البابا فرنسيس يغادر الإمارات بعد احيائه قدّاسا تاريخيا في أبوظبي

الساعة 08:16 م|05 فبراير 2019

فلسطين اليوم

غادر البابا فرنسيس الإمارات الثلاثاء بعد إحيائه في أبوظبي قدّاسا تاريخيا حضره عشرات الآلاف من المقيمين الأجانب في الهواء الطلق، هو الأول لحبر أعظم في شبه الجزيرة العربية، مهد الاسلام.

وكان في وداع البابا ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وصل البابا لإحياء القداس في سيارة بيضاء مكشوفة إلى مدينة زايد الرياضية، حيث حيا المصلّين الذين رفعوا أعلام الفاتيكان، فيما سار بجانب سيارته حراس يرتدون بدلات سوداء.

وتعالت صيحات الآلاف ومعظمهم من دول آسيوية، هاتفين اسم البابا فرحا لدى دخول سيارة البابا أرض الملعب، قبل أن تنسحب منه بعد جولة قصيرة ويصعد البابا إلى المذبح الابيض الضخم أمام المدرجات المكتظة بالحشود الغفيرة، يتوسّطه صليب عملاق.

وقال أحد منظمي الحفل للحاضرين عبر مكبّرات الصوت "كم هو جميل أن يلتقي الاخوة تحت السماء".

وهذه أول مرة في تاريخ شبه الجزيرة العربية التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي الست واليمن، يحيي فيها حبر أعظم قدّاسا.

وذكر شخص في فريق المنظمين عبر مبكرات الصوت ان أعداد المصلين الحاضرين بلغ 50 ألفا داخل الملعب و120 ألفا خارجه، وهو أكبر تجمّع بشري في تاريخ دولة الامارات العربية المتحدة، بحسب ما نقلت وسائل إعلام إماراتية محلية. وكان المنظمون أعلنوا قبل القدّاس ان عدد التذاكر يبلغ 135 ألفا.

ومن بين الحاضرين، نحو أربعة آلاف مسلم أتوا لمشاهدة البابا، بحسب مصادر كنسية محلية.

ونُقل المصلون مجانا في ألفي حافلة من مدنهم المختلفة في الدولة الخليجية، إلى مدينة زايد الرياضية في العاصمة.

وقالت سيفرين موريس (49 عاما) الهندية التي تعمل في أحد المنازل في مدينة دبي منذ نحو عشر سنوات "أنا سعيدة جدا لوجودي هنا. انها هدية"، مضيفة "أنا هنا اليوم لأتبارك (..) وأصلي لكي يختفي كل شيء سلبي".

وغادر البابا بعد انتهاء القدّاس، في ختام زيارة بدأت مساء الاحد.

ويقيم في الخليج أكثر من 3,5 مليون مسيحي، بينهم 75% من الكاثوليك، غالبيتهم عمّال من الفلبين والهند. وتقول النيابتان الرسوليتان في المنطقة إن هناك أكثر من مليون كاثوليكي في السعودية التي تمنع ممارسة أي شعائر دينية باستثناء الاسلامية، ونحو 350 ألفا في الكويت و80 ألفا في البحرين، ونحو 200 إلى 300 ألف كاثوليكي في قطر.

ويعيش نحو مليون كاثوليكي، جميعهم من الأجانب، في الإمارات حيث توجد ثماني كنائس كاثوليكية، وهو العدد الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى المجاورة (أربع في كل من الكويت وسلطنة عمان واليمن، وواحدة في البحرين، وواحدة في قطر).

وتتبع الامارات، التي يشكل الاجانب نحو 85 بالمئة من مجموع سكانها، إسلاما محافظا، لكنّها تفرض رقابة على الخطب في المساجد وعلى النشاطات الدينية فيها لمنع تحولّها الى منابر للتطرّف.

وفي الكنائس، يقيم المسيحيون صلوات يومية، أكبرها يوم الجمعة في بداية عطلة نهاية الاسبوع.

وتقدّم الإمارات نفسها على أنّها مكان للتسامح بين الأديان المختلفة. لكن منظمتي العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" تأخذان عليها منعها الأحزاب السياسية، وتحكّمها بالإعلام المحلي، وملاحقة النشطاء، وتدين دورها في حرب اليمن حيث تشارك في قيادة تحالف عسكري.

ومساء الثلاثاء، كتب ولي عهد أبو ظبي في تغريدة على موقع تويتر أنه أمر "بتشييد بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي وذلك تخليداً لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة للبابا فرنسيس وفضيلة الإمام أحمد الطيب، وتعبيرا عن حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي يعيشه مجتمع دولة الإمارات".

وقال ستانلي بول (45 عاما) الباكستاني المقيم في الامارات منذ 14 عاما "المجيء إلى هنا مهم بالنسبة لنا، حتى يفهم أطفالنا البابا ويرونه".

وتابع مشيرا إلى ابنتيه وجانبه زوجته "انهما مشغولتان طوال الوقت بحياتهما اليومية وبالاجهزة الالكترونية، لكنني أريدهما أن يريا بساطته (البابا) وكيف يتحدّث".

ومن بين جموع المصلين، اختار البابا فرنسيس عمالا مغتربين ليسلّم عليهم.

والبابا الأرجنتيني خورخي ماريو بيرغوليو، المتحدّر من أصول ايطالية لابوين هاجرا إلى الارجنتين، أظهر منذ انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية في 2013، تعاطفه مع المغتربين والمهاجرين.

وقال في عظة ألقاها بالايطالية في ملعب كرة القدم "من المؤكّد أنه ليس سهلاً بالنسبة لكم أن تعيشوا بعيدا عن البيت وأن تشعروا ربما (...) بمستقبل غير أكيد. لكنّ الربّ (...) لا يترك" المؤمنين به.

وتابع "أنتم جوقة تتضمّن تنوّع جنسيّات ولغات وطقوسي، تنوّعا يحبّه الروح القدس ويريد على الدوام أن ينسّقه ليصنع منه سمفونية".

وكان البابا دعا الاثنين في ثاني أيام زيارته، إلى حماية "الحرية الدينية" في الشرق الاوسط، ووقف الحروب خصوصا في اليمن، متحدّثا أمام رجال دين وسياسيين في مؤتمر حول الأديان.

وطالب الحبر الأعظم بحق المواطنة نفسه لجميع سكان المنطقة التي شهدت في السنوات الاخيرة تصاعدا في وتيرة العنف والتعصب مع ظهور تنظيمات متطرفة في مقدمها تنظيم الدولة الاسلامية.

ولم يحدّد البابا أطرافا معيّنة، لكن تصريحاته تتزامن مع مرحلة تشكو فيها أقليات في المنطقة بالتعرض للتهميش، بينها المسيحيون في بعض الدول، والشيعة في السعودية، والبدون في الكويت.

وتخلّل "مؤتمر الأخوّة الإنسانية" توقيع البابا وشيخ الأزهر أحمد الطيب على وثيقة تدعو إلى "مكافحة التطرف"، وتؤكّد على الحرية الدينية وحماية أماكن العبادة وحق المواطنة لـ"الاقليات المهمشة"، قبل أن يتعانقا ويتبادلا القبل.

كلمات دلالية