"خطر ايران المزعوم" تبرير العرب لحضور المؤتمر

تحليل "وارسو" مرحلة جديدة للتطبيع العلني وبداية النهاية للمطبعين

الساعة 04:35 م|14 فبراير 2019

فلسطين اليوم

يرى محللون سياسيون بأن مؤتمر وارسو الذي دعت له الولايات المتحدة الامريكية في بولندا وشارك به عدد من القادة على مستوى رفيع من دول عربية إلى جانب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يُشكل مرحلة جديدة من التطبيع العلني والإعلامي بين العرب و"إسرائيل".

وأشار المحللون لـ"فلسطين اليوم" إلى أن الهدف الأول من المؤتمر فشل في تشكيل جبهة إقليمية دولية ضد "إيران" لأسباب متعددة، وتحول إلى مؤتمر تطبيعي ليضع كل الحضور العرب سكاكينهم في قلب القضية الفلسطينية المطروحة على المائدة.

وأوضح المحللون بأن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تموت مطلقاً ما دام الشعب الفلسطيني يحافظ على حقوقه ويقاوم الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أن المطلوب لمواجهة التحديات الراهنة هو إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة الوطنية لإعادة الروح للمشروع الوطني الفلسطيني.

يُشار إلى مؤتمر "وارسو" افتتح صباح اليوم الخميس بحضور ممثلين عن حوالي 60 دولة بينهم وزراء خارجية عشر دول عربية ليستمر ليومين، وهذه المرة الأولى التي يشارك فيها قائد إسرائيلي رفيع المستوى ومسؤولون عرب رفيعون في مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، والذي مهد الطريق إلى معاهدات أوسلو التاريخية بين "إسرائيل" والفلسطينيين.

واصطف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ومسؤولون عرب على منصة واحدة لالتقاط صورة جماعية للمشاركين في أعمال المؤتمر، وكان نتنياهو قد اعتبر لقاء وارسو "منعطفا تاريخيا في العلاقات الإسرائيلية العربية".

الكاتب السياسي مصطفى الصواف يرى، أن مؤتمر وارسو يشكل مرحلة جديدة من مراحل التطبيع العربي لكن هذا الشكل مرحلة متطورة من التطبيع وهو الظهور العلني السافر للتطبيع بين العرب و"الكيان الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن الهدف منه هو الاعتراف بالوجود الإسرائيلي كأمر وجودي واقع وعلى الجميع أن يقر به علناً.

وأوضح الكاتب الصواف لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، بأن مشروع الخيانة العربية بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بدأ منذ سنوات لكن مؤتمر وارسو اليوم هو للإعلان الرسمي عبر وسائل الإعلام.

ويرى، بأن المؤتمر بداية النهاية لهؤلاء الزعماء المطبعين مع الاحتلال، قائلاً: "هؤلاء تخلوا عن دينهم ووطنهم وقضيتهم، وبالتأكيد سيكون للشعوب العربية موقفاً من تلك اللقاءات والطعنات المتكررة للقضية الفلسطينية وعلينا الانتظار".

وتوقع الصواف بأن مؤتمر وارسو سيكون له تداعيات على القضية الفلسطينية، مستدركاً بالقول: "القضية الفلسطينية لن تموت مطلقاً ما دام الشعب الفلسطيني لا يزال يؤمن بحقه في الأرض، حتى لو كل العالم طبع مع الاحتلال أو اعترف به فإن سر بقاء القضية هي إرادة الشعب".

فيما يرى الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، أن مؤتمر وارسو قد فشل في تحقيق الهدف الرئيسي الذي عقد من اجله وهو تشكيل جبهة إقليمية ودولية لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، وتحول هدف المؤتمر إلى التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي لطعن القضية الفلسطينية بـ"السكاكين" العربية.

وأوضح عبدو لـ"فلسطين اليوم" أن ترامب ونتنياهو يهدفان من خلال عقد المؤتمر الدولي بتشكيل جبهة إقليمية دولية لمواجهة "إيران"، لكنهم فشلوا لعدم تجانس المواقف بين الدول الأوروبية المجتمع في وارسو بالنسبة لإيران وبرنامجها النووي، إضافة إلى أن المؤتمر فشل قبل أن يبدأ بسبب الحضور الضعيف من دول كبرى كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا.

وقال عبدو: إن تحول المؤتمر من تشكيل جبهة ضد "إيران" إلى التطبيع العربي والطعن في القضية الفلسطينية يساعد نتنياهو واليمن الإسرائيلي المتطرف في الفوز بالانتخابات القادمة".

ولفت إلى أن حديث نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس "بان السعودية والامارات والبحرين يتقاسمون الخبز مع إسرائيل" هو دليل على تعزيز مسار المؤتمر ليصبح مؤتمراً للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل".

وأشار إلى أن القضية الفلسطينية حاضرة على مائدة الحضور ليغرس كل هؤلاء المطبعين سكاكينهم في قلب القضية الفلسطينية، مشدداً على أن فشل طعناتهم تمكن في وحدة الشعب والقيادة الفلسطينية وانهاء الانقسام والصراعات بينهم.

فيما اعتبر الكاتب السياسي جبريل عودة بأن عنوان مؤتمر وارسو "تعزيز الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط والتصدي للممارسات الإيرانية" يحمس دول خليجية للمشاركة في المؤتمر كحجة تبريرية لخطواتها التطبيعية مع الكيان الإسرائيلي أمام شعوبها التي تم شحنها إعلاميا، وبشكل مركز ضد ما يطلق عليه "الخطر الإيراني".

ويرى الكاتب عودة في مقال له تحت عنوان "مؤتمر "وارسو" بين العدو الوهمي والثمن المطلوب"، بأن المؤتمر يأتي في إطار تمرير صفقة القرن الأمريكية، حيث يشارك عرابها جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس ترامب، حيث سيتحدث عن الملامح العامة لخطة صفقة القرن، والتي تهدف إلى طمس القضية الفلسطينية وشرعنة الكيان الصهيوني ودمجه في المنطقة، عبر تشكيل حلف أمريكي عربي صهيوني، لمواجهة العدو الوهمي ممثلا بإيران، ولو كان ثمن ذلك التفريط بالحقوق والثوابت الفلسطينية، وخذلان تطلعات شعبنا في العودة والحرية والانعتاق من الاحتلال.

وأشار إلى أن المشاركة العربية في مؤتمر " وارسو"، تعتبر اعترافا رسميا بكيان الاحتلال عبر الجلوس على طاولة تشاورية مع قاتل الأطفال نتانياهو، وهذا الحدث الخطير يشكل اختراقاً كبيراً في الموقف العربي الرسمي، الذي يلتزم بدعم ومساندة القضية الفلسطينية وأن لا شئ يمكن قبوله في العلاقة مع "إسرائيل" الا بعد أن يوافق الفلسطينيين أنفسهم على ذلك.

ولفت عودة في مقاله، إلى أن الرابح الأبرز من مؤتمر "وارسو" هو نتنياهو سواء كان ذلك إنجازاً لـ "إسرائيل" بتحقيق هذا التحالف العربي الأمريكي في مواجهة المخاطر الوجودية التي يتعرض لها كيان الاحتلال، وهي عقدة تلازم الصهاينة لإيمانهم بأن كيانهم مُكون غريب وطارئ على المنطقة، سيتم لفظه إلى خارجها في حالة استعادة المناعة العربية قوته، كما يشكل مؤتمر "وارسو" دعاية انتخابية لنتنياهو بتحقيقه اختراقا في التطبيع مع الدول العربية، وهو أحد الشعارات الانتخابية التي يرفعها حزب الليكود.

وعن المطلوب منا كفلسطينيين قال: "كفلسطينيين لماذا لا يكون مؤتمر "وارسو" وخططه الخبيثة التي تستهدف قضيتنا، أمام هذا التقاعس والتواطؤ والخذلان، علينا أن نلوذ بوحدتنا الوطنية، لن نستطيع مواجهة المؤامرة متفرقين، تأبى العصي إذ اجتمعن تكسرا، وفلسطين جرحنا الذي يوحدنا، وجرحنا الذي لا يشعر به الا نحن بالدرجة الأولي، لا يؤلم الجرح إلا من به ألمُ، أليس كل ذلك مدعاة لنا من أجل استدراك ما فات، والعمل على وجه السرعة في ترتيب البيت الفلسطيني عبر تعزيز الوحدة الوطنية، وسحب الاعتراف وإعادة صياغة الرؤية السياسية الوطنية التي تحفظ الحقوق، وتضمن استعادة المقاومة الشاملة كخياراً إستراتيجياً لشعبنا على طريق تحرير الأرض وتطهير المقدسات، وإعلان الكفاح الثوري في كافة أماكن تواجد شعبنا تمهيداً للعودة إلى فلسطين".

كلمات دلالية