في ظلمة الليل دوما وبالقوة دوما .. هآرتس

الساعة 03:13 م|07 ديسمبر 2018

بقلم

بقلم: جدعون ليفي واليكس ليباك

(في حلحول قام الجنود بتكبيل أبناء عائلة الداودي وأطلقوا النار على ساق الأب. وفي بيت امر ضربوا ابناء عائلة أبو ماريا، التي قتل والدها في اقتحام سابق).

هي تحدث كل ليلة، بحاجة أو بغير حاجة، هي دائما عنيفة: اقتحامات عنيفة للبيت، نساء واطفال يستيقظون بدهشة، على وجود عشرات الجنود واحيانا الكلاب التي تقوم باقتحام البيت. يجب تخيل هذا المشهد: الاستيقاظ مع عشرات الجنود المسلحين والملثمين في غرفة النوم أو في غرفة اولادكم وهم يوجهون البنادق اليكم ولاولادكم المذهولين. عمليات الاعتقال التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي ربما هي الاشارة الاكثر وضوحا على روتين الاحتلال، في فترات صاخبة وكذلك في فترات هادئة. في كل ارجاء الضفة، بما فيها مناطق أ التي تقع ظاهريا تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، في كل ساعة من ساعات الليل – دائما في الليل.

أكثر من مرة تصرفوا بعنف، وكبلوا أبناء العائلة وضربوهم. احيانا استخدموا النار الحية، بعد ذلك يتم اخذ أحد ابناء البيت الى الاعتقال، بدون أي تفسير، على الاغلب بدون امر اعتقال وبدون رقابة قضائية، وحتى احيانا بدون الملابس. وتمر بضعة ايام الى أن يتبين مكان الاعتقال، وما هو وضعه وما هي الاتهامات الموجهة ضده. احيانا يتم اطلاق سراحه بعد بضعة ايام، ومرة اخرى بدون تفسير، وأحيانا يتم تقديمه للمحاكمة، وعندها يتم توضيح الاتهامات الموجهة ضده، عدد منها حقيقي وعدد منها مفبرك، أو سياسي، كما هي العادة في المحاكم العسكرية. احيانا يغادر الجنود مثلما جاءوا دون اعتقال أي أحد، وكأنهم اقتحموا فقط لزرع الخوف أو للتدريب. واحيانا يخطئون في العنوان. ليس هناك عائلة فلسطينية لا تعرف ذلك. الاسرائيليون لا يتم اختطافهم بهذه الصورة من منازلهم.

الحديث يدور عن اختطاف. اعتقال هي كلمة مخففة. خلافا للانظمة الاكثر ظلامية، هنا المخطوفين لا يختفون، ويمكن لعائلاتهم العثور عليهم بعد يوم أو يومين. مع مرور الوقت يمكنهم رؤيتهم في المحكمة. في ظل عجزهم، اعتاد الفلسطينيون على هذا الواقع ايضا. ولكن اجيال من الاطفال يظلون يحملون هذه المخاوف والصدمات من تلك الليالي. الجيش الاسرائيلي لا يعطي بيانات عن حجم هذه الظاهرة، ولكن المتحدث بلسان الجيش ينشر بيانات بشكل يومي تقريبا عن الغنائم. في السنة الماضية اعتقل 2700 شخص في مناطق الضفة، ولم يخطر ببال أحد استدعاءهم للتحقيق دون اختطافهم من بيوتهم والتعامل بعنف مع عائلاتهم.

لقد زرنا هذا الاسبوع منزلين اقتحمهما الجيش مؤخرا بمرافقة باحث من "بتسيلم"، موسى أبو هشهش. في بيت عائلة داودي في حلحول وبيت عائلة أبو ماريا في بيت أمر، استقبلونا بترحاب. وفي المنزلين سألوا لماذا يجب على الجنود التصرف معهم بهذا الشكل.

قبل نحو شهر، في 5 تشرين الثاني، استيقظ ابناء عائلة داودي على اصوات اقتحام لبيتهم الذي يقع على تلة في غرب حلحول، الساعة كانت تقريبا الرابعة فجرا. معظم ابناء العائلة كانوا نائمين باستثناء محمد واحمد اللذين كانا يلعبان "الاباتشي"، وهي لعبة حربية للفلسطينيين على الحاسوب. كشافات اضاءت البيت في الوقت الذي حاولت فيه القوة اقتحام البوابة الرئيسية بالقوة. نحو 30 جندي قاموا بمحاصرة البيت، و12 منهم قاموا باقتحام الداخل، جميعهم كانوا ملثمين بالاسود.

في البداية اقتحموا الطابق الاول حيث كان ينام محمد إبن الـ 27 وزوجته منال وابنهما ناصر إبن السنتين. لقد قاموا بتكبيل محمد وسألوه عن شقيقه مهند. إنه يسكن في الطابق الثاني، قال لهم، مع الوالدين وباقي الاخوة والاخوات غير المتزوجين. في الطابق الثاني استقبلهم الأب خالد، 52 سنة، الذي فتح لهم الباب من اجل عدم كسره، وزوجته نويفة، 50 سنة. الجنود اقتحموا الى الداخل دون قول أي كلمة. محمود، 25 سنة، قال إن الجنود تصرفوا بعنف فور دخولهم، قاموا بتكبيل ابناء العائلة بالقيود البلاستيكية وضربواه. الأم والابنة كندا، 14 سنة، قاموا بدفعهن نحو المطبخ. الأب القوه على الاريكة في الصالون، والاخوان قاموا بادخالهما الى احدى غرف البيت. كانت لديهم صورة لمهند وسألوا عنه. محمود روى ذلك بلغة عبرية طليقة. لقد عمل ثماني سنوات في اسرائيل، فقط سنة واحدة منها بتصريح. لقد أخذوا مهند الى احدى الغرف، ومحمود قال إنه سمع الجنود وهم يضربونه. أخيرا قاموا بتكبيله وأخذوه معهم. مهند كان بملابسه الداخلية، وأمه قالت للجنود بأنها لن تفتح لهم الباب الذي قامت باغلاقه الى حين السماح له بارتداء ملابسه. محمود اراد التحدث مع الضابط، الجنود اسكتوه: "أنتم مخربون، وأحد لن يتحدث معكم".

الآن هو يسأل: "ما هذا، من أين؟". أخيرا وضعت الأم قميص ومعطف على رأس مهند، والجنود سمحوا له بأن يرتدي البنطال والحذاء، ونزلوا على الدرج الى الشارع البارد. ما حدث هناك غير واضح، لكن فجأة سمع محمود احد الجنود وهو يقول "اطلق عليه رصالة". ورأى والده يسقط قرب مدخل البيت. ولم يسمع صوت الرصاصة. يبدو أنهم استخدموا كاتم للصوت. جندي قام باطلاق النار على الأب خالد قرب الركبة ولحسن الحظ أن الرصاصة لم تصب الركبة، بل اصابت الشريان. تم اخذه الى مستشفى عالية في الخليل وسرح بعد ثلاثة ايام. عندما كنا هذا الاسبوع في منزله كان الأب في المحكمة في عوفر لحضور محاكمة مهند، الذي يمكث منذ ذلك الحين في المعتقل بتهمة رشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة.

"زوجتي ايقظتني وقالت إنها تسمع ضجة، الجنود يقتحمون ويوجهون البنادق نحونا ونحو طفلنا الصغير"، قال محمد. طفله الصغير يجلس في حضنه. "ناصر بدأ بالبكاء والجندي صرخ عليه كي يسكت. كيف يمكنه الصراخ على طفل عمره سنتين؟". منذ تلك الليلة، قال محمد، وإبنه يستيقظ في الليل ويصرخ "يهود، يهود".

ملحمة في بيت أمر. حيدر أبو ماريا يقوم بتربية الدجاج في ساحة بيته. قبل نحو ثلاث سنوات فقد حيدر والده، المزارع إبن 52 سنة والذي اطلق عليه الجيش النار عندما كان يقف على شرفة منزله في الوقت الذي حاول فيه الجنود اقتحام بيته. نحن نسافر من الملحمة الى بيت عائلة أبو ماريا، حيث رائحة قن الدجاج وجثث الدجاج الميت تلف القن. في البيت قالوا إن الأب قتل بعد أن أطلق الجنود النار على إبنه محمد، وهو حاول الصراخ طلبا للمساعدة من شرفة بيته. الجنود لم يعتقلوا أحد. في 6 تشرين الثاني جاء الجنود الى بيت أبو ماريا الساعة الثالثة فجرا، وكانوا يبحثون عن أحد الاخوة، محيي، 21 سنة. لقد اقتحموا البيت بالقوة. وحسب ما قال حيدر، قاموا بضرب شقيقه يحيى. الأم فائقة بكت وصرخت وهي خائفة. وكان في هذه المرة كلب مع الجنود. وهم طلبوا هويات ابناء العائلة والأم التي كانت مصدومة وجدت صعوبة في العثور على الهويات. البيت كان في حينه قيد الاعداد لزواج الابن نبيل. حسب اقوال الام، وضعوا آلة صدمة كهربائية على جسد يحيى من الامام ومن الخلف. من الضربات التي تلقاها تعرض للنزف في وجهه، أخيرا اخذوا محيي ويحيى، رغم أن يحيى لم يكن مطلوبا، وقد أطلقوا سراحه بعد يوم. أما محيي فما زال معتقلا حتى الآن.

وقد جاءنا ردا على ذلك من الاجهزة الامنية بأنه في حلحول "حدثت اضطرابات عنيفة داخل بيت المتهم"، لذلك "اضطر الجنود الى تكبيل ثلاثة شبان". لماذا اطلقوا النار على الأب؟ "عند خروجهم من البيت حدث خرق عنيف للقانون عرض حياة جنود القوة للخطر، الذين ردوا باطلاق النار على احد من قاموا بالاخلال". اثناء الاعتقال في بيت أمر "هاجم احد ابناء العائلة الجنود، وهم ردوا باستخدام جهاز الصدمة الكهربائية من اجل ابعاده، وبعد أن واصل في ان يشكل تهديد على القوة، تم اعتقاله بسبب مهاجمة لجندي، خلافا لما قيل لم يتم استخدام العنف ضد باقي ابناء العائلة".

في اليوم الذي زرنا فيه عائلة أبو ماريا جرى نقاش ايضا حول اعتقال محيي، ولكن أحدا من ابناء العائلة لم يذهب الى سجن عوفر. حفل زفاف نبيل جرى في موعده، في 17 الشهر الحالي، دون وجود الأخ المعتقل. وهم قالوا إنه ليست لديهم فكرة عن تهمته. صورة الأب المتوفى تطل علينا من حائط صالون البيت، الذي قتل اثناء وقوفه على الشرفة التي توجد خلفنا.