الشائعات.. أبواق تربك الغزيين في الازمات

الساعة 10:56 م|15 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

يواجه المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات ظاهرة الشائعات، التي تستهدف جميع القضايا والملفات، إذ لم تقتصر الشائعات على قضية معينة، فالسياسة والاقتصاد والشؤون المجتمعية وحتى حالة الطقس من الشائعات التي تضرب غزة.

وتعتبر الشائعات من أخطر الأسلحة المدمرة للمجتمعات والأشخاص، وخصوصاً عندما يتعلق موضوعها بقضية اجتماعية واقتصادية، أو حتى أمنية، حيث تنعكس سلباً في معظم الحالات على تماسك المجتمع.

و في الآونة الأخيرة ضربت قطاع غزة حملة شائعات كبيرة رُوج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أخطر تلك الشائعات تمثلت في التوتر الأمني الحاصل، إذ نسب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً عن مصادر مجهولة يثير القلق ويؤجج مشاعر الخوف فيما يتعلق بالحرب على غزة، وإمكانية القيام بحرب مدمرة تأكل الأخضر واليابس، ما دعا المواطنين للاستنفار، والنزوح عن أقاربهم، والازدحام على أبواب المخابز، وهو أمرٌ دعا المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الداخلية لتحذير النشطاء من تداول أخبار كاذبة تثير الخوف وتزعزع الاستقرار في مدينة غزة.

وقبل الشائعات الأمنية، ضربت غزة جملة من الشائعات التي استهدفت الحالة الاقتصادية، والتي تداول نشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي أخباراً تفيد بقطع الرواتب ومخصصات الشؤون، وزيادة نسبة الخصم من الرواتب، مما تسبب بحالة من البلبلة في الشارع الغزي.

ولأهمية الدور الملقى على المؤسسات والأشخاص العاملين في مجال النشر والإعلام، تحدثت مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" مع عدد من النشطاء والإعلاميين، حول سبل مواجهة انتشار الاشاعات في المجتمع والحد من تأثيرها على المواطن.

الكاتب الصحفي، محمد الجمل من جهته قال: "إن الشائعات هي داء ومشكلة موجودة في كل المجتمعات واستخدمتها بعض الجهات لخدمة اغراض، لكن في حالتنا الفلسطينية، فإن الأمر أكثر خطورة".

و أوضح الجمل بأن الاحتلال استخدم ويستخدم الإشاعة والحرب النفسية كوسيلة لهدم وتمزيق الجبهة الداخلية، خاصة في اوقات الحروب، معتبراً أن هذا له تأثير سلبي كبير على المجتمع.

و يرى الجمل بأن مروجي الشائعات ينقسمون الى قسمين، قسم يروجها عن قصد وهو مدفوع من جهة خارجية "مخابرات الاحتلال"، وهؤلاء عملاء ينفذون سياسات وسبق وحصلت الأجهزة الأمنية على اعترافات من قبل عملاء جندوا لهذا الغرض، والقسم الآخر هم النشطاء الأغبياء او من نسميهم "نشطاء النسخ واللصق"، وهم يروجون شائعات وينفذون مخططات الاحتلال دون وعي وإدراك.

و أكد بأن النوع الآخر من مروجي الإشاعات هم الأكثر خطورة، وهذا نتيجة وجود وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وما يسمى صحافة المواطن، وسعي البعض للحصول على إعجابات وتعليقات بهدف الشهرة الزائفة.

و حول سبل مواجهة هذه الظاهرة، قال الجمل إن الدور الأكبر يقع على الجهات الأمنية من خلال التوعية، و محاسبة كل من يثبت أنه قام بترويج هذه الإشاعات.

كما دعا الاعلاميين لمواجهة هذه الظاهرة بالصدق، من خلال تحويل صفحاتهم لمصدر للأخبار الصادقة، و تحذير الناس من ناشري الشائعات، و دعا لتضافر الجهود والعمل سويا لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.

بدورها أشارت الإعلامية آمنة حميد الى أن انتشار الشائعات في أشياء تخص هموم المواطن شيء طبيعي ووارد، و لكن حجم التفاعل السلبي واتساع رقعة التأويل تبعا للفهم الخاطئ سواء كان بقصد او بغير قصد هو اشبه ما يكون اليوم ظاهرة كبيرة تحتاج جهد كبير جدا مشترك من الجميع لمكافحتها، لافتة الى أن هذه مسؤولية وطنية يتوجب على الجميع الكف عن المساهمة في هذه التجارة الخاسرة التي تزيد من قسوة الظروف وشقاء عامة المواطنين.

و أوضحت حميد بأن الأمر الأساسي الملقى على عاتق الإعلاميين والإعلاميات والنشطاء هي التأكد وبشكل قطعي قبل الحديث عن أي معلومات من الممكن أن تكون نسبة المواطنين الذين ينتظرون الحديث بها كبيرة.

و اعتبرت أن انتشار وسائل التواصل نعمة ونقمة في حين يتمكن النشطاء أحيانا من ترويج مقاطع مصورة بالصوت والصورة تزيد من نسبة تأثيرات الإشاعات وهذه هي النقمة بذاتها.

و دعت حميد الإعلاميين و النشطاء للتحلي بالامانة، وان يتمتع بمواصفات المواطنة الصالحة وان يحد من انتشار الشائعات من موقعه المؤثر في المنبر الإعلامي الذي يعمل به بالحقائق الواضحة الجلية لإن الحقيقة فقط لا يمكن تغطيتها (الشمس لا تغطى بغربال).

كما دعت كافة المؤسسات والنقابات العاملة في مجال الإعلام لمحاسبة كل اعلامي وناشط يقوم بترويج الاشاعات والتراشق الإعلامي الذي يزيد من إحباط المواطنين ويأسهم، مما يسهم في تحقيق أهداف العدو الصهيوني باختراق الجبهة الداخلية الفلسطينية وتحقيق مكاسب على حساب المصلحة النفسية والاجتماعية والاقتصادية لعامة الناس.

الناشط الإعلامي، جواد منصور من ناحيته فقال: " لا حدود أبدًا على ساحتهُ، ولا أمنٌ فعال يقيض المجرمين، عالمٌ افتراضي تُنتهك فيه الخصوصية ممن يدعي الحفاظ على أسرار المستخدمين، وتنتشر فيه الإشاعات سرعةُ البرق اللامع في سماء كوكبنا الصغير، شريعتهُ شريعة الغاب، فمن يمتلك قاعدةً من جمهور العالم الافتراضي، يبقى يعتلي الجبهات الافتراضية التي لا تتوقف أبدًا، ويجابه خصومه وأعدائه، دون رقابة على طبيعة وجوهر المحتوى، هكذا يُمكن وصف عالم مواقع التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا".

من جانبه، ألقى الناشط الإعلامي حمزة المصري باللوم على صفحات التواصل الاجتماعي، التي يقوم شبان بتغذيتها من خلال اشاعات تتعلق بأمور تخص هموم المواطنين.

و حول الهدف من انتشار هذه الصفحات، أشار المصري الى أن الشهرة هي أهم أهداف البعض من القيام بترويج هذه الاشاعات، مؤكداً بأن مثل هؤلاء يبحثون عن نقاط الضعف لدى المواطنين، و التي تمس مشاعرهم.

و لم يستبعد المصري وجود صفحات مشبوهة تقوم عليها أجهزة استخبارات الاحتلال بهدف ضرب الجبهة الداخلية للمجتمع الفلسطيني، و خصوصاً قطاع غزة.

و لفت الى أن تأخر المصادر الرسمية في إعطاء المعلومات يساعد في انتشار الاشاعات، و التكهنات لدى مرتادي صفحات التواصل الاجتماعي.

 

 

كلمات دلالية