خبر لعب مع الحظ / معاريف

الساعة 09:05 ص|14 يناير 2009

بقلم: جدعون ساميت

(المضمون: حمى الحرب التي ترسل الى غزة بقبضة شعب اسرائيل الحديدية هي مقامرة قد تنتهي الى تكرار اخطاء حروب لبنان - المصدر).

        حان ذلك اخر الامر. الجيش يتعمق في غزة ويترك وراءه ترددات الساسة. يفترض ان يعيد الفخر الى اصحابه بازاء حماس المخندقة. بقي الان ان نرى هل سيتبين ان هذه العضلة الاخرى ستبدو تحسنا في الطريق الى وقف اطلاق النار او خطأ. هذا هو السعي الطبيعي للحروب والقادة العسكريين الى النصر الكاسح، حتى لو تبين ان الدافع الاخر هو اضاعة للفرصة. اعلم الجيش الاسرائيلي المسار لحكومة متنازعة. قدم اليها اقتراحا لم تكن تستطيع رفضه. مع حقنة ثقة يحقن بها افراد الجيش الساسة في ورطة، غلغلت تعليلات لماذا ما نزال لم نضيع انتصارا كبيرا.

        هكذا تتم الحرب. في لحظة ما لا يبقى في الامكان وقفها الا بضغط من الخارج. انتظر رئيس هيئة الاركان بصمت عندما صعب على المسؤولين عنه ان يقولوا له ماذا يريدون بالضبط. تنازعت قيادة الحكومة. لم يكن ثمة احتمال لوقف اطلاق النار عند مجلس امني مصغر رفض جميع المبادرات. لكن الجنرالات اقنعوا الساسة بان الامر سيكون على ما يرام وان المخاطرة اقل من الامل. وعندها اختار رئيس الحكومة المعجم المناسب. فقد ظهر اول من امس على ملأ كبير، وقد بدأت قوات الاحتياط التحرك، مقالته "القبضة الحديدة لشعب اسرائيل".

        يستطيع اسماعيل هنية ان يخطب من مخبئه بفضل وقف اطلاق النار. يوجد اجراء دولي في أوجه، لكن شيئا ما عميقا، موروثا، في جوهر الجيش يطلب اليه الا يكف. ان قوات ثقيلة الوزن تصرف حكمة المعركة الى شهوة احداث استسلام نهائي.

        سيقوم الاف الجنود، ممن اظهرتهم افلام لمتحدث الجيش الاسرائيلي متحمسين لانهاء العمل، بافضل ما يستطيعون للاتيان بهذه النتيجة. هذا بطبيعة الامر مقامرة على حياتهم. ولهذا يجب ان نثير الاسئلة الاتية: هل يقتضي الفكر المستقيم وقف النار الان وانتظار الاتفاق او زيادتها؟ هل المرحلة الاثنتان والنصف هي عمل حكيم للضغط او حالة تقليدية لجيش لن يقف الا على حنجرة العدو المقطوعة؟ وماذا سيكون الثمن؟

        من السيء جدا ان نقاشات الحكومة في الاسبوع الثالث من العملية ظلت مليئة بالتناقضات، تنطف بالعداوة الداخلية. ان حملة الارتياب بأولمرت بلغت عنان السماء. هل يسعى الى تبرئة مدوية من تهمة لبنان الثانية؟ والتهمة التي هي اكثر قسوة انه يريد ان يكسب زمنا على الدم. وصل الجيش ايضا الى مفرق خطر. فقد جثم عشرات الاف من قوات الاحتياط منتظرين الامر العسكري. الجيش يبغض اوضاع كهذه.

        اما الان فسيشتد هتاف الشارع لرؤية الجنود الذين يخطون الى الداخل وفي افواههم مدائح الضربة المقبلة. بيد ان كارثة ما تحل بقواتنا في غزة ستقلب الشارع الاسرائيلية رأسا على عقب. ان جميع القتل وصور الفظاعة لم تؤثر في الشارع الخائف كما سيزعزعه الجنود المصابون.

        ما يزال الحديث عن الاجراء الجديد منضبطا. لكن حمى الحرب التي ترسل الى داخل غزة القبضة الحديدية لشعب اسرائيل هي مقامرة. فهي قد تعظم وتكرر اخطاء حروب لبنان. هذا باعث متوقع، ثمرة لعنة كل حرب يصعب عليها ان تحقق كامل غايتها. قضي على زيادة الضغط ايضا ان تنتهي الى اتفاق جزئي بغير راية بيضاء. حتى ذلك الحين تتحرك الدبابات والجنود المخلصون المستعدون لكل تضحية الى طريق مسدود. هذا لعب الة عسكرية كبيرة مع الحظ. قد يكون لعبا اهوج. والامل بطبيعة الامر الا يجبى منها هنالك ثمن غير محتمل. لم تكن المعاناة المضافة الى مئات الاف في الجانب الثاني تقديرا حقيقيا منذ البدء. فهم من جلبوا العذاب على انفسهم. متى سينتهي هذا؟ يقولون بعد قليل. قال اولمرت ان هذا "وقت ضائع" كما في نهاية معركة كرة سلة. لكننا اصبحنا نرى انه لا يمكن ان نعلم. من اراد فليدعو الله.