رهان إزالة الغموض -يديعوت

الساعة 01:16 م|14 يناير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: ان المسؤولية عن الهجمات في سوريا قد يدهور المنطقة الى حرب استنزاف أو حرب شاملة - المصدر).

تبشر نهاية عهد آيزنكوت وبداية عهد الانتخابات بانعطافة حادة في السياسة الاسرائيلية تجاه الجبهة الشمالية. صحيح ان احدا لم يبذل في ذلك مجهودا فكريا كبيرا ولم تجرى مداولات معمقة في الموضوع، ولكن فجأة، بتلويحة سيف، تنازلت اسرائيل عن سياسة الغموض في كل ما يتعلق بنشاطها العسكري تجاه الايرانيين وحزب الله في سوريا. لهذا التنازل يوجد معنى واحد: رفع احتمال التصعيد في الجبهة الشمالية، حتى وضع المواجهة الشاملة. ربما يريد أحد عندنا ذلك. أجندة أمنية عدوانية تجاه سوريا وايران كفيلة بان تكون ورقة مظفرة في الطريق الى صندوق الاقتراع.

عندما يأخذ رئيس الاركان مسؤولية عن الاف الهجمات التي نفذت في سوريا – فهذه بصمات يريد أن يتركها وراءه في الوعي: أدرت حربا ناجحة، احبطت المخططات الايرانية، صحيح أن هذا الكشف يذيب سياسة الغموض، ولكنه لا يزال مثابة اعتراف عمومي لا يلزم الطرف الاخر برد فوري.

ولكن نتنياهو بالمقابل اخذ امس مسؤولية عن هجوم محدد نفذ في المطار في دمشق. الفرق بين الاعلانين شاسع إذ انه اذا كان في ذاك الهجوم في دمشق قتلى للايرانيين وللسوريين – فان اخذ رئيس الوزراء المسوؤلية كان سيستدعي ردا عسكريا باحتمالية عالية.

قبل نحو سنة، عندما اخذت اسرائيل المسؤولية عن قتل الايرانيين في مطار T4، شعر الايرانيون بواجب الرد بالصواريخ نحو هضبة الجولان. وكانت اسرائيل اخذت في حينه المسؤولية لانه في اثناء الهجوم اسقطت طائرة لسلاح الجو. وبالمقابل، في حالات اخرى هاجمت فيها طائرات سلاح اهدافا ايرانية، اتخذت اسرائيل جانب الحذر ولم تأخذ المسؤولية كي لا تلزم الطرف الاخر بالرد.

في اللحظة التي تسمح فيها اسرائيل للعدو للنزول من "مجال النفي" الذي لديه، فانها في واقع الامر تتخلى عن عقيدة الحرب ما بين الحروب. احد المبادىء المركزية للحرب ما بين الحروب هو ضرب العدو دون اعطائه مبررا للحرب. اما اذا كانت الحرب ما بين الحروب تتدهور الى حرب استنزاف او الى حرب شاملة، فان العقيدة تكون قد انهارت. احدى الادوات المركزية في هذه العقيدة هي الغموض. لا نأخذ مسؤولية. وبالتالي في اللحظة التي مزق فيها آيزنكوت ونتنياهو الغموض، فانهما يكونا قد مسا بالردع. وذلك لانه عندما تمس انت بالعدو دون ان تعلن عن ذلك، فانه مردوع وحذر على اي حال لانه لا توجد لديه اليوم قدرة على ان يرد بشكل ناجع. ولكن عندما تركض لان تروي للرفاق، فانك تلزم العدو بعمل شيء ما، اذ هو ايضا يوجد له راي عام في البيت. هجوم آخر وأخذ آخر للمسؤولية الاسرائيلية – واذا باحد لا يعرف متى سيتفجر كل هذا. يحتمل الا يكون مكان للغموض بعد اليوم، اذ ان اسرائيل على اي حال تبلغ الروس بكل هجوم. اما حاليا، رغم كل الغضب على المس بمصالح المرعي السوري، فان الروس لم ينفذوا اي عمل بالقوة لوقف اسرائيل. وهكذا فان التنازل الاسرائيلي عن سياسة الغموض يدفعهم هم ايضا الى الزاوية.

كلمات دلالية