البحر ليس جميلاً كما نتصور

بالصور طفل يصارع الأمواج مع والدهِ بحثًا عن حياة كريمة.. هذا حلمه الوحيد!

الساعة 07:20 م|16 ديسمبر 2018

فلسطين اليوم

مع كل صباحٍ ينعم ساحلُ غزةَ، بلوحةٍ فنيّة جميلة وعظيمة، فشمسٌ نهضت من عباءة نومها لتشرق من جديد، وهدير البحرُ الذي لم يتوقف للحظةٍ يعيد فينّا ابتسامة الحياة من جديد، ويسحب من أرواحنا اليأس الذي خلفه الواقع، على الرغم من كل هذا الجمال إلا أنَّ البحر يخفي في باطنه وبين أمواجه شيئاً من عناء البائسين.

و في كلِ صباح يذهبُ الصياد الفلسطيني زهير فرحات (50عامًا) من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مع نجله الوحيد خليل (12عاماً)، ليبدئا صباحهما بإصلاح شِّباك الصيد المهترئة منذ سنوات، على أملٍ دائمِ بأن يكون لهُما شِباكٌ جديدة، تصلحُ ما افسدته الأيام، وتجلب رزقاً وفيراً يُمكنُ "أم العيال" من تقديم "الأكلات" التي يطلبها الأبناء.

 الصياد زهير كغيره من الصيادين يمرُ بأوضاع اقتصادية صعبة إن لم يكن أشدهم عوزاً، خاصة في ظل تراجع معدلات صيد الأسماك بسبب الحصار البحري الإسرائيلي، وكل ما يتحصله زهير من وراء صيده لا يتجاوز الـ 50 شيكل في أسعد أيامه.

يقول الصياد فرحات وعيونه تكاد تقطر دماً من شدة الإرهاق :"للأسف لم أعد قادرًا على الصيد وحدي، بَرْدُ الشتاء منذ سنتين اقتحم مفاصل قدميَّ، وبدأ الوجع يزداد يومًا بعد يوم، لكن بطون عائلتي تجبرني على الصمود أمام هذا الوجع، ومواصلة البحث عن قوتهم لخلق الابتسامة في حياةٍ بائسة لا معنى للحياة فيها".

ويصيب الحزن قلب الصياد فرحات عندما ينظر إلى ابنه الذي يكابد معه عناء البحر، ليبدأ هاجس التفكير بمستقبل ابنه وعائلته،، واثناء الحديث لمعاناته التف إلى نجله خليل آمراً إياه "بجمع الأسماك التي اصطادتها شباكهم ليقوما ببيعه في السوق"، قائلاً بحسرة :"تغيب عن المدرسة اليوم حتى يساعدني في تأمين لقمة العيش لعائلتنا"، ادار الطفل ظهره نحو البحر وأخذ يخرجُ تلك الأسماك العالقة ويتفحصها جيداً ونظراته تقول لها "لا تعيرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك.. أنتي عالقة في الشباك وأن عالق في حياة دون أفق".

خليل الذي يكره البحر كثيراً نظراً للمعاناة التي يجدها فيه، يرى فيه أحياناً صديقاً وفياً يفرغ فيه همه ويشكو له ظلم الاحتلال الإسرائيلي الذي يلاحق الصيادين ويحاربهم في لقمة عيشهم، قائلاً "أمنيتي أن أعيش حياتي كباقي أطفال العالم".

أمنية الطفل خليل فرحات تتمثل في اكمال دراسته بعيدًا عن ذلك القبر المحفور في منتصف القارب، وعلى الرغم من تألمه عند التغيب عن مقاعد الدراسة، إلاَّ أنه يرى أن مساعدة أهله في الحصول على قوتهم، يشكلُ طوق نجاه لهم من غول الفقر.

يذكر أنَّ الاحتلال "الإسرائيلي" يفرض حصارًا بريًا وبحريًا منذ 12 عاماً تقريبًا، يمنع خلاله الصيادين الفلسطينيين من التقدم لأكثر من 6 أميال بحرية، ويطلق النار بشكلٍ يومي تجاه قوارب الصيادين، الأمر الذي أدى لاستشهاد واصابة واعتقال كثيرين منهم.

 

بحر غزة (1)
بحر غزة (3)
بحر غزة (2)
 

كلمات دلالية