قائمة الموقع

اختيار دنيس- يديعوت أحرونوت

2019-02-18T15:12:00+02:00
يديعوت
فلسطين اليوم

بقلم: ناحوم برنياع

في 2004 نشر دنيس روس من رؤساء فريق السلام الامريكي، كتابه "السلام الضائع". فالجهد الهائل الذي بذله الامريكيون، معظمهم ان لم يكونوا كلهم يهود، في الدفع الى الامام باتفاق اسرائيلي – فلسطيني لم يولّد سلاما، ولكنه ولّد وابلا هائلا من الكتب. فقد فصل روس في كتابه ما هي اسباب الفشل برأيه: "انعدام الالتزام الجماهيري بالسلام، الخوف من الاعتراف بشرعية احتياجات ومشاكل الطرف الاخر. عدم القدرة على التعاطي مع اساطير مريحة، الصعوبة لتغيير السلوك والاعتراف بالاخطاء، الصعوبة في اعداد الطرفين للتحرك في نفس الوقت، رفض أخذ المخاطر وانعدام القيادة، ولا سيما في الجانب الفلسطيني". في اهداء سخي ارفقه بالنسخة التي بعث بها لي كتب يقول: "انا لا زلت اؤمن".

مرت منذئذ 15 سنة، والوضع في كل واحدة من المسائل التي ذكرها روس ساء فقط: لا توجد مسيرة سياسية، في الطرفين لا يوجد التزام بالاتفاق، لا يوجد اعتراف بمشاكل الطرف الاخر، لا يوجد استعداد لاخذ المخاطر، لا توجد قيادة. على الرغم من ذلك، عاد روس مؤخرا الى الادارة، هذه المرة بصفة مستشار. ترامب هو الرئيس الرابع الذي يضع علمه في شؤون الشرق الاوسط تحت تصرفه، وهو سيساعد جارد كوشنير وجيسون غرينبلت على انضاج صفقة القرن.

الفرضية الخفية لروس وزملائه على مدى السنين كانت أن الزعماء في الطرفين مستعدون للاتفاق. وذلك فقط اذا ما وفرت لهم الحوافز الصحيحة، اذا ما منحوا انجازا يلوحون به امام الشارع، فانهم سيتوصلون الى القرارات الصحيحة. هذا لم يكن صحيحا في حالة عرفات؛ هذا لم يكن صحيحا في حالة نتنياهو. أبدا لا تأخذ، هذه هي طريقة العمل التي تبناها نتنياهو. وهو يترك محفظته في البيت.

في مؤتمر وارسو الاسبوع الماضي حاول روس ان يرتب لنتنياهو ندوة مشتركة مع وزراء خارجية دول النفط العربية. وكان في القائمة عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، يوسف بن علوي، وزير خارجية عُمان، خالد الخليفة، وزير خارجية البحرين وغيرهم. وكانت الفكرة ان يجلسوا جلسة اخوة معا، وان يتحدثوا تنديدا بايران.

السعوديون طرحوا شرطا: سيأتون اذا ما انضم وزيرا الخارجية المصري والاردني؛ فهم سندنا. اوكي، قال الامريكيون. نجلب لكم مصر والاردن. سنأتي. قال لهم المصريون والاردنيون، ولكن لدينا شرط: ان يأتي الفلسطينيون ايضا؛ فهم سندنا في وجه الشارع. ذهب الامريكيون الى صائب عريقات. آسف، قال عريقات. ابو مازن لا يسمح لي.

فتفككت الندوة، ولكن نتنياهو لم يتنازل. فقد نشر، وكأنه بالخطأ، شريط فيديو من لقاء مغلق عقده مع وزراء خارجية امارات النفط. فهل غضبوا عليه؟ ليس مؤكدا. لا ينبغي أن نستبعد امكانية أن يكون التسريب منسقا معهم أو، للاسف، مع الفريق الامريكي. نتنياهو جيد في هذا.

هذه القصة تؤدي بنا الى عدة استنتاجات. أولا، الفلسطينيون فقدوا حقهم في الفيتو على الاتصالات العلنية مع حكومة اسرائيل. وعلى الرغم من ذلك، فلا تزال لديهم قوة لا بأس بها في الشارع. فالخوف من العدو المشترك في طهران يسمح بتعاون سري، عسكري وسياسي، مع دول الخليج ولكنه لا يضمن اتفاق سلام اقليمي.

ثانيا، عندما يدور الحديث عن الدفع الى الامام بحملته الانتخابية فليس لنتنياهو اي حدود. فهو سيفعل كل شيء كي يؤثر في جمهوره، من الصور المحظورة مع الجنود وحتى الكشف عن معلومات استخبارية والتحريض في الشبكات الاجتماعية. اما حماة الحمى، المستشار القانوني للحكومة، رئيس الاركان، رئيس لجنة الانتخابات، الصحافيون والسياسيون فهم ملزمون بان يبقوا على أهبة الاستعداد.

ثالثا، ادارة ترامب ستفعل كل شيء كي تساعد نتنياهو في الانتخابات. زيارته الى واشنطن في اذار، عشية الانتخابات، ستكون رحلة نصر، مغلفة بمناسبات لامعة وبمدائح مبالغ بها على لسان الرئيس. يمكن لدنيس روس ان يروي لزملائه الجدد كيف خرج كلينتون عن طوره كي يساعد رئيس الوزراء بيرس في 1996. اللقاء الذي عقده في شرم الشيخ كان أكثر إثارة للانطباع من المؤتمر في وارسو. اما النتائج في صندوق الاقتراع فكانت صفر: الاسرائيليون يتدللون جدا في العناقات الامريكية التي كفوا عن التأثر بها.

رابعا، اذا كانت حقيقة في الشائعة بان روس هو الرجل الذي اوصى رجال ترامب بنشر خطتهم للسلام بين يوم الانتخابات في اسرائيل واقامة الحكومة، فثمة في ذلك قول سياسي. فما نشر حتى اليوم عن الخطة يفيد بانها لا تشكل نقطة انطلاق. الفلسطينيون لن يقبلوا بها ولن يقبل بها شركاء نتنياهو من اليمين ايضا. اما التوقيت المخطط لنشر الخطة فيدفع نتنياهو نحو أذرع غانتس. الاسرائيليون واثقون بانهم يختارون بين نتنياهو وغانتس؛ اما روس فيختارهما كليهما.

اخبار ذات صلة