعتقدوا أن الامر يتعلق بلصوص. ولكن ايمان لاحظت عدة اشخاص وهم يدخلون الى غرفة نومها، ايضا مع اشعة الليزر الحمراء التي كانوا يوجهونها في الظلام الى السرير. الاشخاص السود لم ينبسوا ببنت شفة، وبلحظة فهمت ايمان أن هؤلاء جنود. لقد كانوا ملثمين، 5 – 6 جنود في غرفة النوم يوجهون البنادق نحوهم. قوات اخرى كانت في الخارج.
ايمان نهضت من السرير وشعرها ما زال مكشوف امام الجنود الغرباء الذين اقتحموا غرقتها، وهذا امر حساس بشكل خاص يتحدث عنه منذر بألم. عندها اقترب احد الجنود من السرير وضرب منذر على وجهه دون قول أي كلمة. منذر على قناعة بأن الجندي كان مسلح بقفازات. وجهه امتلأ بالدم الذي كان ينزف من انفه. لقد حاول التلويح بيده في الظلام نحو لكمات الجنود للدفاع عن وجهه من الضرب ولكن بدون جدوى، هو بالطبع لم يشاهد أي شيء. الآن الجروح تغطي يده. ايمان وقفت بجانب السرير وصرخت ولكن الجنود لم يسمحوا لها بالاقتراب من زوجها للدفاع عنه. لقد حاولت ان تشرح لهم بأن زوجها اعمى ومريض ولكن دون فائدة. هناك شك في أن يكون احد الجنود يعرف العربية. هي قالت إن الجندي امسك بوجه منذر بيد من يديه وباليد الاخرى كان يضربه. فقط جندي واحد ضربه، الآخرون وقفوا من حوله. هذا استمر خمس دقائق على الاقل.
المصباح الذي كان مضاء في الحمام كان ينشر القليل من الضوء في الغرفة. في الخارج الوضع ما كان يسوده الظلام والجنود لم يضيئوا مصابيح البيت، ربما لذلك لم يلاحظ الجندي أنه ينكل بشخص عاجز، شخص مسن واعمى ومريض. منذر حاول أن يسأل الجنود من انتم لكنهم لم يجيبوا. ايمان طلبت التحدث مع القائد المسؤول، ولكن أحد لم يجبها. في النهاية توقف الضرب.
ايمان اجلست منذر على السرير، وهو سألها ماذا حدث للاولاد. وقد ساعدته في الجلوس على كرسي في الغرفة. ابناء العائلة قالوا أنهم الآن ربما فهم الجنود من الذي قاموا بضربه بشكل وحشي. ولكنهم ليسوا مقتنعين بأن الامر كذلك. وجه منذر كان مغطى بالدم والجنود رفضوا في البداية السماح له بالجلوس على الكرسي. هم لم يسألوه عن هويته ولا قالوا له عن ماذا يبحثون.
قبل ذلك استيقظ الابن البكر طلال وسمع والديه يصرخان بأن هناك لصوص في البيت. بعد ذلك شاهد والده من خلف الباب وهو ينزف. ايضا اخوته استيقظوا. الجنود لم يسمحوا لهم بالدخول الى غرفة الوالد وامروهم برفع ايديهم. أحد الاولاد اغمي عليه وسقط على الارض. الجنود مكثوا في البيت حوالي 20 دقيقة، لم يبحثوا عن أي شيء. احدهم لم يفكر بتقديم العلاج الطبي لمنذر المصاب. الجنود امروا الاولاد بالركوع على ركبهم ووجوههم نحو الارض وأن لا يتحركوا – عندها خرجوا من البيت.
منذر يقول الآن ان الاسوأ لشخص اعمى انه لا يعرف من الذي يضربه. لماذا ضربوه؟ ؟ "أنت لا تعرف لماذا؟"، اجابت شقيقته ميسون وابتسامة صفراء على شفتيها، "أنا أخشى من التحدث لأنكم يهود. هم يضربوننا جميعا. نحن تحت احتلال. هذه ليست المرة الاولى التي يضربوننا فيها بلا سبب ولن تكون الاخيرة. الجديد هو فقط أنهم هذه المرة ضربوا شخص اعمى". احد الاولاد يقدم تفسير آخر. ربما أنهم ضربوا أبوه لأن له لحية؟ صحيح هي ليست لحية كبيرة، لكن مع ذلك اللحية الصغيرة تثير الشك. ميسون تخاف الان من أن لا يسمحوا لشقيقها بالخروج في شهر حزيران للعلاج الثابت في الاردن. حاولنا تهدئتهم. هو في الحقيقة لم يفعل أي شيء.
منذر نقل الى مستشفى الحسين في بيت جالا لعلاج جراحه. منذ الحادثة توجد آلام في اللثة وهو يجد صعوبة في تناول الطعام العادي، حيث يتناول السوائل فقط. يجب رؤيته وهو مستلقي على الاريكة بعجز مطلق، وهو يبحث لنفسه عن جلسة مريحة وسهلة، بقايا قدميه مضمدة، يغمض عينيه بين الفينة الاخرى من اجل ان تفهم بمن نكل هؤلاء الجنود.
الكابتن نضال
في اليوم التالي تبين لابناء العائلة أن الجنود بحثوا عن شخص آخر هو فادي حلوة، شاب عمره 20 سنة، يبدو أنه مطلوب لقوات الجيش والشباك، ليس واضحا لماذا ومن اجل ماذا. حلوة يعيش في الطابق الذي فوقهم وقد وصل الجنود الى هناك في البداية. ولانهم لم يجدوه امر رجل الشباك المسمى "الكابتن نضال" والدة الشاب حلوة بأن تستدعيه الى البيت. في هذه الاثناء نزل الجنود الى بيت الجيران، عائلة منذر. حسب اقوال الجيران، قاموا بتحذير الجنود بأن منذر مريض واعمى لكن الامر لم يهمهم.
منذر يسأل الآن لماذا لم يطرقوا الباب قبل الاقتحام. لقد كان سيفتح لهم ويمكنهم رؤية أن حلوة غير موجود في بيته. المطلوب حلوة جاء في نهاية المطاف الى بيته وتم اعتقاله. هل اعتقد الجنود أن منذر هو المطلوب لذلك ضربوه؟ حتى في الظلام لم يكن بالامكان أن يخطئوا بين شاب عمره 20 سنة وبين منذر الاعمى العجوز والمريض. "ربما أنهم مجرد مجرمين عنيفين"، قالت ميسون. موسى أبو هشهش، الباحث المخضرم في "بتسيلم" قال "هذه هي المرة الاكثر اثارة للصدمة التي وثقتها في أي يوم".
المتحدث بلسان الجيش قال للصحيفة "خلال نشاطات القاء القبض على مطلوب في بيت لحم تم اجراء تفتيش في احد المباني للعثور على المطلوب في اعقاب معلومات تبين منها أنه يختبيء في المبنى. خلال التفتيش امرأة فلسطينية حاولت منع احد الجنود من الوصول الى فلسطيني كان في غرفة في المبنى، التي اراد الجندي فحصها. الجندي حاول فحص الفلسطيني الذي امسك جسم وسلاح الجندي وصرخ لازعاجه. الجندي ضرب بشدة الفلسطيني وحاول السيطرة عليه، ونتيجة ذلك الفلسطيني اصيب بجروح. في هذه المرحلة الجندي فهم أن الامر يتعلق بشخص اعمى وهو ليس المطلوب. وعمل من اجل تهدئته حيث ساعده ومكن زوجته من علاجه بصورة فورية. الحادثة يتم التحقيق فيها بصورة فورية وأخذت العبرة منها". عن سؤال هل الجيش الاسرائيلي ينوي الاعتذار لمنذر. المتحدث لم يكلف نفسه حتى عناء الرد.
ايمان مصدومة وخائفة منذ تلك الليلة. منذر منشغل بمرضه ومعاناته. الاولاد يسألون اذا كان الجنود سيعودون مرة اخرى. الآن هم يغلقون الباب بقفل آخر. ومع ذلك، منذر يستيقظ كل ليلة ويتخيل أنه يسمع خطوات في الظلام ومقتنع بأن الجنود قادمون لضربه ثانية.