خبر ًتقرير شامل لمنظمات الأمم المتحدة...غزة منطقة منكوبة إنسانياً وبنيويا

الساعة 05:20 ص|17 يناير 2009

 

القدس المحتلة: فلسطين اليوم

"يتعرض الأطفال إلى الألم مع مرور كل يوم، وتصاب أجسامهم الصغيرة وتدمر حياتهم الفتية. إنهم ليسوا مجرد أرقام. إنها أحداث تتحدث عن توقف حياة الأطفال... لا يستطيع أي شخص أن يشاهد ذلك بدون التأثر... لا يمكن لأي أب أو أم أن يرى بذلك بدون أن يتصور فلذة كبده في نفس المشهد. انه أمر مأساوي". كلمات السيدة آن فينيمان، المديرة التنفيذي لمنظمة اليونيسيف، 14 كانون الثاني.

هذه الكلمات تضمنها تقرير شامل لمنظمات الإنسانية التابعة للامم المتحدة والتي لخصت اوضاع القطاع بانها "منطقة مآساه منكوبة إنسانيا و بنيويا.

1.000 فلسطيني...منهم 346 طفلا

منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة بتاريخ 27 كانون الأول لغاية 15 كانون الثاني، قتل 1.086 فلسطيني وجرح أكثر من 4.900 شخص طبقا لوزارة الصحة الفلسطينية. لقد أدت العمليات الإسرائيلية إلى دمار كبير للمنازل والبنية التحتية العامة، والى تهديد خدمات المياه والصرف الصحي والخدمات الطبية. قصفت مدراس الأمم المتحدة التي وفرت مأوى للنازحين من منازلهم، وقتل عاملون في المنظمات الإنسانية ودمرت سيارات الإسعاف، وعلق المرضى والجرحى بدون تلقي المساعدة الضرورية. ونزح ما يقرب من 90,000 شخص من منازلهم. وتحدث جون هولمز، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 14 كانون الثاني بقوله انه بينما تحاول القوات الإسرائيلية بدون شك، كما يقولون، تقليل الخسائر المدنية... إلا انه من الواضح أنهم لم ينجحوا بذلك.

قتل وجرح الأطفال

و لغاية 15 كانون الثاني، ما يقرب من 32% من الوفيات هي من الأطفال (346). وجرح ما يقرب من 1709 أطفال، وبعضهم تعرضوا إلى جراح متعددة، في الفترة بين 3 إلى 14 كانون الثاني، ارتفعت معدلات الوفيات في صفوف الأطفال بنسبة تزيد عن 340%.

 وصرح وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية السيد جون هولمز: "إن الوضع بالنسبة للسكان المدنيين في غزة مخيف ومروع والأثر النفسي، خاصة على الأطفال وأهلهم الذين يشعرون بالعجز عن حماية أطفالهم. انه وضع الذي يحصل فيه المدنيون على فترات قصيرة جدا من الهدوء وحيث لا يجدون أي مخرج بسبب إغلاق الحدود والمعابر".

يوجد ما يقرب من 800,000 طفل في غزة ويشكل الأطفال ما نسبته 56% من سكان القطاع وهي منطقة تعتبر من المناطق الأشد ازدحاما في العالم.

القتل في حي الزيتون

بعد إخلاء 18 جريحا فلسطينيا بتاريخ 7 كانون الثاني، ما زالت طواقم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني غير قادرة على دخول حي الزيتون بسبب غياب الموافقة الإسرائيلية. ومضى على الحادثة تسعة أيام منذ استهداف المنطقة لأول مرة؛ ويوجد عدد غير معروف من الجرحى والجثث في تلك المنطقة.

الهجمات على الطواقم الطبية والإنسانية

وقد قتل 12 فرد من الطواقم الطبية من قبل القوات الإسرائيلية منذ 27 كانون الثاني. وبعد الحادثة التي قتل فيها عامل متعاقد مع الأونروا خلال القصف الإسرائيلي على قافلة متعاقدة مع الأمم المتحدة بتاريخ 9 كانون الثاني، قامت الأونروا واللجنة الدولية للصليب الأحمر بتعليق العمليات وتنقل الطواقم في كافة مناطق القطاع لمدة يوم واحد بسبب المخاطر الأمنية

ولم تتوقف الأمور عن حد مهاجمة الطواقم الطبية بل تعداها الى منعهم من اداء اعمالهم تتسلم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ما معدله 130 نداء لإخلاء الجرحى في اليوم. العديد من المناطق المغلقة تتطلب الموافقة الإسرائيلية لدخولها.

و أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنها تحتاج الى ما لا يقل عن ست ساعات للحصول على الموافقة للدخول إلى المناطق المغلقة لإخلاء الجرحى الفلسطينيين وهذا فقط في حال استجابة وموافقة الإسرائيليين لاجراء عملية الاخلاء.

وتحدثت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن حالات يوجد فيها جثث لأشخاص قتلوا في فترة تصل إلى 3 كانون الثاني لم يتم انتشالها بسبب غياب الموافقة الإسرائيلية، وعبرت عن قلقها حيال الأثر الصحي المحتمل لتحلل الجثث في الشوارع.

تعتبر عمليات إخلاء الجرحى والممر الآمن لسيارات الإسعاف والطواقم الطبية من المبادئ الأساسية في القانون الإنساني الدولي، ويجب تسهيل هذه المهام في كافة الأوقات.

الشهادات من مستشفى ناصر للأطفال التي وفرت إلى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: بتاريخ 13 كانون الثاني، فتحت القوات العسكرية الإسرائيلية النار بشكل مكثف على فرد من أفراد الطواقم الطبية التي كانت في طريقها لإخلاء امرأة كبيرة في السن في منطقة خزاعة في خان يونس. واضطر أن يختبئ في مبنى مجاور واستمرت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار بشكل متكرر على المبنى. وتم الاتصال بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لكنهم لم يتمكنوا من الاتصال بالشخص العالق بسبب كثافة إطلاق النار. وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية خلال ساعات المساء، كانت المرأة قد نزفت حتى الموت.

مادة الفسفور

صدرت العديد من التقارير حول الاستخدام المحتمل من قبل إسرائيل لمادة الفسفور. ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يستخدم الفسفور الأبيض للتغطية على النشاطات العسكرية لكن بسبب الكثافة السكانية العالية في غزة، فان استخدام هذه المادة يهدد حياة السكان المدنيين حيث أن الفسفور مادة سامة وعالية الاشتعال عند تفاعلها مع الهواء. طبقا لرئيس قسم الطوارئ في وزارة الصحة في غزة، العديد من المرضى يشكون من نفس الأعراض عند تعرضهم لهذه المادة حيث يحصل احتراق للجلد مع صعوبة في التنفس وتقلصات لاإرادية في الحلق. طبقا لمنظمة هيومان رايتس واتش، استخدام الفسفور الأبيض في مناطق مكتظة بالسكان يخالف متطلبات القانون الإنساني الدولي الذي يدعو إلى استخدام كافة الاحتياطات لتجنب إصابة المدنيين والوفاة.

وقف الأعمال العدائية

خلال فترة التقرير الحالي، نفذت القوات الإسرائيلية بشكل يومي تهدئة لمدة ثلاث ساعات لأغراض إنسانية من اجل السماح للسكان المدنيين بالوصول إلى اللوازم الأساسية والخدمات الطبية. لكن المنظمات الإنسانية عبرت عن قلقها تجاه التغييرات اليومية في الجدول الزمني بحيث يصعب على المواطنين معرفة الفترة الآمنة للخروج والبحث عن الحاجيات.

نزوح أكثر من 35,000 فلسطيني من منازلهم

تسارع معدل نزوح الفلسطينيين من منازلهم بحثا عن مأوى في مرافق الأونروا بعد العملية البرية التي بدأت بتاريخ 3 كانون الثاني. بتاريخ 8 كانون الثاني، كان هناك ما يقرب من 16,000 فلسطيني متواجدين في مرافق الأونروا. ولغاية 14 كانون الثاني، كان هناك 41 ملجأ تابع للاونروا يوفر مأوى إلى 37,937 نازح. بالرغم من عدم معرفة الرقم الدقيق لعدد النازحين، تشير تقديرات مركز الميزان لحقوق الإنسان أن هناك 80,000 – 90,000 نازح، بما يتضمن 50,000 طفل.

وفرت الاونروا مياه الشرب والخبز واللحوم المعلبة إلى كافة الملاجئ. وبالرغم من إدخال ثلاث شاحنات من المواد الأساسية غير الغذائية تابعة للأونروا، يوجد نقص في الأغطية والفرشات والحقائب الصحة والنظافة الشخصية والمولدات في مرافق الاونروا.

الأوضاع الصحية في غزة

وفي ظل وجود آلاف الجرحى الذين يعالجون في مرافق الرعاية الصحية، عبرت منظمة الصحة العالمية عن قلقها تجاه نظام الرعاية الصحية الذي يواجه ضغوطات متزايدة بسبب استمرار القصف الإسرائيلي على وبالقرب من المرافق الطبية وتدفق أعداد كبيرة من الإصابات وعدم التمكن من الوصول إلى الجرحى ونقص المياه الآمنة والوقود والطاقة.

وخلال الأسبوع، تضرر مستشفى غزة الأوروبي ومستشفى ناصر للأطفال ومركز سبحه الحرازين ومستشفى الدرة للأطفال ومركز هالة الشوا للرعاية الصحية الأساسية بسبب القصف ونيران المدفعية.  بتاريخ 11 كانون الثاني، دمرت الصواريخ الإسرائيلية عيادة مشتركة بين مؤسسة مساعدات الكنيسة الدنمركية والخدمات المسيحية العالمية.

ان توقف برنامج التطعيمات ونقص المياه الآمنة والضرر الذي لحق بأنظمة الصرف الصحي والكثافة السكانية تزيد إلى حد كبير من مخاطر انتشار الأمراض.

توفير المزيد من الطاقة إلى المستشفيات

وكانت المنظمات وخلال تقاريرها السابقة قد أشارت التقارير إلى نقص الوقود والكهرباء إلى المستشفيات واحتمال انهيار المولدات في المستشفيات بالنظر إلى انقطاع التيار لمدة 24 ساعة. هذا الأسبوع، الوضع فيما يتعلق بالطاقة إلى المستشفيات استقر إلى حد كبير. طبقا لمنظمة الصحة العالمية، تستطيع محطة الطاقة تزويد كافة المستشفيات بالطاقة لمدة 3-4 ساعات في اليوم، وتزود الاونروا إلى المستشفيات وقود إضافي، ومعظم المستشفيات لديها وقود احتياطي لتشغيل المولدات الاحتياطية لمدة خمسة أيام.

نقص الغذاء في غزة

بالرغم من تصاعد العنف في الفترة بين 7 -13 كانون الثاني، دخل إلى غزة 436 شاحنة أي أكثر من ضعف عدد الشاحنات خلال شهري تشرين الثاني (81 شاحنة) وكانون الأول (100 شاحنة) – خلال فترة التهدئة برعاية مصرية.

لكن ارتفاع الواردات الغذائية لا يلبي الاحتياجات التي ارتفعت نتيجة للعمليات العسكرية. المواد الغذائية الأساسية تبقى شحيحة وغير متوفرة، خاصة الدجاج، السمك، اللحوم المجمدة، والحليب. بتاريخ 12 كانون الثاني، فتحت 12 من أصل 47 مطحنة و مخبز.

و بسبب تزايد المخاطر الأمنية في مناطق النزاع، منتجات الفواكه والخضار المحلية محدودة. نقص السيولة النقدية، وغاز الطهي والوقود وانقطاع التيار المتكرر فاقم الأوضاع الصعبة التي كانت صعبة أصلا بسبب الحصار الإسرائيلي.

الكهرباء والوقود في غزة

خلال فترة التقرير تحسن وضع الكهرباء في غزة بشكل طفيف. في بداية الفترة (9 كانون الثاني)، كان ما يقرب من 70% من سكان غزة بدون كهرباء. بالرغم من إصلاح الكثير من الأضرار التي أصابت الخطوط الطاقة الرئيسية خلال الأسابيع الماضية من القتال في 8-9 كانون الثاني، العديد من العوامل ساهمت في استمرار نقص الكهرباء. وتحديدا، الضرر المحلي إلى الخطوط الرئيسية داخل البنية التحتية للكهرباء والمصاعب اللوجستية في توفير الطاقة إلى محطة الطاقة في وجه القصف الإسرائيلي المتواصل كانت من الأسباب المساهمة. 60% من سكان غزة يعيشون بدون كهرباء لغاية 14 كانون الثاني.

المياه والصرف الصحي

بتاريخ 14 كانون الثاني، ما يقرب من 500,000 مواطن يعانون من نقص المياه وبقية السكان يحصلون على مياه لبضعة ساعات مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع. أفادت مصلحة مياه البلديات الساحلية أن كثير من الضرر لحق بأنظمة المياه والصرف الصحي الذي لم يتم إصلاحه بسبب الخطر في الوصول إلى الخطوط المدمرة. الكثير من مضخات المياه والمياه العادمة لا تعمل حاليا بسبب نقص الكهرباء وإمدادات الوقود لتشغيل المولدات الاحتياطية وقطع الغيار.

أشارت التقارير إلى تدفق مياه الصرف الصحي في بيت حانون وبيت لاهيا خلال الأسبوع. بسبب المخاطر الأمنية المتزايدة، لم تتمكن الاونروا من توفير الوقود إلى محطة بيت لاهيا لمعالجة المياه العادمة من أجل تخفيف الضغط على أطراف بركة مياه الصرف الصحي. هناك مخاطر تتهدد ما يقرب من 15,000 شخص. وقبل عامين، قتل خمسة أشخاص وشرد 2,000 شخص عند فيضان البركة. إضافة إلى مخاطر الفيضان، تشكل مياه الصرف الصحي مخاطر جدية من انتشار الأوبئة.

وخلال الأسبوع، قامت الاونروا بتوزيع 25,000 لتر من الوقود إلى مصلحة مياه البلديات الساحلية، و45,000 لتر إضافي إلى عدة بلديات من اجل جمع النفايات الصلبة. قامت اليونيسيف بتوزيع 550 حقيبة عائلية لتنقية المياه لصالح 33,000 نسمة. وفرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني 29,952 قارورة من مياه الشرب (1,5 لتر لكل شخص) للتوزيع إلى الجمهور. بتاريخ 13 كانون الثاني، وفرت سلطة المياه الفلسطينية أربع شاحنات من قطع الغيار إلى مصلحة مياه البلديات الساحلية.