خبر كل البلاد أعلام أعلام.. يديعوت

الساعة 10:53 ص|12 يناير 2009

بقلم: ناحوم برنياع

في اثناء حملة الجيش الاسرائيلي في غزة تصدرت الجبهة الداخلية صفحات اعلامية للمنظمات المدنية. بيان رقم 1 يتحدث عن بحث جرى برئاسة نائب وزير الدفاع متان فيلنائي. جرى فيه الحديث ضمن امور اخرى عن معدات ينبغي استكمالها. فتنقص مثلا رزمة تفعيل للاطفال. تنقص أجهزة تلفزيون في بعض الملاجيء. تنقص رزم لحالة الطوارىء. تنقص فرشات وسخانات لاعداد الشاي. كما ينقص 200 علم اسرائيلي.

لا ريب: هذا هو موسم العلم. في مظاهرة اليمين في صالح الحملة، التي عقدت أمام ميدان رابين في تل أبيب في نهاية الاسبوع الاول وقف المتظاهرون وهم يلتفون بالاعلام الوطنية. وجاءت المظاهرة لتحدي مسيرة اليسار التي مرت في ذات اللحظة في شارع ابن جبيرول. مظاهرة اليسار حرصت على التنوع في اعلامها: كانت هناك اعلام فلسطين واعلام حمراء وعلم كثير الالوان للجماعة المثلية وعلمان لاسرائيل. اليساري الذي اختار لف نفسه بالعلم الازرق – الابيض تحدى مرتين: مرة قال لمتظاهري اليمين ان العلم ليس لكم وحدكم بل لنا ايضا، وفي المرة الثانية قال لمتظاهري اليسار انه لا تناقض بين الوطنية ومعارضة الحملة.

لشدة الحظ، كان هناك مئات الشرطة والا لنشبت مشادات يدوية شديدة بين الاسرائيليين الذي يلتفون بذات العلم.

في شرفات عديدة في منطقة الجنوب رفعت في الاسابيع الاخيرة أعلام الدولة. وجاءت الاعلام للتعبير عن الحصانة الوطنية، وحدة المصير، الدعم للحملة. وقد أتاحت للعائلات المأزومة بان تشعر بانها جزء من وحدة كبرى، قوية، مظفرة.

باي قدر يختلط فيه الشخصي مع الوطني تعرفت ذات يوم، عشية الحملة، في مطعم يطيب لي أن ادخله، في سديروت، حين قال لي صاحب المطعم والدموع في عينيه: اني أقف امام زوجتي واطفالي. يسألوني ماذا سيكون، حتى متى، ولا جواب عندي. أشعر بانعدام الوسيلة وكأني فقدت شرفي كاب للاسرة، وكأني فقدت شرفي كرجل.

لا يوجد شيء سيء في الموجة الوطنية التي تمر على الدولة. يمكن أن نرى فيها رد فعل طبيعي، سليم، على الاهانة طويلة السنين التي مر بها الاسرائيليون على يد حماس، ويمكن ان نرى فيها عطشا للاجماع، للهدوء الداخلي، بعد سنوات من الشقاق والنزاع.

هذه النزعة الوطنية مثلها مثل قرص التهدئة: محظور أخذه بعيار اعلى مما ينبغي. يمكن أن نفهم لماذا يفضل الناس الذين يجلسون كل مساء لمشاهدة البث الذي لا ينتهي في التلفزيون ان يسمعوا البشائر الطيبة فقط. لكثيرين منهم يوجد اقرباء او اصدقاء في الوحدات التي دخلت الى غزة، او في البلدات التي دخلت الى مدى الصواريخ. وهم قلقون. والشك لا يؤدي الا الى تفاقم قلقهم.

ولكن ما مسموح لهم ليس مسموحا للساحة السياسية ووسائل الاعلام. وكمن أيد الحملة من بدايتها أتابع خطاها بقلق. أخشى من التورط الذي يجعل اسرائيل تعلق لاشهر وسنين في غزة. في البداية سترفع اعلام النصر. بعد ذلك ستنهض اربع امهات، اربعين أما، اربعمائة الف أم. الناس يريدون النصر، ولكنهم غير مستعدين لان يدفعوا ثمنه. اذا كان لايهود باراك اوهام بهذا الشأن، يجدر به أن يسأل رفيقته في قيادة حزب العمل شيلي يحيموفتش، التي سوقت أربع امهات الانسحاب بنجاح هائل للجمهور الاسرائيلي.

أخشى المس بالمدنيين في غزة. حرب لبنان الثانية دارت في معظمها في منطقة اخليت من المدنيين. بقي فيها فقط رجال حزب الله. للغزيين لا يوجد الى اين يفرون. من الصعب جدا التمييز في اثناء القتال بين مدنيين غير مشاركين وبين رجال حماس. المعطيات التي نشرها الجيش الاسرائيلي في هذا الموضوع تترك خلفها علامات استفهام. كم من أصل 800 او 900 فلسطيني قتلوا حتى يوم أمس هم مقاتلي حماس؟ هل موظف بريد في حكومة حماس يعتبر ايضا ابن موت؟ هل شرطي سير؟

مراسلة "هآرتس" عميرة هاس كتبت ان حسنا ان أبويها ماتا ولم يضطرا الى أن يريا جرائم اسرائيل في الحملة في غزة. خلافا لها، آسف على أن ابوي توفيا، ولكن ليست هذه هي النقطة الوحيدة التي اختلف فيها معها. في نظري الجيش الاسرائيلي ليس جيش مجرمي حرب. على الرغم من ذلك، فان الصور من غزة مقلقة.

لا يوجد شيء منعش، لا شيء وطني، في طفل يقتل بقذيفة او في عائلة تدفن تحت منزل. ربما هؤلاء لا يهمون حماس اما نحن فيجب ان يهمونا.