خبر « القطاع سيعود بعد موته »...الحرب على غزة استمرار لمشروع محو الزمن الفلسطيني

الساعة 01:01 م|19 يناير 2009

رام الله: فلسطين اليوم

بعد إعلان الاحتلال وقف إطلاق النار وإمهال فصائل المقاومة له أسبوعاً لسحب آلياته وجنوده من قطاع غزة، تظهر التحليلات الإسرائيلية والمقالات المتسائلة عن جدوى هذه الحرب، بل ودرجها ضمن سلسلة طويلة من حروب "إسرائيل".

ففي مقال له اعتبر أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة بن غوريون في بئر السبع "أورن يفتاحئيل" أن الحرب على غزة بمثابة استمرار للمشروع والسلوك الإقليمي الإسرائيلي الذي تبنى هدفاً متشدداً ووحشياً في إسكات الزمن الفلسطيني أي محو تاريخ فلسطين بالكامل على حد تعبيره، قائلاً إن تلك الخطوة تعني محو الحقوق السياسية الكاملة "القائمة بحق مشروعيتها وليس بمنة من إسرائيل".

وبناء على ذلك أوضح "يفتاحئيل" في مقاله الذي حمل عنوان "زمن غزة الضائع" أن الحرب على قطاع غزة لم تهدف فقط لوقف إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية أو لتلميع شخصيات سياسية تمهيداً للانتخابات أو محاولة لترميم الردع الإسرائيلي، ولكنه أيضاً استمرار لإستراتيجية طويلة من إنكار ومحو وشطب أي ذكر لتاريخ هذا المكان في العصور الأخيرة.  حيث ينخرط فيه الجميع تقريباً السياسيون والفنانون ووسائل الإعلام والباحثون في الجامعات والمثقفون الإسرائيليون كما قال.

و أضاف:" إذا ما نجحنا في تأمل الأحداث العنيفة من خلف ركام الدمار المريع وسحب الدخان وأشلاء الجثث وبقع الدماء وصرخات الأطفال، سيكون الغزو ليس فقط محاولة أخرى "لفرض النظام" لدى آخرين وإسقاط حكومة "حماس" المنتخبة، وليس مسعى إمبريالياً (إسرائيليا- أميركيا) للسيطرة  في حيز إسلامي بمستويات متصاعدة من العنف".

وذكر الكاتب أن قطاع غزة نشأ ككيان مجالي بعد حرب العام 1948، حين نزح وطرد إليه قرابة 150 ألف فلسطيني من جنوب غربي إسرائيل الحالية، مبيناً أن جل الطرد جرى أثناء "حملة يوءاڤ" التي اشتهرت بهدفها الرامي إلى "تنظيف" المنطقة من العرب.

وأكد الكاتب الإسرائيلي أن أراضي لاجئي غزة صودرت في الخمسينيات لتخصص لبناء عشرات المستوطنات اليهودية التي أقيمت من يافا وحتى بئر السبع وأن تعداد اللاجئين في القطاع يزيد اليوم عن مليون نسمة الذين تفاقم وضعهم الجغرافي بما لا يقاس حيث يعيشون في ازدحام وفقر مدقع.

و اعتبر الكاتب أنه على ضوء ذلك يجب فهم صعود حركة "حماس" التي طرحت بديلا لاتفاقيات أوسلو التي كان يفترض أن تكون درباً للسلام فتحولت إلى "درب آلام" فلسطيني،  كما رفضت خدعة "دولتين لشعبين" التي تحولت في حد ذاتها إلى مقولة فارغة من المضمون، تسمح بالاستمرار اللانهائي للاحتلال الكولونيالي، كما قال.

و لفت الكاتب إلى أن حركة حماس منحت صوتاً للاجئين عندما عينت إسماعيل هنية اللاجئ من سكان مخيم الشاطئ رئيسا للحكومة، وهذا في مقابل نخبة فلسطينية ظلت أسيرة لاتفاقيات أوسلو التي "حظرت" عليها طرح موضوع اللاجئين على الأجندة السياسية، واصفاً إطلاق الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية محاولة لتذكير العالم وإسرائيل والزعامة الفلسطينية بان مسألة اللاجئين ما زالت حية.

وتابع:" في مواجهة هذه الصرخة المستمرة قررت إسرائيل كعادتها التهرب من مواجهة المسألة وانتهاج إرهاب الدولة وهكذا شرعت بحملة من النار والبارود على القطاع هدفها التصفية والقتل والتقطيع والمحاصرة لكن ذلك يمثل قوة ضعيفة من ناحية سياسية وأخلاقية، والمزيد من أطنان "الرصاص المسبوك" وقتل الأطفال وإحراق مدن القطاع لن ينجح في إسكات صوت التاريخ فالزمن الذي ضاع في لجة طبول الحرب والنشوء العنيف لـ "قطاع غزة" سوف يعود بعد موته".

وخلص الكاتب بنتيجة واحدة هي أن الاعتراف بالزمن الفلسطيني وإنهاء الاحتلال "الكولونيالي" الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وطرح مسالة اللاجئين هي السبيل الوحيد للاعتراف بالزمن اليهودي على حد تعبيره.

و اختتم قائلاً:" فقط عندما يحل التاريخ مكان الأرض الجغرافيا كموضوع مركزي للخطاب، أي حينما يُروى تاريخ البلاد وسط شمل وتضمين جميع سكانها و مطروديها، سيشيد الأساس للاعتراف المتبادل بين شعبين متساويين في الحقوق في وطن مشترك، عندئذٍ أيضاً ستتوقف الصواريخ وربما سيحين كذلك زمن المصالحة".