التطبيع الخليجي طَوْق نجاة "نتنياهو" في الانتخابات القادمة- بقلم : حسن لافي

الساعة 08:55 ص|14 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

بقلم : حسن لافي

صوَر العواصم العربية الخليجية المُشرَعة أمام قادة اليمين الإسرائيلي، بدءاً من تجوّل نتنياهو رئيس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ "إسرائيل" في قصور مسقط الفارِهة، مروراً بالتطبيع الرياضي في الدوحة، وصولاً إلى بروبغاندا البكاء المُبتَذل على ألحان النشيد الوطني الإسرائيلي "هتيكفا" في أبو ظبي، لـ"ميري ريجف" الوزيرة الأكثر فاشية في حكومة نتنياهو ، وليس خِتاماً بمشروع سكّة حديد "السلام" لوزير المواصلات "يسرائيل كاتس" الهادِف إلى ربط دولة الاحتلال بعواصم الخليج.

اللوحة السياسية التي تتزاحم بها صوَر التطبيع الخليجي مع وزراء حكومة اليمين الإسرائيلي من حزب الليكود، التي رسمها الساحِر نتنياهو _ كما يصفه مؤيّدوه _ في هذه الفترة الزمنية الحسّاسة في المشهد السياسي الإسرائيلي الداخلي، باتت عنوان شعار الحملة الانتخابية القادمة لحزب الليكود اليميني بقيادة نتنياهو، خاصة مع تزايُد احتمالية ذهابه إلى انتخابات مُبكرة، لقَطْعِ الطريق على لوائح الاتّهام، المُتوقّع تقديمها ضدّه في قضايا الفساد في مطلع العام المُقبِلْ.

ولكن يبقى السؤال الأهم لماذا حزب الليكود بقيادة نتنياهو يستعمل ورقة التطبيع الخليجي استراتيجية لحملته الانتخابية في الكنيست القادمة؟؟؟.

يُعتَبر نتنياهو الأفضل من بين كل السياسيين الإسرائيليين، الذي يمتاز بقدرته على توجيه الرأي العام الصهيوني، من خلال اللعب على فوبيا فُقدان الأمن السرمدي المسكون في الذهنية اليهودية، لذلك لُقِّب نتنياهو بامتياز "سيّد الأمن" في دولة الاحتلال، لكن مُعضلة نتنياهو في هذه المرحلة أن الفشل هو العنوان الأبرز في ملفات الأمن المطروحة على الأجندة السياسية في دولة الاحتلال.

يُعتَبر الملف الفلسطيني الأكثر إلحاحاً من الناحية الأمنية في دولة الاحتلال، خاصة مع اندلاع مسيرات العودة وكَسْر الحصار في غزّة، التي أوضحت العوائق العديدة أمام الإسرائيلي باتّخاذ قرار المواجهة العسكرية المفتوحة مع غزّة من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى نجاح الفلسطيني في غزّة في خَلْقِ مساحات اشتباك جماهيرية شعبية بأساليب جديدة لديها القدرة على تحييد الترسانة العسكرية التدميرية الإسرائيلية، في ذات الوقت تُفقد مستوطني غلاف غزّة شعورهم بالأمن الشخصي، ناهيك عن إمكانية تدحرج هذه المواجهة إلى ساحة الضفة الغربية، وهنا يبرز فشل جديد لمنظومة الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية على وَقْعِ العمليات الفدائية الفردية، وعدم قدرة جهاز الشاباك الإسرائيلي على وقفها، والأخطر أنه أصبح يجد صعوبة في إلقاء القبض على مُنفّذيها، "أشرف نعالوه" مُنفّذ عملية مستوطنة بركان البطولية مثالاً صارخاً على ذلك، الأمر الذي دفع "نداف أرجمان" مسؤول الشاباك التحذير من اقتراب انفجار الوضع في الضفة الغربية.

الجبهة الشمالية الأكثر خطورة استراتيجياً على الأمن القومي الإسرائيلي، عناوين الفشل الأمني الإسرائيلي في تلك الجبهة أكثر من عناوين نجاحه، وخاصة على المستوى الاستراتيجي لمُتطلّبات الأمن الإسرائيلية، التي أعلنها المستوى السياسي والعسكري تكراراً، حرية حركة الفعل الصهيوني على الساحة السورية بدأت بالانحسار، خاصة مع امتلاك سوريا لمنظومة صواريخ "الأس "300، بالإضافة إلى الموقف الروسي السلبي من التنسيق الميداني مع الجيش الصهيوني على أثر إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية، لكن يبقى الفشل الأكبر هو عدم قدرة نتنياهو على تنفيذ وعده لجمهوره بعدم السماح للتواجد الإيراني في سوريا، وهنا يبرز الفشل الاستراتيجي الأهم، وإذا أضفنا إلى ذلك نقل مصانع الصواريخ الدقيقة إلى حزب الله على الأرض اللبنانية، وإرسال أجهزة توجيه الموقع الجغرافية لتتحوّل صواريخ المقاومة العمياء في الجبهة الشمالية إلى صواريخ تستطيع إصابة أهدافها بدقّة عالية، كما يتحدّث الإعلام الصهيوني، ورغم ذلك الكابينت الأمني الإسرائيلي الأكثر تطرّفاً في تاريخ "إسرائيل" لا يمتلك القدرة على الذهاب إلى الحرب على الجبهة الشمالية.

لم يبق أمام نتنياهو إلا البحث عن تسويق إنجازات أمنية، تغطّي على فشله الحقيقي في الملفات الأخرى، بطولات ليس بمقدور الشارع الإسرائيلي التأكّد من حقيقتها على الأقل في فترة حملته الانتخابية القادمة، وهنا تبرز وظيفة التطبيع الخليجي كحبل نجاة لليمين الصهيوني لضمانة استمرار حُكمه، حيث أن صوَر القصور الخليجية المفتوحة لصقور اليمين من حزب الليكود يهدف من ورائها:

1- إظهار نتنياهو أنه يقود تشكيل حلف صهيو_خليجي تحت مظلّة الرئيس الأميركي ترامب في مواجهة المشروع الإيراني في الاقليم، وهنا يُمكن فَهْم سلوك تصريحات نتنياهو الإعلامية المُتكرِّرة الهادِفة إلى إبراز شخصيته كمؤثّر رئيسي على قرارات ترامب تجاه إيران، الأمر الذي كان واضحاً من إيحاءات نتنياهو في قرار العقوبات الأميركية الأخيرة على إيران.

2 – تعزيز مُقاربة اليمين الصهيوني القائِلة إن: إعطاء الفلسطينيين بضعاً من حقوقهم الوطنية والإنسانية ليست بالضرورة المدخل الصحيح لبناء علاقات طبيعية مع الدول العربية، بل بات بمقدور دولة الاحتلال بناء شراكات مع الدول العربية على أساس التعاون الاقليمي في قضايا الأمن والإرهاب والاقتصاد بعيداً عن الموضوع الفلسطيني، بل إن هذه الشراكات تستخدمها "إسرائيل" كورقة ضغط على الفلسطيني ليتنازل عن المُتبقّي من حقوقه الوطنية، وهنا يكمن جوهر الرؤية الإسرائيلية لصفقة القرن الأميركية.

3- محاولة تصدير أن "إسرائيل" تحت حكومة اليمين بات بمقدورها العسكري أن تكسر المقولة المأثورة داخل المؤسّسة العسكرية الصهيونية " "إسرائيل" ليس لديها حدود مع إيران ، ولكن إيران لديها حدود مع "إسرائيل"" ، الحديث يدور عن سياقٍ متنامٍ من التنسيق العسكري والأمني مع بعض الدول الخليجية، الأمر الذي كشفته طبيعة الوفد المُرافق لنتنياهو إلى سلطنة عُمان.

رغم إدراك المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية عدم مصداقية هذه الصورة الأمنية شبه الوهمية، لكنها تبقى مُستفيدة منها لإخفاء تآكل خياراتها العسكرية تجاه إيران، ومحور المقاومة.

 

 

 

كلمات دلالية