خبر أين اخطأ شارون.. يديعوت

الساعة 11:48 ص|19 يناير 2009

بقلم: ناحوم برنياع

في أثناء حملة الجيش الاسرائيلي في غزة سألني صديق من احدى المستوطنات ماذا افكر الان على فك الارتباط. اولم يكن هذا خطأ تاريخيا.

يخيل لي أنك محق هذه المرة، قلت.

فطلب تفسيرا وتفصيلا.

الهدف المعلن لخطة فك الارتباط لارئيل شارون، قلت، كان فك الارتباط عن غزة مرة واحدة والى الابد. رأي شارون في غزة كان كرأي اسحق رابين، باستثناء أن رابين فقط قال بانه يود لو انه يرى غزة غارقة، أما شارون ففعل. لقد آمن في فك الارتباط حتى النهاية.

كان هناك من اقترح عليه الاكتفاء باخلاء ثلاث مستوطنات (نتساريم، كفار دروم وموراغ) التي اقيمت بمحاذاة الفلسطينيين. ولكنه رفض. الجيش الاسرائيلي اوصى بابقاء قوات عسكرية في محور فيلادلفيا وفي الطرف الشمالي. هذا ايضا رفضه شارون، بدعوى أن العالم لن يعفي اسرائيل من المسؤولية عن غزة، طالما بقي جندي اسرائيلي واحد يجلس في الجانب الغزي من الخط الاخضر.

اسرائيل أخلت كل المنطقة حتى آخر متر، ولكنها لم تفك الارتباط حتى ولو ليوم واحد. لا احد باستثناء اسرائيل تطوع لاعفائها من المسؤولية – لا المنظمات الدولية، لا الدول الاجنبية ولا السلطة الفلسطينية. المخففون يمكنهم ان يقولوا بان هذا كان عقاب شارون على اصراره تنفيذ فك الارتباط كخطوة من طرف واحد. لا السلطة الفلسطينية قبلت هذا ولا المصريون. اما المتشددون فيمكنهم ان يقولوا بان التفكير بانه يمكن فك الارتباط عن قطاع غزة والبقاء في الضفة كان مدحوضا منذ البداية. فك الارتباط قصد خلق كائن حي مربوط في رأسه ومقطوع في ذيله: لا يوجد كائن حي كهذا.

فك الارتباط جاء ليخفف عن الامن الجاري في الجنوب. عمليا حصل العكس. صناعة التهريب ازدهرت ومدى الصواريخ ازداد. النار التي كانت موجهة في الماضي اساسا نحو غوش قطيف حرفت نحو البلدات داخل الخط الاخضر.

احد لا يمكنه أن يعرف ماذا كان سيحصل في الجانب الفلسطيني لولا فك الارتباط، ولكن من الصعب الجدال مع الزعم بان الاخلاء عزز حماس وساهم مساهمة معنوية في سيطرتها على غزة.

بتعبير آخر، قال صديقي البرتقالي، بكاء للاجيال. انت لا بد نادم على تأييدك لفك الارتباط.

ليس بالضبط، قلت. حتى الان عددت جزءا من الاسباب التي من أجلها قرر شارون اخلاء غزة. اما أنا فكانت لي اسبابي الخاصة. اعتقدت وانا لا ازال اعتقد، بان الاستيطان الاسرائيلي في غزة كان فكرة مشوهة. مليون ونصف نسمة يعيشون هناك، باكتظاظ عسير، يستحقون هواءا للتنفس، اراض فارغة يمكنهم فيها أن يسكنوا الاجيال القادمة. كان هناك شيء هاذٍ، غير حقيقي، غير صحيح، في الفيلل الواسعة على مسافة رشقة حجر من المنازل المحشورة في خانيونس، في الطريق الواسع للسيارات اليهودية والموازي له الضيق لعربات العرب من سكان المواسي، في اراضي الدفيئات الهائلة، في الفلسطينيين الذين مروا كل يوم في الحواجز سيرا على الاقدام كي يعملوا باجر مضحك لدى اليهود.

دون صلة بفك الارتباط لم يكن للاستيطان اليهودي في غوش قطيف مستقبل. شارون فقط قرب نهايته.

الان، في ختام الحملة، يتجدد الجدال على فك الارتباط. تسيبي لفني تؤمن بان هذا هو الحل. اليمين يؤمن بحل معاكس: احتلال كل القطاع او جزء هام منه، واعادة السكان في المناطق المحتلة الى الحكم العسكري.

فك ارتباط لم يكن. وكذا احتلال لن يكون. غزة ستبقى شوكة في حلق اسرائيل. لا تبتلع ولا تلفظ. لا تمات ولا تحيا. وبين الحين والاخر ستندلع النار لتذكرنا وتذكرهم كم يمكن للارتباط أن يكون أليما.