بالفيديو شابٌ غزي يحترف فنَّ "الأوريغامي" ويعيد الحياة للكتب

الساعة 05:29 م|20 يناير 2019

فلسطين اليوم

كوبُ الشاي أصبح باردًا.. الساعاتُ تمرُّ تباعًا كأنه مشهدٌ من فيلمٍ قام مخرجه بزيادة سرعة اللقطات فيه.. شابٌ وأريكةٌ وطاولةٌ صغيرةٌ، وبين كفي الشاب كتابٌ قديمٌ يكحُّ تاريخًا، يُقلبهُ يمينًا ويسارًا مع انسجام واضح بين حركة يديه وصوت الموسيقى، وكأنه يَجبُل التاريخَ ليصنع تحفة الحاضر.

15 ساعةً لا يذكر الشاب أحمد حميد (29 عامًا) كم مرة أخذ فيها قسطًا من الراحة، وكل ما كان يدور في رأسه، هو كيف له أن يحول شغفه بفنٍ عجيبٍ جديدٍ إلى حقيقةٍ وواقع، وكيف له أن يمسح وجه الكتب القديمة بأوراقها الصفراء، ليعيد لها لمعانها وبريقها، هذا هو فن "الأوريغامي" بكل بساطة.

ليس صعبًا أن تفهم ما يقوم به حميد فببساطة هو فن "طي الورق"، الذي ارتبط كثيرًا بالثقافة اليابانية، لكن من الصعب حقًا تحمَّل كل هذه الساعات من أجل الخروج بقطعة واحدة فيها من التعب والشغف والدقة الكثير.

بدأ الأمر قبل عامٍ عندما كان الشاب أحمد يتفقد تطبيق "انستغرام" ليتفاجأ بصورة جذبته واحتلت تفكيره سريعًا، وبعد السؤال عنها اكتشف أنها تتبع لفن "طي الورق" المشهور جدًا في اليابان، وأن لهذا الفن أعلامٌ برزوا فيه.

من صفحة لأخرى أخذ الشاب يُعاين شغفه الجديد ويبحث عنه أكثر، حتى تواصل بعد مدة من الزمن مع أحد الفنانين اليابانيين الشباب، وأخبره عن شغفه وحبِّه للأوريغامي، ورغبته في التعلِّم، إذ وجد قبولًا وترحيبًا ودعمًا من الفنان الياباني الذي تواصل معه باللغة الانجليزية.

ويقول حميد لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية"، "عانيت في البحث عن الكتب القديمة في البداية واستشرت الكثيرين حتى توصلت إلى كنزي في الأسواق الشعبية وخاصة سوق الزاوية في مدينة غزة، حيث المحلات القديمة التي تحتوي على الكثير من الكتب والتحف".

التحدي كان صعبًا فبعد أن قام الفنان الياباني بتعريفه بالبرنامج الخاص برسم النماذج وجد الشاب نفسه وحيدًا تائهًا، لكن واصل شغفه رغم نكسات الإحباط التي ألمَّت به، حتى خرج بجنينه الأول، الكتاب الذي أخذ 18 ساعة من العمل.

"مع بداية احترافي للفن عرضت ما أقوم به على فنانين أصدقاء وموهوبين، وقاموا بدعمي وطلب بعض الحروف أو الكلمات لأصنعها لهم وهذا ما كان، وهم من شجعوني على تحويل شغفي إلى مصدرٍ للزرق". يضيف حميد.

ولأنه عصر التكنلوجيا استغل أحمد تطبيق "انستغرام" المختص بالصور والفيديو، وقام بعرض أعماله التي أخذت شهرةً جيدة في قطاع غزة، نظرًا لتميز فنِّه عن غيره وندرته، وشيئًا فشيئًا أصبح يستقبل طلبات الزبائن، فهذا يريد تشكيل تاريخٍ معين، وذاك يريد اسمًا أو شعارًا وهكذا..

ومن صعوبات الفن يوضح حميد أن: "أحجام الكُتب، وعدد الكلمات المطلوبة، حتى نوع الأوراق وعددها، كلها لها دور في هذا الفن، حيث أنني في البداية كنت أعاني من فشل العديد من المشاريع بسبب عدم خبرتي في المجال". يتابع حميد. 

يتلقى الفنان الشاب العديد من الطلبات داخل قطاع غزة، واستفسارات عديدة حتى من الجاليات العربية في الخارج عن إمكانية توصيل الأعمال لهم، نظرًا لأنه يتميز عن الآخرين من الفنانين بكونه يعمل على تشكيل الحروف العربية.

"لدي طموح لإقامة معرض على مستوى اقليمي وعالمي، حتى أستطيع نشر شيء مميز باللغة العربية، والتأكيد على أن الشباب في قطاع غزة وفلسطين رغم كل ما يحدث لهم، قادرين على الإبداع، وقادرين على زرع الفرحة رغم الألم الذي يعيشونه". يتابع.

ويعتبر حميد أنه كان محظوظًا بالدعم الكبير الذي تلقاه من أهله وخاصة والدته، وأصدقائه المقربين الذين ساعدوه كثيرًا في توفير الكتب، وفي تشجيعه الدائم على العمل والتقدم والمثابرة، متمنيًا أن يحظى الأمر باهتمام المؤسسات المحلية والمختصة بالفنانين.

ويضيف: "أسعى لطرق أبواب المؤسسات المختصة، وفي الآونة الأخيرة جرى التواصل مع المركز الفرنسي في قطاع غزة من أجل إقامة أول معرض لفن الأوريغامي في قطاع غزة، وطموحي أن ينجح الأمر في غزة وخارجها، وأن أشق طريقي من هنا نحو العالمية".

غزة وكما عودت العالم أجمع تكتظ بالمواهب التي تبحث في أزقتها عن فرصة للظهور وإبراز طاقاتها، ولا زالت كل يومٍ تنجب موهبة جديدة، صقلها الوجع فقوى من عزيمتها وإصرارها على النجاح.

احمد حميد فن الاوريغامي.JPG
MAJD2500.JPG
احمد حميد - فن الاوريغامي (6).JPG
065A3060.JPG
احمد حميد - فن الاوريغامي (4).JPG
احمد حميد - فن الاوريغامي (5).JPG
065A3052.JPG
065A2996.JPG
065A2910.JPG
065A2841.JPG
 

كلمات دلالية