غزة تشمر عن سواعدها

بعد ركل غزة للمنحة المالية.. هذه هي السيناريوهات المتوقعة!

الساعة 10:33 م|24 يناير 2019

فلسطين اليوم

بعد نحو ثلاثة أسابيع من موعدها المقرر، وافق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منتصف الأسبوع الجاري على إدخال المنحة المالية القطرية الثالثة لقطاع غزة، لكنه سرعان ما تراجع مساء الثلاثاء عقب التصعيد الإسرائيلي، لتبقى المنحة المالية لموظفي غزة مرهونة للمزاج الإسرائيلي، غير أنَّ حماس فَاجَأت المراقبين بقرار "ركلها" المنحة المالية، ردًا على "سلوك" الحكومة الإسرائيلية، ومحاولتها "التملص من تفاهمات التهدئة"، ولاقت خطوة حماس تأييد وترحيب الفصائل فلسطينية.

محللون سياسيون أجمعوا أنَّ رفض حماس" للمنحة القطرية خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، لاسيما بعد أن خضعت المنحة للابتزاز الإسرائيلي، وأصبحت ورقة في إطار الانتخابات الإسرائيلية الداخلية.

وتوقع المحللون أن يعقب رفض حماس للمنحة المالية القطرية "تصعيد محدود" مع الاحتلال الإسرائيلي حال فشل سيناريو نجاح الوسطاء احتواء الموقف من خلال تحركات دراماتيكية قبل اشتعال الأوضاع لاسيما أن ساعات تفصلنا عن جمعة جديدة من مسيرة العودة، مرجحين أن يتمكن الوسطاء من احتواء الموقف والتوصل إلى صيغة تُلزم إسرائيل بالاستجابة إلى تفاهمات التهدئة الأخيرة التي رعتها مصر، وعدم استخدام "التفاهمات" أو أموال المنحة القطرية ضمن بازار الانتخابات الإسرائيلية أو رقة للضغط والابتزاز السياسي.

أكرم عطالله: معركة عض الأصابع في ذروتها بين حماس وإسرائيل، وسيناريو التصعيد الميداني واسع النطاق مستبعد

الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطالله يرى أنَّ رفض "حماس" للمنحة المالية القطرية يأتي ضمن معركة عض الأصابع؛ المعركة القائمة على مبدأ من يصرخ أولاً، ومن يتنازل للآخر.

وأوضح أن كلاً من حماس ومعها فصائل المقاومة من جهة و"إسرائيل" من جهة أخرى تضغطان بكل قوة في معركة حساسة، قائلاً "الحقيقة أنَّ كلاً منهما يريد ان يجعل الآخر يصرخ أولاً، حماس تدرك حاجة "إسرائيل" للهدوء ما قبل الانتخابات و"إسرائيل" تدرك حاجة حماس إلى المال.

وأشار إلى أنَّ "(إسرائيل) تمارس قدراً كبيراً من الابتزاز، وتريد أن تنتزع الهدوء وتنتزع ماء وجه حركة حماس امام الجبهة الداخلية الفلسطينية، لافتاً إلى أنَّ القدر الكبير من الابتزاز الذي تريده (إسرائيل) لا تستطيع حماس أن تهضمه ولا تستطيع ان تتحمله؛ وبالتالي أعلنت موقفها بشكل واضح، ورفضت الأموال القطرية التي باتت تشعر أنها مغمسة بالذل".

واستبعد عطالله أن يقع تصعيد بين الفصائل الفلسطينية و"إسرائيل"، لاسيما في ظل أن كلا الطرفين يحتاج إلى تهدئة، ولا يريد اللجوء إلى السيناريو "العنيف"، مشيراً إلى أنَّ كل ما تريده سواء "إسرائيل" أو حماس هو "تحسين الشروط" والخروج بأقل الخسائر، مرجحا تدخل الوسطاء لمحاصرة التوتر الحاصل، قائلاً "المفاوضات وتدخل الوسطاء هو السيناريو الأقرب بعد رفض حماس للمنحة القطرية، لاسيما في ظل عدم رغبة أي طرف من الأطراف سواء الإسرائيلي أو الفلسطيني أو حتى الوسطاء الوصول إلى سيناريو الحرب أو حتى تصعيد محدود".

وقال: المفاوضات -حتى اللحظة- جارية، ومن الممكن أنْ يتم إنزال الجميع -بصيغة او آلية معينة – عن الشجرة بشكل يحفظ ماء وجه الجميع ويلبي حاجاتهم، لأن الكل يدرك بشكل واضح أنَّ الخيار الآخر للمفاوضات والقبول بحلول الوسط مكلف للطرفين (حماس واسرائيل) ولا يريد أي طرف منهما أنْ يتحمل تكاليف الخيار الآخر المتمثل بالحرب.

حسن عبدو: خطوة حماس رفض استقبال الأموال القطرية في الاتجاه الصحيح، وإبقاء الوضع على ما هو عليه يزيد من احتمالات انفجار غزة

الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو رأى أنَّ خطوة حماس رفض إدخال الأموال بالطريقة التي تريدها "إسرائيل" خطوة في الاتجاه الصحيح، لاسيما بعد أنْ أضرت طريقة إدارة إسرائيل لإدخال الأموال القطرية بالقضية الفلسطينية ومسيرات العودة.

وأوضح عبدو أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو سعى من خلال إدارة إدخال أموال المنحة القطرية أن يخفض من سقف أهداف مسيرة العودة، وأن يقتصر هدف المسيرة في إدخال الأموال، مشيراً إلى أنَّ نتنياهو كاد أن ينجح في مبتغاه، وأن يغتال أهداف مسيرات العودة من خلال حصارها في هدف واحد وهو إدخال الأموال.

وذكر عبدو أن استمرار قبول الفصائل الفلسطينية في غزة بمبدأ الهدوء مقابل الأموال على الطريقة التي يريدها نتنياهو كان من شأنه أن يشكل إساءة للنضال الفلسطيني في مجمله، ويضرب مبرراته، وأن يصمه بالعمل غير الأخلاقي وإظهار الفلسطينيين بأنهم لا يقاتلون من أجل الحرية والانعتاق من نير الاحتلال، وإنما القتال من أجل المال، كما يصب في صالح "إسرائيل" بإظهارها دولة أخلاقية تشتري الهدوء بالمال، الأمر الذي من شأنه أنْ يُظهر فصائل غزة بمظهر سيء وأن يظهرها بمظهر العصابات التي تبحث عن المال وتوفر الهدوء للآخر من اجل المال.

وأضاف: عدم خضوع الفصائل لابتزاز نتنياهو، ورفضها لمبدأ المال مقابل الهدوء خطوة في الاتجاه الصحيح، وتعيد الصدارة لمسيرة العودة التي انطلقت للتخلص من الحصار الإسرائيلي الظالم.

وتوقع عبدو أن يعود الوسطاء إلى مسرح اللعب على تمتين التفاهمات ومحاولات إنهاء الحصار أو التخفيف من آثاره، مشيراً إلى أنَّ فشل سيناريوهات رفع الحصار، وإبقاء الوضع على ما هو عليه من شأنه أنَّ يزيد من احتمالات انفجار قطاع غزة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أنَّ الانفجار قد يكون "غير محدود الأفق"، وسيضر بالجميع ومن ضمنهم بشكل مؤكد "إسرائيل".

مصطفى الصواف: السيناريو المتوقع تصعيد مسيرات العودة وتفعيل أدواتها الخشنة، والتزام المقاومة بحماية المشاركين بشكل صارم

بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف الخطوة التي اتخذتها حركة حماس برفضها للأموال القطرية بالطريقة التي تريدها إسرائيل بالخطوة "الممتازة"، داعياً إلى تعزيز الخطوة بسلسلة من الإجراءات التي من بينها إبلاغ الوسطاء بشكل واضح وصريح أن عدم التزام الاحتلال بالتفاهمات الأخيرة قد يؤدي إلى تصعيد.

وأشار الصواف إلى أنَّ رفض حماس للمنحة يرجع إلى محاولة نتنياهو ابتزاز غزة لصالح الاستفادة من إجراءاته فيما يتعلق بالمنحة في معاركه الانتخابية الداخلية، مبيناً أنَّ شعبنا لا يمكن أن يخضع للابتزاز ولا يمكن أن يقبل بالشروط التي يضعها نتنياهو.

وتوقع الصواف أن يلحق رفض حركة حماس لإدخال الأموال القطرية تصعيد ميداني أكثر خطورة على إسرائيل، وأن تتصاعد مسيرات العودة بشكل غير مسبوق، وان تعود أدوات المسيرة الميدانية إلى جانب أدوات مستحدثة، وأن تقف المقاومة خلف المسيرة، وأن تلتزم بالرد عند كل اعتداء، الأمر الذي قد يصل إلى مواجهة غير محمودة العواقب لا تقتصر آثارها على قطاع غزة فقط.

وعن سيناريو تحركات الوسطاء، قال الصواف: العمادي حمل إلى إسرائيل الرسالة التي حملته إياها حركة حماس، ومفادها أنها أكبر من الابتزاز، وأنها ليست ورقة ضمن بازر الانتخابات الإسرائيلية، وربما تتجاوب إسرائيل وأن ترفع الشروط التي تضعها على المنحة، لكن في كل الأحوال على الاحتلال أن يفهم شيئاً وأحداً أن شعبنا لا يمكن أن يخضع للابتزاز.

ومساء الخميس، قررت الحكومة الإسرائيلية، السماح بنقل منحة مالية، تقدمها قطر لقطاع غزة، بالتزامن مع قرار "حماس"، رفض استقبالها.

وأعلنت "حماس"، وعلى لسان خليل الحية، نائب رئيسها في قطاع غزة، الخميس، رفضها استقبال المنحة المالية، ردا على "سلوك" الحكومة الإسرائيلية، ومحاولتها "التملص من تفاهمات التهدئة".

وقال الحية، في مؤتمر صحفي بغزة: "نرفض استقبال المنحة القطرية الثالثة، ردا على سلوك الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولته ابتزاز شعبنا، والتملص من تفاهمات التهدئة التي رعتها مصر وقطر والأمم المتحدة".

وكانت الحكومة الإسرائيلية، قررت، قبل نحو 3 أسابيع، وللمرة الثانية، وقف تحويل المنحة القطرية، ردا على ما قالت إنها "أعمال عنف" وقعت قرب المنطقة الحدودية للقطاع.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قررت قطر تقديم دعم لقطاع غزة، بقيمة 150 مليون دولار، كمساعدات إنسانية عاجلة، للتخفيف من تفاقم المأساة الإنسانية في القطاع.

كلمات دلالية