بقلم: يوسي احيمئير
حملة الانتخابات ووفاة الكاتب عاموس عوز هما موضوعان احتلا العناوين الرئيسة الاسبوع الماضي. فالتقلبات السياسية المفاجئة، الى جانب التخمينات في مسألة تقديم رئيس الوزراء الى المحاكمة، خيمت على ما يبدو وستواصل التخييم على باقي الاخبار. ومع ذلك، فان أمر وفاة عوز ما كان يمكن اخفاؤه. وبالفعل كرست وسائل الاعلام زمانا ومكانا لانصراف واحد من عظماء كُتّابنا ولكن التشديد كان على عمله وكتابته وايديولوجيته السياسية وبقدر اقل الادبية.
عوز، الذي جاء من بيت اصلاحي وكفتى انتقل للعيش في كيبوتس، يعتبر حبيب اليسار، معبرا بوضوح شديد عن معارضته للاحتلال. وموته، مع اندلاع حملة الانتخابات، جاء الى جانب ضعف مواقع اليسار في الحياة الاسرائيلية العامة.
في محيط من التأبينات لعوز كاد يغيب عن وسائل الاعلام كتاب التعزية الذي جاء من رام الله. "حياته كانت مليئة بالمساهمة الثقافية والفكرية. فقد دافع عن مسائل الحقوق والعدل ودعا الى السلام والعيش بكرامة. أواسيكم وأواسي كل محبيه على موته". الموقع: محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف. إذن من قال انه لا توجد دولة فلسطينية؟ بالفعل، نبأ مثير للاهتمام. "دولة"، كهذه اليمين ايضا كان سيشتريها.
ما الذي غاب عن ناظرينا في هوامش الانباء العاصفة للانتخابات ولموت عوز؟ النبأ عن وزيرة الاعلام الاردنية التي داست على علم اسرائيل في زيارتها الى مقر الاتحادات المهنية في عمان حيث عقدت جلسة الحكومة الاردنية. فهذه النقابات، التي تقاتل ضد اتفاق السلام وضد التطبيع مع اسرائيل، بسطت علم اسرائيل على ارضية المدخل الى مكاتب مقرها مع علامات احذية، كي يدوس كل الوافدين عليه ويهينوه.
استقبل احتجاج وزارة الخارجية الاسرائيلية في الاردن باستخفاف تام. وشددت النقابات المهنية اجراءاتها ووضعت اعلام اسرائيل في كل مداخل فروعها في ارجاء المملكة. ومع ان رئيس الوزراء عمر الرزاز تجاوز العلم، الا ان الوزيرة التي داست عليه اصبحت على الفور بطلة وطنية. موجة من تعابير الكراهية لاسرائيل اغرقت صفحة الفيسبوك خاصتها: "كلنا ضد اسرائيل".والان تصوروا وضعا معاكسا. مثلا تحقير العلم الاردني الذي يرفرف فوق السفارة الاردنية في رمات غان. هل كان الاردن سيكتفي بتوبيخ سفير اسرائيل؟ الاردن والملك سيرفعان على الفور صوتهما ويتخذان لغة تهديد وشتائم ضد اسرائيل. هكذا فعلوا في كل مناسبة في الماضي: في احدث الحرم، في التأييد لكل خطوة مؤيدة للفلسطينيين ومناهضة لاسرائيل في الامم المتحدة، في القرار بعدم تمديد اتفاقات التأجير للجيبين، ولا يمكن لنا أن ننسىى محاولة العملية في سفارتنا في عمان، والتي انتهت بالذات باعتذار اسرائيلي وبتغيير السفيرة.
يستمتع الاردن جدا من اتفاق السلام وآثاره. فاسرائيل تزوده بالامن من خلال التعاون السري، تضخ له كميات كبيرة من المياه، وتحاول اقامة مناطق صناعية في نطاق المملكة. صحيح أن العلاقات الدافئة لم تكن ابدا بين ضفتي الاردن، ولكن الهدوء النسبي على طول الحدود الاطول لاسرائيل محفوظ.
في اثناء التحقير المتواصل للعلم الاسرائيلي في نطاق المملكة لم يسمع صوت الملك عبدالله، ولكن لشدة الغرابة فان رئيس وزراء اسرائيل ايضا لم يكلف نفسه عناء حتى الاعراب عن استياء علني. في العلاقات مع المملكة الاردنية، اسرائيل تجاوزت منذ زمن بعيد شرفها.
بالمقابل، جاء نبأ مثير للاهتمام الاسبوع الماضي من الدولة الاكبر التي يوجد لنا سلام معها. فقد كشف الرئيس المصري النقاب عن ان اسرائيل تتعاون مع جيشه في مطاردة ارهابيي داعش في شبه جزيرة سيناء. واذا كان كذلك، فلعل الجيش المصري يتعاون مع الجيش الاسرائيلي في منع الارهاب الحماسي ضد اسرائيل؟ مشكوك أن تتحقق هذه المعجزة
وعودة الى علمنا: في كنيست اسرائيل ايضا وقعت قضية صغيرة: كان هناك من احتج على قرار رئيس الكنيست يولي ادلشتاين نصب علم أزرق – أبيض دائم في خلفية منصة الخطابة. كان هذا بالطبع احمد الطيبي الذي فضل على الدوام العلم العربي الفلسطيني، ولكنه سيضطر الان الى الحديث بينما يكون خلفه، ويا للويل، العلم العبري الاسرائيلي.
مشوق ان نعرف كيف كان عاموس عوز الراحل الذي يمجد التنازلات والانسحابات كان سيعقب على كل هذا.