خبر حسابات الحقل والبيدر - رعب الهزيمة البرية!../ نواف الزرو

الساعة 05:21 م|17 يناير 2009

17/01/2009  14:13 

 

حسب مختلف التحليلات وتقديرات الموقف العسكري الميداني سواء الاسرائيلية او الاجنبية، فإن هزيمة "إسرائيل" الميدانية في لبنان في صيف/2006 كان لها فعلها الكبير في الحرب العدوانية الاسرائيلية على غزة...!

 

فوفق جملة من التحليلات والتقديرات الاستراتيجية الاسرائيلية فإن تباطؤ أو تراجع أو فشل جيش الاحتلال في التقدم إلى الأمام، أو في حسم مسالة الاجتياح الشامل لغزة، له علاقة مباشرة ليس فقط بحجم المقاومة والتصدي وتحمل التضحيات الفلسطينية على نحو أسطوري، بل له علاقة مباشرة بالهواجس التي لبستهم في أعقاب هزيمتهم الساحقة في لبنان صيف/2006...!.

 

كان بنك الاهداف لديهم كبيرا واسعا متحركا، وكان جنرالاتهم منتشين إلى حد الغرور السافر في حربهم على غزة، إلا أن ملحمة الصمود والتصدي والاشتباكات الشرسة والخسائر الفادحة التي تكبدوها لعبت وتلعب دورا سيكولوجيا في حالة الارتباك التي هم عليها...!.

 

فهم يريدون ويرغبون بالاجتياح والتدمير الشامل لكافة البنى التحتية الفلسطينية ولكنهم يخفقون ويتخبطون..!

هم أنفسهم يسألون ويتساءلون عن أسباب ذلك...؟!

 

فبينما أعلن وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق موشيه ارنس في هآرتس–31/12/2008- منذ البداية أنه "لا مناص من الدخول إلى غزة"، كتب اليكس فيشمان محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت احرونوت 2008/12/21" الاسرائيلية مبكرا قبيل العدوان بأيام:" إن هناك تخوفا واضحا من الجانب الاسرائيلي من الإقدام على مغامرة غير محسوبة النتائج، ولا تراعي الظروف الإقليمية والدولية الحالية، قد تنقلب ضد ما تريده إسرائيل من عملية كهذه"، وأشار إلى أن "حماس" تدق الطبول وعندنا يلتف القادة بالبطانيات ويُصلون طلبا لسقوط المطر لعل الطقس ينقذهم من اتخاذ القرار بالبدء في الاشتباك". وتساءل "ما هو المطلوب لإزالة سحب العاصفة المتكدرة فوق قطاع غزة؟"، ويضيف "القيادة الاسرائيلية تتخوف من التورط العسكري على النمط اللبناني - مع خسائر فادحة لقواتنا، مع نتائج سياسية مشكوك فيها، مع المزيد من الضرر للردع ومع مزيد من الضرر في الصورة الدولية – يشلهم".

 

وانضم المحلل العسكري ناحوم برنيع ليدلي بدلوه هو الآخر في يديعوت احرونوت-19 / 12 / 2008 مستخلصا:"الحكومة الاسرائيلية تعيش صدمات فشل حرب لبنان الثانية، ولشدة المفاجأة كان أكثر المتأثرين بصدمة الحرب شخصان لم يكونا ضالعين فيها: رئيس هيئة الأركان جابي اشكنازي ووزير الدفاع ايهود باراك، هناك من يقول إن اشكنازي هو الأكثر حذرا بين رؤساء هيئة الاركان، وهناك من يقول إن الخوف من الفشل يشله، رئيس هيئة الأركان لا يثق بالعملية ولا يؤمن بها".

 

الأمر الذي أكده مصدر أمني إسرائيلي مسؤول قائلا:"إن موقف الجيش الإسرائيلي والدوائر الأمنية من تنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة يعتمد على العبر التي تم استخلاصها من حرب لبنان الثانية في تموز 2006م"، وأشار هذا المسؤول الذي لم تفصح عن هويته الإذاعة العبرية العامة إلى"أن الاعتبارات المتعلقة بهذا الموضوع مهنية بحتة، وأن الدوائر الأمنية في "إسرائيل" لا تريد تكرار الأخطاء التي ارتكبت في الماضي في عملية صنع القرارات".

 

وفي السياق ذاته وعلى خلفية الكشف عن 8 صواريخ "كاتيوشا" معدة للإطلاق باتجاه إسرائيل في جنوب لبنان قبل العدوان بيوم، عنونت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عددها الصادر الجمعة/26/12/2008 / بـ"مخاوف من جبهة ثانية في لبنان"، وفي هذا السياق نقلت الصحيفة عن مختصين إسرائيليين قولهم "إن الصواريخ هي جزء من الترسانة الجديدة التي يقوم حزب الله ببنائها بعد الحرب الأخيرة على لبنان، استعدادا لمواجهة محتملة"، كما أشارت الصحيفة إلى ما درجت تسميته في وسائل الإعلام العبرية بـ"المحميات الطبيعية-على طريقة حزب الله"، وذلك في إشارة إلى "استعدادات قطاع غزة لمواجهة محتملة مع الجيش الإسرائيلي، والتي تشتمل على الخنادق المشجرة (المحميات الطبيعية) والأنفاق المفخخة ومنصات إطلاق الصواريخ والألغام والعبوات الناسفة الإيرانية الصنع والمضادة للدبابات".

 

وتعزيزا لكل ما سبق اعلاه كتب المحللان الاسرائيليان عاموس هارئيل وآفي يسسخروف في هآرتس/

28/12/2008/ تحت عنوان" بسبب تلك حرب لبنان 2006 تأتي غزة 2008" يؤكدان:" تدور حرب غزة تحت ظل حرب لبنان الثانية الثقيل، وإن كانت الأيام الأولى قد تميّزت بتصريحات متغطرسة وتفعيل قوة قليلة نسبيا، فإن إسرائيل تحاول هذه المرة إجراء مغايرا: حيث أن الأهداف التي تمّ تحديدها للعملية، في هذه المرحلة، متواضعة جدا، فالقوة التي تستعمل نسبيا إلى مساحة غزة الصغيرة، هائلة، إنه الهجوم الأعظم الذي تتعرض له غزة منذ احتلالها في العام 1967".

 

وفي صميم المسألة وبينما كتب الثنائي عاموس هرئيل وآفي يسسخروف في هآرتس الجمعة 2 / 1 / 2009 يقولان: "إن المعضلة التي وقف أمامها أصحاب القرار في إسرائيل لا تختلف كثيرا عن تلك التي استنزفتهم معظم أيام حرب لبنان الثانية: الدخول أم عدم الدخول؟، تناولت الصحف تطورات الحرب وأجمعت على أنه "قبل 41 عاما كانت الأيام الستة كافية لأن تحتل إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان بعد أن هزمت الجيوش العربية، لكن على ما يبدو، فإن إسرائيل اليوم تخشى وتحسب ألف حساب لشن عملية عسكرية برية، حتى لو كانت محدودة، في القطاع"، وتراوحت مواقف المحللين الإسرائيليين ما بين "التحذير من عملية عسكرية برية وتوجيه الانتقادات لتكرار "أخطاء" حرب لبنان الثانية والإشارة إلى المكاسب التي يحققها السياسيون الإسرائيليون، عشية الانتخابات العامة، من الحرب على غزة".

 

ولكن- رغم كل هذه الهواجس والمخاوف في قصة الاجتياح الشامل يؤكد المحلل عوفر شيلح في معاريف قائلا:"دون فرح، وبانعدام ثقة متبادلة بين أعضائها، ودون اتفاق على هدف حقيقي أو وسائل لتحقيقه، تتدحرج القيادة الاسرائيلية الى ما يبدو في هذه اللحظة كخطوة برية محتمة".

 

ولكن- وعلى الارض وبينما أخذت تلك الحكومة تتدحرج فعلا للمعارك البرية العنيفة، أخذ جيشها وأخذت ألويتها النخبوية الخاصة تجابهة مقاومة أسطورية قلبت عمليا كافة حساباتهم وأنهت أهدافهم الكبيرة...!

 

وهكذا - فان حسابات الحقل لديهم لم تتماش مع حسابات البيدر، فهم مترددون ومتخوفون من الاجتياح الشامل لغزة وللمدن والمخيمات، ومن النتائج التي قد تأتي على غير ما يبيتون ويخططون ويريدون، بل وقد تكون النتائج قاسية جدا ميدانيا في ضوء احتمالات أن تتحول غزة فعلا الى حقول ألغام متراصفة تحت أقدامهم، وأن تكون عملية اجتياحهم لغزة صعبة قد تعتبر "معركة جنين بمثابة نزهة صيفية معها" كما يتخوفون.