كتب عدلي صادق: رسالة المهرجان وأسئلته.. أحوال البلاد

الساعة 12:45 م|21 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

بوركت غزة العزة وبورك الوطنيون والمقاومون والأهالي فيها، وبورك شعبنا في الضفة، الذي أطربته هتافات التذكير بمناقب الفارس الباسل الشهيد ياسر عرفات . المجد للأحرار وكل الثناء على بصيرتهم وبوصلتهم. خاب مدمنو الافتراءات والأتباع الصغار، وازداد المأزومون خيبة وتشوشاً. لم يستطع منتجو الانقسام والفتنة، ملاحقة حركة الحياة والدَفق الاجتماعي. فكلما حُرم صاحب حق واحد، وموظف حكومي واحد، من حقه، يصعد عشرة الى سن الوعي والمطالبة بحقوقهم وباستعادة حقوق الذين ظُلموا بأثر رجعي. وكلما ضاقت دائرة السحيجة، تتسع دائرة الجماهير، ويتعمق الوفاء للرموز الجليلة التي أسست الثورة وحافظت على تقاليدها وأهدافها وبوصلتها وقانون المحبة الذي أرسته طوال تاريخها!

 كان هذا كله، بعض ما في رسالة الجماهير التي ضاقت بها ساحة السرايا والشوارع المؤدية اليها، أثناء مهرجان الحقيقة والوفاء. وبغير الأسلوب المُشفّر نسأل: ماذا جنى عباس من تلقين وسائل الإعلام البائسة كل ما جادت به قريحته، من العبارات التي تصف الفتحاوي بكلمة المطرود والمفصول والممنوع من دخول المؤتمرات الملفقة والمقطوع راتبه والمستلبة حقوقه؟ من الذي يعزل مَن الآن، ويدعوه لأن يأخذ بناصية الصواب ويتجاوز عن مظالمه وسيئاته؟ ومن هو الأقرب الى الشعب؟ وماذا فعلت الأراجيف والفبركات والاتهامات المرسلة بحق رجل لم يؤد إلا واجبه؟

لم تنفع الثرثرات أصحابها، وأول أسباب الفشل، أن من يطلقونها بحق أناس أدوا واجبهم في السلطة في مرحلة ذات حيثيات سياسية وبموجب وظائف تأسست على السياسة، لا زالوا يؤدون أدواراً قبيحة في مرحلة منزوعة السياسة ويبالغون في التودد للاحتلال من خلال التنسيق الأمني الذي جعله عباس مقدساً. فكيف يأخذ هؤلاء على أي انسان أدى واجبه في سياق سياسي، وينسون أنفسهم وهم يؤدون خدمات أمنية للاحتلال بغير سياق سياسي وبلا هدف سوى حفظ الأمن له؟!

تظهير الذكرى الحية، للرئيس الشهيد ياسر عرفات، كانت ولا زالت مهمة الجماهير الوطنية. وعندما يُقال إنها مهمة محمد دحلان، فإنهم يزيدون له ولا يُنقصون منه، ويخدمونه دون أن يعلموا، ويماهونه مع الجماهير دون أن يعزلوه عنها، ويصل فشلهم الى ذُروة الخيبة، ولا ندري الى أين ستصل بهم رعونتهم!

ومن بتحدث عن مال إمارتي، يسيئ للجماهير التي استلمت الرايات والأعلام والرمزيات، ولم تتسلم أموالاً. لقد كانت حركة فتح حضرت من خلال جماهيرها الغفيرة في قطاع غزة، وارتسم الفارق بين فتحاويين لا يستطيعون جمع مئتي شخص في منطقة يحكمونها، وفتحاويين يحشدون مئتي ألف إنسان على الأقل، في منطقة لا يحكمونها.

يقولون إن حماس منعت فئة وسمحت لفئة أخرى. وإن افترضنا أن حماس استجابت للفئة الأولى، ولبت الجماهير النداء؛ علينا أن نفترض أيضاً أن الجاحد هو من يشكك في مقاصد الجماهير التي حضرت مهرجان أمس، والمأزوم هو من ينكر أن محاولات إحباط المهرجان قد فشلت، وأن كل الادعاءات التي سبقته لم تلق من الجماهير سوى السخرية!

أما تلبية حماس لطلب فتح في غزة إقامة المهرجان، فإن أردأ التعليلات لها هي تلك التي تشكك في موقف الفتحاويين، لأن التعليل الصحيح، هو أن تيار فتح الإصلاحي، لا يتحدث عن المصالحة بلغة مسمومة تفتح مع حماس مهرجان شيطنة وتخوين، وتتحدث عن إنهاء الانقسام بمنطق رضوخ الطرف الآخر ونزع سلاح المقاومة. يقولون إنها يريدون المصالحة، ويفعلون كل ما يحبطها وينسبون أسباب الفشل لحماس وحدها. ومنع موالي عباس من إقامة مهرجان الذكرى، أوقع الظلم عليهم بجريرة سياسات "المقاطعة" التي يوالونها. 

وبافتراض أن الجماهير الفتحاوية التي حضرت، كانت ستشارك في أي مهرجان لذكرى الشهيد الزعيم الباسل ياسر عرفات، يصح أن نشتق المعنى الأهم الذي يكابر عباس ولا يريد الاعتراف به، وهو أن قاعدة فتح موحدة في الضفة وغزة، وأن الشقاق الفتحاوي مرفوض من هذه القواعد، وأن نداءات المأزومين الذين حاولوا احباط المهرجان، محتقرة من هذه القواعد، وأن استعادة وحدة فتح استحقاق وجب لأبنائها، وأن الكتلة الفتحاوية، المطالبة بالإصلاح وإنفاذ النظام ودمقرطة الحركة، أقوى ممن يحاولون إقصاءها، وأن النائمين غير الساهرين، والمنفتحين على الأجيال الجديدة، غير المنغلقين على شيخوخاتهم ورمائمهم، وينكرون حق الأجيال في العمل وفي الانطلاق الى مستقبلهم!

هذه هي رسالة المهرجان الرائع واسئلته، وسيكون لها ما بعدها، وإن غداً لناظره قريب!