بعد اقتطاع أموال المقاصة..

خزينة السلطة في "غرفة الإنعاش" ورواتب الموظفين في خطر!

الساعة 08:49 م|17 فبراير 2019

فلسطين اليوم

توقع مختصون أن يؤثر قرار الاحتلال الإسرائيلي اقتطاع نصف مليار شيكل من عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة) على إيرادات الموازنة العامة بشكل كبير؛ الأمر الذي سيترك آثاراً اقتصادية سلبية على مختلف القطاعات.

وقرر "كابينت" الاحتلال، مساء اليوم الأحد، خصم رواتب الأسرى وعائلات الشهداء الفلسطينيين من أموال عائدات الضرائب التي تجبيها "إسرائيل" لصالح السلطة.

وأعلن "الكابنيت" في بيانٍ رسمي له أصدره عقب اجتماعه مساءً، مصادقته على اجتزاء مبلغ مبلغ 502697000 شيقل، من أموال الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية، وهو يعادل المبلغ الذي تدفعه الأخيرة للأسرى بسجون الاحتلال والمحررين منهم.

ووفقًا البيان، فإن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أصدر تعليماته إلى وزارة جيشه والأجهزة الأمنية بفحص المزيد من المدفوعات التي تدفعها السلطة الفلسطينية لصالح "الإرهابيين الفلسطينيين وعائلاتهم"، بحسب زعم الاحتلال.

يشار إلى أن المبلغ "500 مليون" شيقل، يماثل رواتب الأسرى لمدة عام، ويشكل 6% تقريبًا من مجموع أموال عائدات الضرائب للعام 2018.

الكاتب والمحلل السياسي د. ناصر اللحام قال "إن الكابينت يسرق نصف مليار شيكل من عائدات الضرائب المستحقة للفلسطينيين وهو المبلغ الذي تحوله السلطة كرواتب للأسرى وعائلات الشهداء وهو أمرٌ خطير".

وأضاف اللحام "سرقة الكابينت نصف مليار شيكل من عائدات الضرائب المستحقة للفلسطينيين مع العقوبات الامريكية تأخذ الامور طابعًا خطيرًا يهدد بتغيير شكل الصراع مرة أخرى".

وتابع اللحام: تقارير خبراء دوليين يشير الى أن نسبة النمو في الاقتصاد الفلسطيني قد تصبح بالسالب في العام 2019، وهذه كارثة كبيرة، وقبل سنتين كتبنا أن نسبة النمو في الاقتصاد الفلسطيني انخفضت الى 7% وأن نسبة 5% هي الخط الأحمر وأن اقل من 5% يتساوى مع نسبة النمو الديموغرافي ويصبح المعدل صفر.

وذكر اللحام "نسبة النمو الديموغرافي للمجتمع الفلسطيني 3.8 ونسبة البطالة في غزة 41% وقد تصل في الضفة الغربية الى رقم مشابه اذا قطع الاحتلال أرزاق العمال ما يعني ان الاحتلال صار هو اكبر مشغّل للعمال الفلسطينيين وليس السلطة!"0

وتابع :نسبة البطالة في الضفة الان 24% وودائع البنوك تراجعت 7% والنمو تراجع لاقل من 5% والعمالة في اسرائيل ترتفع بشكل هستيري ونسبة البطالة وسط الشبان من جيل 19-29 وصل الى 54% وهي مصيبة كبرى ومع سرقة الاحتلال 500 مليون شيكل من أموال الضرائب وخصم مخصصات الشهداء والاسرى يجعل الكارثة الاجتماعية والسيكولوجية والمالية والاقتصادية أكبر تحدي امام الحكومة الجديدة".

الكاتب والخبير الاقتصادي د. نصر عبدالكريم توقع أن يؤثر قرار الاحتلال الإسرائيلي خصم فاتورة أموال الاسرى والشهداء من أموال الضرائب الفلسطينية سلباً على خزينة السلطة، وهو أمر سيزيد من العجز الذي تعانيه موازنة السلطة للعام 2019.

وأوضح عبدالكريم في تصريحٍ لـ"فلسطين اليوم" أن تأثيرات الاقتطاع من المحتمل تؤثر بشكل كبير ومباشر على خزينة السلطة في ظل العقوبات الامريكية الاقتصادية، والتباطؤ الاقتصادي الذي تشهده مناطق السلطة الفلسطينية.

كما، وأشار إلى أنَّ القرار سيؤثر بشكل مباشر على موازنة السلطة في ظل العجز المتواصل للموازنة العامة، إضافة إلى العقوبات الامريكية وحجب المساعدات عن السلطة، وضعف معدلات النمو الاقتصادي.

واستبعد "أنْ يؤدي القرار الإسرائيلي إلى عدم قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الوزارات والهيئات والرواتب، لاسيما في ظل التزام دول عديدة بدعم موازنة السلطة غير أنه أشار إلى أن السلطة قد تلجأ إلى التقشف في نفاقاتها في الوقت ذاته لن تلجأ إلى التوسع الضريبي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في مناطق السلطة بما فيها قطاع غزة".

ولفت إلى أنَّ الخصم سيؤثر على المدى المتوسط على الاقتصاد الفلسطيني، لأن العملية ستصبح تراكمية، حيث سيتراجع الانفاق الحكومي، مما يعني أن السيولة في الاقتصاد ستصبح أقل، خاصة مع أزمة السيولة وأزمة الاقتصاد القائمة حالياً، وبالتالي يؤدي إلى مزيد من تعميق الركود والأزمة.

وأشار إلى أن أموال المقاصة تتراوح ما بين (750-800) مليون شيكل شهريا، وتشكل نحو 70% من إرادات السلطة، وتغطي فاتورة الرواتب الحكومية.

في السياق، أوضح أن السيناريو -آنف الذكر- قد يختلف كلياً إذا ما نفذ رئيس السلطة تهديداته برفض استقبال أموال المقاصة إذا ما اقتطع الاحتلال أي مبلغ مالي.

وكانت السلطة الفلسطينية قد ارسلت رسالة إلى "إسرائيل"، عبر وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، أبلغت "إسرائيل" من خلالها انها ترفض استلام أموال المقاصّة في حال جرى اقتطاع أي مبلغ مالي من تلك الاموال.

ودعا الخبير الاقتصادي السلطة الفلسطينية لملاحقة الاحتلال قانونياً وسياسياً وعدم التسليم بقرار اقتطاع الاحتلال الإسرائيلي.

أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الازهر بغزة د. معين رجب اتفق مع سابقه في أن تأثيرات ملحوظة ستلحق بموازنة السلطة حال اقتطاع الاحتلال الإسرائيلي لحوالي 140 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي سيزيد من المديونية المتراكمة على السلطة.

وأوضح رجب أن تأثيرات مباشرة ستصيب خزينة السلطة؛ لاسيما في ظل تراجع الدعم الخارجي للموازنة العامة، وفي ظل تباطؤ النمو الاقتصادي، لافتاً إلى أنَّ القرار في جوهره السياسي يهدف إلى مزيد من الضغوط على السلطة.

وأشار رجب إلى انًّ أموال المقاصة الفلسطينية جزء أساسي من إيرادات الموازنة العامة، وأنَّ أي مساس به يعتبر مساس بالنشاط الحكومي، الأمر الذي قد يترك آثاراً على بعض القطاعات إما من خلال زيادة فرض الضرائب لتعويض العجز، أو إلى اتباع سياسات تقشفية، وكله لا يصب في صالح الاقتصاد الفلسطيني.

وذكر "أنَّ اقتطاع جزء ليس بالبسيط من أموال الضرائب الفلسطينية تدفع الاقتصاد الفلسطيني لمزيد من الانهيار، بالتالي سيترك تأثيرات على كافة القطاعات إلى جانب تأثيرات مجتمعية أخرى كالسلم المجتمعي".

في السياق، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله أن القانون الخاص بخصم مخصصات الاسرى والجرحى من أموال المقاصة الضريبية الذي أقره الكابنيت، اليوم الاحد، "يهدد قدرتنا على الالتزام بدفع رواتب وأجور الموظفين في مواعيدها المقرة".

وقال الحمد الله في تصريح عبر صفحته الشخصية على فيسبوك إن "القرار يأتي ايضا ضمن مخطط لتدمير السلطة الوطنية وسلبها قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات والوفاء بإلتزاماتها تجاه موطنيها، فاقتطاع أموال المقاصة، إنما يضع الاقتصاد الفلسطيني في دائرة الخطر".

وأضاف الحمد الله أن القرار يعطل دوران العجلة الاقتصادية، مستدركا" لكننا نعود ونؤكد أننا لن نقايض حقوقنا ومواقفنا الراسخة بالمال، وإننا مستعدون لكافة السيناريوهات في حال أقدمت الحكومة الإسرائيلية فعلياً على تنفيذ تهديداتها".

 

كلمات دلالية