خبر المحنة تولد مظاهر التضامن والتكافل الاجتماعي بين الغزيين

الساعة 06:25 ص|13 يناير 2009

ميسور حال يشتري شاحنة من الخضار ويوزعها على رواد سوق في وسط غزة

 

فلسطين اليوم - وكالات

من تعود على ارتياد السوق الشعبي الذي ينتظم كل صباح يوم أحد في مخيم المغازي للاجئين، وسط قطاع غزة، لا شك أنه فوجئ أول من امس من انكباب مئات الناس على مجموعة من بسطات الخضار في السوق، في الوقت الذي ظلت بقية البسطات بدون زبائن تقريباً. لكن لم يكن هناك في الواقع سبب للدهشة، فقد قام أحد الميسورين بشراء شاحنة من الخضار وتوزيعها على الذين يرتادون السوق من الأهالي في المعسكر، حيث انكب الناس على تعبئة البطاطا والطماطم والخيار والكوسا والفلفل وغيرها من الخضار. وكان احد الذين استفادوا مما جاد به هذا المحسن، هو محمد شحدة، 24 عاما، وانعكست سعادته بأسارير وجهه المنبسطة وهو يغادر السوق ويكاد ينوء بما يحمل من خضار في طريقه للبيت. وقال محمد العاطل عن العمل لـ«الشرق الأوسط» إن ما عاد به من خضار يكفي اسبوعين لاسرته التي كانت خلال الأسبوعين الماضيين، تعيش فقط على الخبز وبعض الطماطم التي كان والده يحضرها لعائلته بين الحين والآخر. وفي ظل المحنة التي يعيشونها، فإن هناك الكثير من صور التضامن والتكافل التي برزت بين الفلسطينيين في غزة، ولعل أوضحها هو قيام الكثير من الأسر الميسورة بتوزيع المواد الغذائية على الأسر الفقيرة.

وقد استغل ياسر عليان، أحد التجار في منطقة دير البلح وسط غزة، مؤخراً سماح إسرائيل بإدخال الدقيق وقام بشراء عدد كبير من اكياس الطحين ووزعها على الكثير من الأسر المعوزة في منطقته. وقال عليان لـ«الشرق الأوسط» إنه يعرف بعض الأسر التي لم تذق طعم الخبز منذ عدة أيام، مشدداً على أن ما قام به هو أقل ما يمكن أن يقام به في ظل الواقع الصعب الذي تحياه الكثير من الأسر. ومن صور التضامن التي يمكن لكل من يتجول في مدن ومخيمات وبلدات قطاع غزة أن يلمسها بسهولة، هي أن الناس باتوا لا يتورعون عن طلب المواد التي تنقصهم من جيرانهم في حال توفرت لديهم. جيران أسامة سلمان الذي يقطن مخيم المغازي، وجدوا ضالتهم عندما عرفوا أنه قام بتخزين كمية كبيرة نسبياً من الكيروسين الأبيض الذي يستخدم في اشعال المصابيح والمواقد البدائية التي تعمل بهذا النوع من الوقود، فتوجهوا إليه، ولم يتردد فقام بمنح كل واحد منهم لترين من الكيروسين عن طيب خاطر. وعاد الناس في غزة في ظل الواقع الصعب الذي يحيونه، لأيام خلت، حيث بات الكثير منهم يتناول وجبات الطعام معاً. ويتجمع حوالي خمسة عشر من الشباب الذين يقطنون منطقة أبو حمام، شرق دير البلح، وسط القطاع، يومياً حول وجبة الغداء، التي يتبرع واحد منهم يوميا بإعدادها. وتتراوح الوجبة بين فتة العدس وطبيخ البقوليا الجافة. ومن صور التكافل التي تلمس بشكل واضح هو قيام العائلات التي تقطن في مناطق بعيدة عن مناطق المواجهات والتوغل بفتح أبوابها أمام العائلات التي تقطن في مناطق المواجهات عندما تفر اليها، رغم انه في الكثير من الحالات لا تجمع هذه العائلات صلة قرابة. وخصص بعض العائلات دواوينه لاستقبال العائلات الفارة. ولا يتردد الجيران في مد يد العون للعائلات التي تؤوي الأسر الفارة من مناطق القصف. وقام عامر بريك الذي يقطن بركة الوز، الليلة قبل الماضية بتوفير طعام العشاء لعدد من الأشخاص الذين حلوا ضيوفا على جاره مروان عبد ربه، من منطقة أم الجمال، التي تتاخم تماماً الخط الفاصل بين إسرائيل والقطاع. وقال بريك لـ«الشرق الأوسط» إنه يعي الوضع المادي الصعب لجاره مروان وحقيقة أنه منذ أسبوع وهو يوفر الطعام والمأوى للذين لاذوا ببيته.