لا زالت نجوم غزة المحاصرة تسطع في السماء الباردة و تنير طريق المُعذبين في أوطانهم، و لا زالت غزة ترسم لوحتها الخاصة بسواعد شبابها و شاباتها، و لا زالت ورودها تُزهر رغم حقول الألغام التي تُحيطها لكي تُثمر نجاحاً و عطاءاً ينبت من بين الركام، و من بين أزقتها الفقيرة.
و لا يكاد يمر يوم إلا و تخرج فيه قصص نجاح صُنعت من بين هذه المعاناة التي يكابدها أبناء غزة، فهذه الشابة "بابل قديح"، 19 عاماً من عبسان قضاء خان يونس جنوب قطاع غزة تخوض غمار التجربة بكل عزيمة و إصرار، و تبتكر مشروعها الخاص، لتعمل في مجال تطبيقات و صيانة الهواتف المحمولة و الأجهزة الإلكترونية.
"قديح"، طالبة في كلية تكنولوجيا الهواتف النقالة بجامعة الأزهر، لم تُخف الصعوبات التي واجهتها في مجالها، لكن شغفها و حبها للتخصص كان أقوى لتزداد إرادتها نحو تطوير هذه الموهبة، و هو ما دفعها للالتحاق كأول فتاة في قطاع غزة بتخصص تكنولوجيا الهواتف النقالة.
و في حديث لـ مراسلة وكالة فلسطين اليوم الإخبارية قالت قديح: "الهاتف النقال وبالأخص الهاتف الذكي هو حاسوب صغير، و أن العمل بهذه المهنة من المهن الشاقة والمتعبة، لكن الارادة والتحدي مطلوبان".
و أضافت أن مشروعها في بدايته واجه صعوبات كأي مشروع آخر، لافتةً الى أن البداية صعبة وكل مهمة لها معيقاتها، وخاصة أمام النساء اللواتي يقتحمن مجالات تقنية، يحتكر العمل فيها الرجال.
و أشارت الى أن الكثير من الفتيات تخشى من وضع اجهزتها في محل يعمل به رجال، حفاظا على الخصوصيات والصور والملفات الشخصية على أجهزتهم، و هذا ما شجعها على الاستمرار في مشروعها رغم التحديات التي تواجهه.
و عن العائد المادي من وراء عملها في هذا المشروع، أشارت قديح الى أن المردود المادي ما زال بسيطاً، و لا تستطيع طلب مبالغ مرتفعة من الزبائن لصعوبة الوضع الاقتصادي في القطاع.
و على الرغم من أن عملها ما يزال حديثاً و من داخل منزلها، و تمتلك أدوات متواضعة، إلا أنها تعمل على تطوير مهاراتها من خلال الانترنت، و كذلك مختصون وخبراء من دول عربية، قاموا بتشجيعها و تقديم الاستشارة لها.
و عن التحديات التي تواجه مشروعها، لفتت قديح الى أن الأغلبية في المجتمع متقبلة للفكرة، وهناك من آخرين يستغربونها، لا سيما أنها تخص الرجال.
و ناشدت قديح الهيئات النسوية والمؤسسات المهتمة بشؤون المرأة لمساندتها، كي تحقق طموحها و تنجح في مشروعها.