سماسرة الاراضي في المناطق بين المطرقة والسندان .. اسرائيل اليوم

الساعة 11:14 م|16 يناير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: ليئور زبرغ

(مع أن قانون عقوبة الموت لا يطبق بشكل رسمي في السلطة الفلسطينية الا ان للناس سبلا اخرى لتصفية بائعي الاراضي لليهود).

قبل بضعة اسابيع قتل بالرصاص احمد راشد سلامة، مواطن اسرائيلي من سكان جلجوليا، كان يعمل في سمسرة الاراضي في السامرة ويهودا. كان سلامة نشيطا في الكنا، في بركان وفي اماكن اخرى، وتحت يديه مرت صفقات كثيرة. وكان غياب الانظمة الادارية وتسجيل الاراضي المرتب في مجال الاراضي في يهودا والسامرة يخلق اوضاعا من الصفقات المزدوجة والنزاعات حول مسألة ملكية الارض، التي تباع احيانا لاكثر من مشتر واحد. واحدى الشبهات هي ان سلامة قتل على خلفية عمله كسمسار.

كيف نفهم الواقع المركب الذي يعمل فيه سماسرة الاراضي، ينبغي التعرف على تاريخ تجارة الاراضي بين العرب واليهود في البلاد، والذي بدأ قبل وقت طويل من قيام الدولة. عندما كان الاتراك يحكمون البلاد لم يكن تسجيل مرتب للاراضي. فاراضي قرية ملبس التي هي اليوم بيتح تكفا، اشتراها يهود من العرب، لم يفلحوا اراضي المكان لانها كانت مليئة بالمستنقعات والبعوض الذي يحمل الامراض. وكانت تعتبر اراضي الجبل افضل للفلاحة، وكان العرب رفض بيعها لليهود. ولكن بعد بيع اراضي السهل، كانت نزاعات الحدود كثيرة.

امتنع الكثيرون عن تسجيل الاراضي التي يملكونها للامتناع عن دفع الضرائب، بل وخوفا من ان يجندوا في اعقاب التسجيل للجيش التركي. اما اولئك الذين سجلوا، فقد رفعوا معلومات جزئية فقط. قطع من الاراضي كانت تحت سيطرة الاغنياء كان الفلاحون هم الذين يفلحونها فيما ان الارض كانت مسجلة على اسم الغني. صحيح ان البريطانيين وجدوا صعوبة في التغلب على انعدام النظام الذي خلفه الاتراك، الا انهم نجحوا في ترتيب تسجيل الكثير من الاراضي.

بعد حرب الاستقلال احتل الاردنيون السامرة ويهودا وحكموا هناك على مدى 19 سنة. فرض الملك حسين السيادة الاردنية على المنطقة الا انه منع سكانها من الانتقال الى الطرف الشرقي من النهر. منح سكان يهودا والسامرة العرب اراض بطريقة اخراج القيد ولكن معظم دول العالم لم تعترف بصلاحيته في ادارة تسجيل الاراضي.

بعد حرب الايام الستة حرر الجيش الاسرائيلي يهودا والسامرة وحل محل المحتل الاردني كما يقول القانون. اليوم ايضا يدار المجال وفقا لسجلات الطابو والضرائب الاردنية، والادارة المدنية تواصل التسجيل بكسل، حتى حين يكون الطلب كبيرا. في القرية العربية يوجد اجماع اجتماعي. توجد محكمة، يوجد ورثة، يوجد اخراج قيد ويوجد "مختار القرية" صاحب الكلمة الاخيرة في كل ما يتعلق بالنزاعات الداخلية.

قبل نحو شهر بحثت لجنة الداخلية في الكنيست في "نظام المختار" في القدس، وبموجبه يقرر وجهاء المجتمع الاهلي الاسلامي لمن تعود هذه الارض او تلك في شرقي المدينة. في اعقاب ذلك نشأ وضع من تراخيص البناء التي تعطى للعرب على اراض غير مسجلة. وأتاح النظام ايضا قبول اعلان عن ملكية الارض من خلال الرشوة للمختار. في اعقاب الاحتجاج تقرر اعادة النظام الى البحث المتجدد.

عمليا، حتى اليوم فان المناطق التي تكون فيها قيمة الاراضي عالية ليست مرتبة. وتوجد ادعاءات ملكية موازية على اراض متداخلة. اما المحققون، الوسطاء، السماسرة وكذا المخادعون فقد استغلوا هذا الوضع كي يعرضوا الصفقات. ومن المغري للفلسطيني الذي يعمل مع اليهود في موقع للبناء او في منطقة صناعية ان يعقد صفقة، عقب الطلب الهائل والسهولة التي يتاح فيها الامر. ولكن الفلسطيني الذي يفلح الارض والذي من المنطقي الافتراض انه صاحب الارض فيخاف على مكانته في القرية او يكون عرضة للتهديد بالقتل في اعقاب الصفقة. ومع أن قانون عقوبة الموت لا يطبق بشكل رسمي في السلطة الفلسطينية الا ان للناس سبلا اخرى لتصفية بائعي الاراضي لليهود.

من أجل تنفيذ صفقة، هناك إذن حاجة للسماسرة الذين يديرون اجراءات الصفقات بين الفلاحين، اصحاب الارض وبين اليهود. بدونهم ما كانت للفلاحين رغبة او قدرة على تحقيق الصفقات. الكثيرون من المعنيين بالبيع يضطرون للهجرة الى الخارج، ولكن عملية البيع تفترض وجودهم بين الحين والاخر، وعند عودتهم يكونون عرضة للخطر. اما السماسرة الكبار، مثل سلامة، فيتبقون في البلاد بحكم انعدام البديل ويضطرون الى مواجهة التعقيدات والمخاطر التي تتعرض حياتهم لها.