غرينبلات يكشف علاقات أنظمة عربية سرية مع الكيان الإسرائيلي

الساعة 01:15 م|15 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

في مقالةٍ خص بها صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم الخميس، تناول مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، العلاقات بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية، السرية منها والمعلنة، بما يعكس الدور الكبير الذي تؤديه واشنطن في خدمة المصالح "الإسرائيلية" في المنطقة، تحت شعارات السلام والاستقرار والازدهار.

شدد غرينبلات في مقالته على المصالح المتداخلة لإسرائيل مع عدد من الأنظمة العربية، على رأسها السعودية والإمارات وعمان، وبضمنها "لجم دور إيران، ومحاربة التطرف والإرهاب، والمياه والمواصلات"، بحسبه، باعتبارها رافعة لتطوير العلاقات، وتحويلها إلى علاقات رسمية معلنة.

وأبرز في مقالته حقيقة أنه فوجئ بما يسمعه من المسؤولين العرب في الغرف المغلقة بشأن علاقات عمل جدية مع "إسرائيل"، من وراء الكواليس. كما أشار إلى امتناع بعض المسؤولين عن التصريح بذلك بسبب المخاوف من سياسات قديمة تتصل بلاءات الخرطوم الثلاث ورفض التطبيع مع "إسرائيل"، بينما تحلى بعضهم بـ "الجرأة المطلوبة"، على حد تعبيره، حيث أن عددا من الأنظمة العربية، على رأسها الإمارات وعمان، قد حولت الاتصالات التي كانت تجري من وراء الكواليس إلى مكشوفة.

وفي حين يدعي أن تقارب هذه الأنظمة مع إسرائيل لا يشير إلى أنها غير معنية بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، فإنه يؤكد أن هذه الأنظمة تضع مصالحها الخاصة على رأس سلم أولوياتها.

في مقالته التي كتبها تحت عنوان "الآن هذا هو الوقت لتحقيق السلام والازدهار في الشرق الأوسط"، كتب أنه لم يتم بعد تذويت "حقيقة وجود مصالح متداخلة لدول مختلفة في الشرق الأوسط". وبضمن هذه المصالح "الحاجة إلى لجم النشاط السلبي لإيران، ومواجهة التطرف والإرهاب، والتحديات المرتبطة بالمياه والمواصلات"، باعتبار أنها تخلق فرصا للتعاون من أجل "منطقة مستقرة أكثر ومزدهرة أكثر". على حد قوله.

وعزا غرينبلات إلى عدم استنفاد هذه الفرص في كافة المجالات لوجود عقبة جدية تقف في الطريق، وهي "غياب العلاقات الرسمية والمكشوفة بين إسرائيل وجيرانها".

وادعى أن دول المنطقة، خلافا لدول أخرى في العالم، لا تستطيع الاستفادة من "الابتكارات والإبداعات الإسرائيلية في مجالات كثيرة، وخاصة بكل ما يتصل بتحلية المياه واقتصاد المياه وتطويرات تكنولوجية مختلفة، أو خبرتها في مواجهة أبعاد الإرهاب المزعزعة للاستقرار، والنشاط السلبي لإيران"، وذلك بسبب "غياب الدمج الجدي والحقيقي لإسرائيل في المنطقة، رغم أنه يوجد لإسرائيل وجاراتها مصالح مشتركة كثيرة وتهديدات متشابهة".

وأشار إلى أنه خلال 22 شهرا أشغل فيها منصبه في البيت الأبيض، كانت لديه الفرصة لإجراء محادثات "صادقة ومهمة" مع الزعماء وكبار المسؤولين في دول كثيرة في المنطقة. وأنه "فوجئ بسماع ما يقولونه عن علاقات العمل الجدية والمهمة مع إسرائيل، وعن التقدم الذي طرأ على هذا العمل المشترك. ولكن هذا التعاون ظل وراء الكواليس بغالبيته حتى الفترة الأخيرة".

وبحسبه، فقد امتنع الذين أجرى محادثات معهم عن القول بشكل صريح ما يقولونه في الغرف المغلقة، بسبب المخاوف من سياسات قديمة تعود إلى أكثر من 51 عاما، في إشارة إلى لاءات الخرطوم الثلاث: لا للسلام مع إسرائيل، ولا للاعتراف بها، ولا للمفاوضات معها. علما أن دولتين من الدول التي شاركت في مؤتمر الخرطوم، الأردن ومصر، وقعتا على اتفاقيات سلام مع إسرائيل، واللتين ادعى بشأنهما أنهما "تستفيدان من ثمارها الاقتصادية والأمنية. ورغم أنه لا يزال هناك الكثير من الفوائد في المجال الاقتصادي التي تستطيع الأردن ومصر وإسرائيل استخلاصها من هذه العلاقات إلا أن الاتفاقيات كانت خطوة في الاتجاه الصحيح".

وكتب أيضا أن ما كان يحصل حتى اليوم وراء الكواليس يتحول تدريجيا إلى مكشوف. وأشار في هذا السياق إلى ما كتبه وزير خارجية عُمان مؤخرا، بعد يومين من زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الرسمية إلى سلطنة عمان: "إسرائيل هي دولة قائمة في هذه المنطقة، نحن نفهم ذلك ونعرفه، والعالم أيضا يعرف هذه الحقيقة. وبالرغم من ذلك، فإن إسرائيل لا تحصل على التعامل الذي تقدمه هي لدول أخرى. ربما حان الوقت لكي تحصل على التعامل نفسه، وتتحمل واجباتها تجاه دول أخرى. لماذا؟ لأن الحديث عن حقيقة قائمة". كما قال: "نحن في عالم يتطور، ولدى إسرائيل القدرات التي تسمح لها بالاستعانة بالآخرين وتقديم المساعدة لهم".

كما أشار غرينبلات إلى أن ملك البحرين، حمد بن عيسي آل خليفة، سمح، مؤخرا، لوزراء ومسؤولين آخرين في المملكة بالاجتماع مع مسؤولين إسرائيليين. وعبّر عدة مرات عن معارضته لمقاطعة إسرائيل. وكان وزير خارجية البحرين قد كتب تغريدة على تويتر، في وقت سابق من الشهر الجاري، يدعم فيها موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن دور السعودية في المنطقة: "رغم الخلافات القائمة في الرأي، فإن بنيامين نتنياهو ذو موقف واضح بكل ما يتصل بأهمية الاستقرار في المنطقة، وأهمية الدور الذي تلعبه السعودية في هذا الاستقرار".

وكتب أيضا أن هناك نماذج أخرى للتقارب بين إسرائيل وجاراتها، وهناك مسؤولون رسميون في دول عربية باتوا لا يخشون الظهور مع جهات رسمية إسرائيلية. ولفت في هذا السياق إلى أن سفيرا الإمارات وإسرائيل لم يشعرا بعدم الراحة عندما جلسا حول طاولة واحدة في مناسبة ما في واشنطن. كما أشار إلى إشادة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مؤخرا، بدور مصر كأول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مضيفا "عندما طرح السادات فكرة السلام، لم يعتقد أحد أن الرأي العام سيتقبل ذلك".

كما أشار إلى نموذج آخر اعتبره دلالة على التقارب مع العلاقات مع إسرائيل، وهو مشاركة وفوز رياضي إسرائيلي في مباريات الجودو في الإمارات مؤخرا، وبضمن ذلك رفع العلم الإسرائيلي وإنشاد نشيدها الوطني "هتكفا"، بحضور وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغيف.

واعتبر غرينبلات أن هذا التقارب لا يعني أن هذه الأنظمة لم تعد تعنى بالقضية الفلسطينية، وإنما لكون هذه الأنظمة تسعى لتحقيق مصالحها وإعطائها الأولوية. وأضاف أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعمل سوية مع المنطقة من أجل الدفع بهذا التوجه، وأنها تفرح لرؤية كثيرين من أصدقائها في المنطقة يبدأون العمل سوية من أجل مواجهة "التحديات المشتركة".

وبحسبه، فقد "حان الوقت للعمل سوية من أجل استقرار وازدهار المنطقة. هناك تهديدات حقيقية، وتحديات حقيقية أمام كل طول المنطقة. الفلسطينيون يقفون أمام التهديدات ذاتها، وهم قادرون أيضا على الاستفادة من هذه الجهود. ومن خلال العمل المشترك، تستطيع إسرائيل وجاراتها السعي لاستنفاد الإمكانات التي يستحقونها".

كما ادعى أن التمسك بلاءات الخرطوم وسياسة رفض التطبيع مع إسرائيل غير ناجع، ولا يفيد أحدا، وأنه حان وقت التغيير، وأن ما "يثلج صدره هو رؤية زعماء عرب يبدون الجرأة المطلوبة لتحقيق هذا التغيير".

كلمات دلالية