خبر مؤسسات حقوقية ترفع قضايا لملاحقة القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية

الساعة 06:57 م|12 يناير 2009

فلسطين اليوم - غزة

اتهم حقوقي فلسطيني، الجيش الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، مشيرا إلى أن 80 في المائة من الشهداء والجرحى هم من المدنيين الفلسطينيين الذين لم يشاركوا في القتال.

 

وقال المدير العام لمؤسسة "الحق"، فرع لجنة "الحقوقيين الدوليين- جنيف، شعوان جبارين: إن اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، في قطاع غزة، ليس تعبيرا وصفيا، وليس تعبيرا عاطفيا، فنحن نرى التدمير والقتل والجرح، والتي طالت كل نواحي المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، وبالتالي أطلقنا هذا التوصيف، بناء على المعطيات والمعلومات القادمة من الميدان من قبل باحثينا، ومتابعتنا للتقارير الإسرائيلية، ولتصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وعلى سبيل المثال تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، والتي قالت فيها إن حماس لا تميز بين الإسرائيليين، ونحن نعمل نفس الشيء".

 

وأضاف جبارين في تصريحات خاصة لـ"فلسطين اليوم"، أن عدم التمييز بين المحارب والمقاتل والمدني، طبعت عمليات القصف والعمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة.

 

وأشار جبارين إلى أن الادعاءات الإسرائيلية بالقصف عن طريق الخطأ ، للمدنيين الفلسطينيين، ليست صحيحة، إذ يمكن أن يحدث حادث أو حادثين، أو بعض الأحداث المعزولة، يسقط فيها المدنيين بشكل عرضي، ولكن عندما نقول أن 80 في المائة من الشهداء هم مدنيين، ونرى بشكل يومي عمليات استهداف المدنيين، وهي عملية مستمرة وواسعة، لا يمكن أن نقول أن استهداف المدنيين الفلسطينيين كان بشكل عرضي، بل يؤكد أن استهداف المدنيين كان مقصودا ومخطط له من جانب إسرائيل وليس عرضي، وهذا ركن أساسي من أركان جريمة الحرب، التي تشمل ركنيين معنوي، من خلال السياسة المستمرة، وفي المقابل لا يوجد خطوات من جانب إسرائيل، لوقف الجريمة، فكل يوم يسقط المزيد من المدنيين الفلسطينيين، وفي بعض الأيام كان 90 في المائة من الشهداء هم من المدنيين الفلسطينيين، فهي سياسة يومية.

 

أما الركن الثاني فهو المادي، فهناك قتل للمدنيين الفلسطينيين، وهناك جرحى، وتدمير للبيوت، وللمساجد والمدارس، وغيرها من المؤسسات المدنية، وهذا يؤكد أن جريمة حرب ترتكب في قطاع غزة، وليس ذلك فقط بل ترتكب جريمة ضد الإنسانية، وهذه مرة أخرى أؤكد أنها ليست تعبيرات عاطفية، وليس أحكام سريعة، لأنها ممارسات يومية ومستمرة، وهذا أركان جريمة حرب ضد الإنسانية، وهذه العناصر موجودة في العدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة.

 

وتابع قائلا، ليست مؤسسة الحق، والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية، هي التي أطلقت هذا التوصيف، بل هناك مؤسسات دولية وعلى رأسها المفوضة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي  والتي قالت بصريح العبارة، بعض الأحداث تصل إلى جريمة حرب، وهذا ليس توصيف عابر، وإنما يعبر عن واقع ما يجري في قطاع غزة.

 

وأوضح الحقوقي الفلسطيني، أنه لا توجد أرقام دقيقة، عن عدد الشهداء والجرحى، وتدمير الممتلكات، لكن عدد الشهداء زاد عن 900 شهيدا، نصفهم من الأطفال والنساء، حوالي 48 في المائة، وهناك أعداد من الرجال المدنيين، فنسبة المدنيين الذين سقطوا في العدوان على قطاع غزة، تزيد عن 80 في المائة، وهذا رقم هائل، إضافة إلى 4000 جريح، و4000 بيت دمرت بشكل جوهري، و350 دمرت بشكل كامل، إضافة إلى تدمير 13 مسجدا، وهناك العدد من السكان، لا زالوا تحت الأنقاض، وتعطيل للإسعاف، وهناك شهداء في الحقول، وباعتقادي بعد أن تقف الحرب، سنجد الهول في عدد الشهداء وحجم هذه الجريمة والمأساة.

 

وحول ادعاء إسرائيل، أن عدوانها على قطاع غزة، يأتي في إطار الدفاع عن النفس، أكد جبارين، أن هذا الادعاء باطل، وذر للرماد في العيون، واستخدام غير قانوني، لعدوان غير قانوني، إذا أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، يضمن للدول الحق الشرعي في الدفاع عن نفسها، ولكن بشروط، أولها في حالة تعرض وجودها، وكيانها السياسي لخطر حقيقي، وصواريخ القسام، لا تؤدي إلى هذا الخطر، والشرط الثاني، أنه يجب إبلاغ مجلس لأمن، قبل أي مواجهة تفرض عليها، وإسرائيل لم تتوجه إلى مجلس لأمن، وهي كانت بشكل يومي تقوم بعمل مقاصصة للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، وليس ذلك فقط، بل تفرض عليهم حصارا، لاعتبارات سياسية ، وليس عسكرية ، إضافة إلى عمليات الملاحقة، والتوغلات، وعمليات القتل والاستهداف وهذه الممارسات لم تتوقف وبقيت مستمرة.

 

وأشار جبارين، إلى أن العدوان الحالي، كان مخطط له، حسب مسؤولي دولة الاحتلال، منذ 6 شهور، فهناك خطة مبيتة للعدوان، وليس موضوع آني، وأن الدولة العبرية في خطر، وبالتالي هذه الأسباب تدفع بعدم دقة والصحة القانونية، بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهناك شروط أخرى، مثل التناسبية في العمليات، والتمييز بين المدني وغير المدني، وبين الممتلكات المدنية وغير المدنية ، فحق الدفاع عن النفس، لا يعطي الحق باستهداف المدنيين والممتلكات المدنية، وبالتالي فالجرائم التي ترتكبها إسرائيل، على مدار الساعة، وللأسباب التي ذكرتها سابقا، تؤكد أن إسرائيل ترتكب جريمة حرب واسعة.

 

وأكد أن مؤسسات حقوق الإنسان، تستعد لرفع قضايا ضد المسؤولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وأن هناك آمال كبيرة بأن ننجح في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وذلك لقوة القضايا، وهذا الموضوع ليس اجتهادي أو أخلاقي، وهناك حاجة للعمل الدقيق والمتواصل حتى ننجح في رفع القضايا.

 

ولفت إلى أن هناك قلق في إسرائيل، إزاء الملاحقة القانونية، فقد كان هناك اجتماع للمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية ،دافع فيه عن نفسه، بأنه لم يكن هناك نية أو قصد في القتل، وأنه لا علم له بذلك، فالموضوع بدأ يلاحق الإسرائيليين، وهي مسؤولية يتحملها جميع مؤسسات حقوق الإنسان.

 

وحول الجهات التي سيتم رفع القضايا إليها، أشار جبارين، إلى أن هناك دول لديها قضاء مختص في جرائم الحرب، مثل إسبانيا وكندا وبريطانيا، وفي أكثر من دولة أوروبية ، يمكن من خلالها ملاحقة مجرمي الحرب.

 

وقال إن هذا يتطلب منا معرفة كل قضية، بعينها، وكل حادث بعينها، وربطها بأشخاص وصلاحياتهم، لكي نثبت أن هناك قصد جرمي، وهناك فنيات قانونية تستوجب المتابعة والتدقيق، والملاحقة الشخصية إما لمشاركته في الجريمة، أو أمر بالجريمة، أو غض النظر عن ارتكاب الجريمة، مثل بيت الريان وقتل أسر بأكملها، واستهداف المدارس، مشيرا إلى أن مؤسسات حقوق الإنسان تقوم بتوثيق الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.

 

وحول عدم ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين في مجازر ارتكبت سابقا، أشار جبارين، إلى أنه كان هناك تقصير، وفي أحيان أخرى كان هناك انسداد للآفاق، إذ أن هذا العمل يتطلب ملاحقة ومتابعة وربطها بالزمن فيما إذا ارتكبت من فترة لأخرى، أو مجتمعة، كملاحقة أرائيل شارون في مجزرة صبرا وشاتيلا، وبالتالي يجب أن لا نرتكب أخطاء كما حدث في الماضي، ونحن مصرون في المرحلة الحالية، على أن لا يفلت المجرم من العقاب.

 

وأضاف أن إسرائيل تعتبر نفسها فوق القانون، بسبب الدعم اللامحدود واللامشروط، وخاصة من أمريكا، التي عملت على تعطيل مؤسسات الأمم المتحدة عند النظر في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، كما حدث في مجلس لأمن، وهذا جعلها تشعر أنها محصنة من الملاحقة مهما ارتكبت من جرائم، ودورنا أن نكسر هذا الحاجز والصمت والتستر على الجرائم الإسرائيلية.

 

وبحضوص الجهات التي يحق لها رفض القضايا، أشار جبارين إلى مؤسسات حقوق الإنسان والأسر الفلسطينية التي اُرتكبت بحقها الجرائم، وكذلك السلطة الفلسطينية، من خلال توكيلات للمحامين الذين سيتولون متابعة هذه القضايا، والاستعانة بخبراء من البلدان التي ستُرفع أمام محاكمها هذه القضايا.