خبر تقرير إخباري : في غزة...الوقت من دماء والعدوان يطال كل شيء

الساعة 07:24 ص|14 يناير 2009

فلسطين اليوم – غزة

 آخر ما كان يتصوره الغزي وليد اللوح، أن يرى بيته الذي قضى سنوات طويلة يبنيه طوبة فوق طوبة وقد تحول برفة طرف عين إلى كومة من التراب المدكوك بقذائف المدفعية الإسرائيلية، ويصبح مشردا.

كان اللوح (34عاما) الذي لم يمض على زواجه أربع سنوات قضاها في تعمير المنزل، يسكن ضمن عائلة مكونة من عشرة أفراد تعيش حياة اعتيادية حتى غادروا المنزل منذ سبعة أيام بعد تلقيهم مكالمة هاتفية من جيش الاحتلال تفيد بقرب قصف المنزل، مثل المئات غيرهم الذي يعيشون هذه الأيام حياة لجوء جديدة.

واللحظة التي هوى فيها منزل اللوح في تل الهوى غرب مدينة غزة في غمرة عملية القصف المستمرة، هوت فيها عشرات المنازل التي دكتها القذائف الملتهبة التي تسقط على غزة.

ومع جدران المنزل الذي أنهى تشييده منذ وقت قريب، ووضع له ستائر جديدة، بعدما سدد معظم فواتير البناء، هوت أحلام كثيرة طالما راودته بأن يعيش في هدأة بال مع عائلة طالما سعى للقيام بواجباتها كونه الابن البكر لها.

ويسري شعور عميق بأن الوقت يمر في غزة من دماء، وهو شعور يراود وليد.

وقال الرجل بصوت متقطع بسبب رداءة الاتصال مع القطاع الذي يعيش شبه عزلة عن العالم" أربع قذائف كبيرة كانت كفيلة بهدم كل شي".

وتعرضت منطقة تل الهوى الليلة قبل الماضية لقصف إسرائيلي كثيف استمر حتى ساعات الصباح.

ويقول الغزيون إنه لم يعد بمقدور أحد التنبؤ بشكل حياته بعد دقيقة.

ورغم قرار مجلس الأمن الداعي لوقف فوري للعدوان، وهو ما عد إنجازاً استثنائيا وشجاعا للدول العربية، التي أوفدت وزراء خارجيتها حاملين معهم المطالب الفلسطينية إلى نيويورك، إلا أن الوقائع على الأرض تشي بأن دماء كثيرة ستسيل مع مرور كل يوم إضافي على هذه الحرب.

وأيا كان من سيتلو بيان النصر في نهاية الحرب على غزة، فإن ذلك قد لا يعني شيئا لآلاف من الضحايا الأبرياء الذين بترت أطرافهم، وشوهت القنابل أجسامهم، ونخرت قنابل الفسفور الأبيض عظامهم حتى صارت مثل سائل هلامي.

واللوح ومثله من المدنيين الذين فقدوا أحلامهم تحت خراب الدمار الإسرائيلي المتواصل يجدون صعوبة بالغة في تقدير ما ستؤول إليه الأمور بعد دقيقة.

وقال الرجل الذي تشتت عائلته" لا نملك إلا هذا البيت. لا نعرف ماذا سيحدث بنا؟".

وانتقلت عائلة الشاب اللوح في أول أيام التهجير إلى بيت أخته، ومن ثم إلى بيت خالته لكنها لا تعرف الآن أي مستقر لها.وثمة عشرات الآلاف من الغزيين لجأوا إلى مدارس وكالة الغوث.

وليس ثمة شك في أن إسرائيل، الماضية في عملياتها العسكرية على كل الصعد، ارتبكت جرائم حرب بامتياز في القطاع المكتظ بالسكان المدنيين في أحدث عدوان تشنه على الأراضي الفلسطينية.

وقال الزميل موفق مطر وهو صحفي يسكن في منطقة أبراج المقوسي" الناس هنا يبحثون عن أي بصيص أمل.إنهم مذهولون من ما يجري لهم".

والمؤكد أن إسرائيل التي دفعت آلة عسكرية ضخمة وقوات احتياط جديدة إلى تخوم القطاع الذي قطعت أوصاله، تريد الاستفادة من كل دقيقة في قتل أكبر عدد من المواطنين بطرق شتى قبل أن تجد نفسها مضطرة للتقهقر للخلف، أو الانسحاب سواء التزاما بالقرار الاممي الذي يحمل الرقم 1860.

وفيما تواصل إسرائيل التي أعلن مجلسها الأمني رفضه الانصياع لقرار مجلس الأمن والاستمرار بعدوانها إلى مدى أطول وربما أوسع، تطالب القيادة الفلسطينية التي رحبت بالقرار "بترجمة الأقوال إلى أفعال وتنفيذ وقف إطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة.