خبر انتصار؟ الامر يعتمد على النتائج السياسية/ هآرتس

الساعة 09:55 ص|18 يناير 2009

بقلم: زئيف شترنهل

لكل حرب هدف سياسي. وكما قال منذ زمن كلاوزفيتش، الانتصار العسكري ليس هدف بحد ذاته، وهو يحمل مغزى تكتيكيا فقط. كانت هناك انتصارات كبيرة انتهت بهزائم وطنية، بدءا من هانيبال الذي احرز في حربه ضد الرومان احد اكبر الانتصارات في التاريخ، وانتهاءا بحرب حزيران، التي كانت انتصارا زاهرا تلته مصيبة تاريخية.

 

لذلك من الجدير تذكير الجمهور المصاب بنشوة نجاح حملة العقوبات الحالية، بان الانتصار يقاس بنتائجه السياسية وان الهدف الحقيقي هو السلام. في هذا السياق يجدر ان نلفت الانظار الى حقيقة ان حماس قد حظيت رغم هزيمتها العسكرية بعدة نجاحات ستحصدها في المستقبل: هي حصلت على اعتراف من مجلس الامن باعتبارها الطرف المسيطر على مقاليد الامور في غزة. ورغم كونها تنظيما ارهابيا الا انها تخرج من هذه الحرب على صورة الضحية.

 

السبب من وراء ذلك كان الاستخدام اليومي لقوة نارية هائلة، ربما كانت ضرورية على المستوى التكتيكي، ولكن سرعان ما ادت الى انقلاب ليس فقط على مستوى الرأي العام العالمي، وانما ايضا عند الحكومات الصديقة. يبدو انه لا يوجد مشاهدون للتلفاز في العالم لم يتأثروا من مشاهد جثث الاطفال والقتلى. وحقيقة ان اتباع حماس قد انطلقوا من التجمعات السكانية لا تغير من الامر شيئا هنا.

 

لذلك، لم يكن بمقدور الولايات المتحدة او فرنسا ان تسمحا لنفسيهما بالظهور في الامم المتحدة في صورة من يتجاهل قتل المدنيين في غزة. الرئيسان الفرنسي والامريكي فضلا اختيار رأيهما العام على انعدام الاحساس الاسرائيلي. في واشنطن رغب جورج بوش وكونداليزا رايس صراحة بان يتم ذكر ادارة الظهر لسياسة اسرائيل في غزة في سجل فترتهما النهائي. وبذلك عبدا الطريق ايضا امام الرئيس الجديد.

 

علينا ان لا ننسى ايضا، انه لم تطرح بعد كل الاسئلة الصعبة، والفظاعة التي حدثت في غزة لم تتغلغل بصورة كاملة بعد في وعي الاسرائيليين: موت عائلات باكملها مع عديد من اطفالها، سيضرب من الان فصاعدا ضمائرنا، وهذه الحرب ستسجل باعتبارها اكثر الحروب قسوة ووحشية بين الحروب التي شهدناها. من الممكن الافتراض ان أ.ب يهوشع ايضا سيأسف في ما بعد على رسالته التي وجهها لجدعون ليفي والتي نشرت في هذه الصفحة.

 

من المحتمل بالتاكيد ان الشهادات والدلائل التي ستتراكم في المستقبل من الجانبين ستلقي اضواءا صعبة واشد قسوة على هذه الحرب في المستقبل، ولكن يتوجب الان توجيه الانظار نحو المستقبل. بما ان هدف الحرب هو انجاز اهداف سياسية، هناك حاجة لاستغلال الدمار الذي احدث في غزة للشروع الحثيث تحت المظلة الدولية في مفاوضات سلمية شاملة. يجب ان تكون هذه الحرب اخر الحروب في الساحة القريبة منا، وسيكون من الافضل ان انتهت بطريقة تكون مشابهة بعض الشيء الى الطريقة التي آلت اليها حرب يوم الغفران.

 

ومثلما منع هنري كيسنجر في تشرين الاول 1973 القضاء على الجيش الثالث المصري في سيناء، حتى يتيح المجال للمصريين بان يخرجوا من المعركة برأس مرفوع، من الاجدر وضع حد للمعارك في غزة حيث منيت حماس بالهزيمة، ولكنها قادرة على الوقوف على قدميها في نفس الوقت. ان توقفت المعارك الان، فلن يتم وضع حد فقط لمعاناة السكان الفظيعة، وانما سيكون ذلك انتصارا من دون اهانة لا داعي لها للعدو. ربما سيكون من الممكن من خلال ذلك فتح صفحة جديدة.

 

من خلال الرؤية الفطنة للمستقبل، يحذر السماح باسم "الوحدة الوطنية"، بتجميد الخطوات الضرورية للتوصل لاتفاق في الضفة. هناك من الان من يأملون باستغلال حقيقة انه كان من بين المقاتلين في عملية "الرصاص المصهور" ابناء المرحلين من غوش قطيف، سكان المستوطنات او كثيرون من معتمري القبعات المطرزة، من اجل دفن اية مبادرة نحو الحراك في المناطق.

 

من ناحية المصلحة الوطنية، غزة هي مسألة هامشية: مستقبل اسرائيل كدولة يهودية سيحسم في الضفة. لذلك هناك ضرورة لوضع حد للاحتلال، والتوصل الى حل في الجولان، واضفاء الاستقرار على المنطقة قبيل مجابهة المشكلة الاكبر في المستقبل – الذرة الايرانية.

 

طريقة "رب البيت فقد صوابه" غير قابلة للتكرار: احتياط النوايا الطيبة وتفهم احتياجات اسرائيل الخاصة استغلت في غزة حتى الثمالة، والاسرة الدولية لن تسمح بمهاجمة ايران من دون موافقتها. بعد ان اتضح انه لا يوجد اي شيء يمكنه ان يهز ضمير الاسرائيلي الهادىء دائما، سيكون هناك من يعتقدون ان من الضروري تقييد حرية دولة اليهود في الحراك. اسرائيل ستعتبر من الان فصاعدا دولة ذات ردود افعال غير متناسبة وغير مضبوطة وتستدعي الرقابة بالضرورة، ومن الواجب فقط ان نأمل بان لا ياتي يوم نأسف فيه لاننا لم نمتلك الحكمة في الكف عن القتل في غزة في مرحلة مبكرة اكثر.