خبر محور فيلادلفيا – تل ابيب.. معاريف

الساعة 10:46 ص|12 يناير 2009

بقلم: عاموس جلبوع

حكومة اسرائيل عادت وقررت بان هدف الحملة في غزة هو "تغيير الوضع الامني من اساسه"، من اجل احلال هدوء طويل المدى لسكان الجنوب. ويمكن ان نلخص بالانكليزية المعنى العملي لهذا الهدف بانه: no rockets out of Gaza, no rockets into Gaza بمعنى: في الوضع الجديد الذي يسود في الجنوب لن تطلق الصواريخ من قطاع غزة ولن يتم ادخال صواريخ الى قطاع غزة، اذ توجد صلة متبادلة وثيقة بين الاثنين.

ماذا تحقق حتى الان في هذين العاملين؟ حماس فقدت كل اجهزة الحكم والادارة لديها؛ قدرتها العسكرية تضررت؛ شبكة الانتاج الذاتي للصواريخ دمرت كلها تقريبا؛ مخزونات عديدة من وسائل القتال والذخيرة ابيدت؛ مئات المقاتلين قتلوا بمن فيهم بعض المسؤولين الكبار.

ولكن قيادتها السياسية والعسكرية لم تصب بأذى حاليا. كميات الصواريخ بعيدة المدى التي كانت في حوزتها قلت، ولكن اغلب الظن بقي في حوزتها كمية كبيرة من صواريخ القسام من انتاج ذاتي. المعنى: اذا انتهت الحملة قريبا ولم توسع، ستبقى لحماس قدرة على اطلاق الصواريخ غير قليلة. ما الذي يمكن له ان يمنعها من اطلاقها في المستقبل المنظور؟ اساسا الردع الاسرائيلي، والرغبة في اعادة بناء الذات مدنيا وعسكريا.

السؤال الكبير والحرج هو، يمكن لحماس ان تدخل الصواريخ الى القطاع من اجل اعادة بناء ذاتها وشراء صواريخ ذات مدى ابعد، تصل الى غوش دان. لا يوجد اي شك بان هذه ستكون المصلحة العليا لحماس، مثلما هي مصلحة ايران، التي من شأنها ان تهرب كميات كبيرة من الصواريخ وغيرها من الوسائل.

في هذا السياق يوجد فارق جوهري بين حزب الله وحماس. قرار المجلس 1701، الذي ادى الى انهاء حرب لبنان الثانية في صيف 2006، حذر تهريب السلاح الى حزب الله، ولكن هذه كانت نكتة: لا اسرائيل ولا اي جهة كان يمكنها ان توقف تهريب السلاح من سوريا الى لبنان على طول الحدود الجبلية التي تمتد بمئات الكيلومترات.

الوضع مختلف على الحدود بين قطاع غزة ومصر على طول المحور المسمى فيلادلفيا، والذي تعمل تحته الانفاق من مدينة رفح المصرية الى مدينة رفح الفلسطينية داخل قطاع غزة. هذا محور طوله 14 كيلومتر فقط.

يفترض ان يكون للمصريين ظاهرا مصلحة واضحة في منع التهريب من اراضيها الى حماس في غزة، بل يمكنها ان تحقق هذه المصلحة ايضا. وبالطبع يوجد لاسرائيل ايضا مصلحة عليا في منع التهريب.

ولكن المشكلة من ناحية اسرائيل مزدوجة: اولا، مصر هي دولة ذات سيادة ومشكوك جدا ان يكون ممكنا حملها على التعهد الكامل بمنع بناء انفاق جديدة بدل تلك التي دمرناها في الاسبوعين الاخيرين. تجربة الماضي في هذه المسألة بشعة. ثانيا، ادخال قوات دولية مع قدرات وصلاحيات تمنع التهريب حقا، لا يبدو كشيء واقعي.

المعنى واضح: اسرائيل ملزمة بان تتصرف حسب قاعدة: "اذا لم اكن انا لنفسي فمن لي". بمعنى، السيطرة الفورية على محور فيلادلفيا الذي في جانب رفح الفلسطينية، توسيعه باتجاه الشرق وبذلك خلق منطقة فاصلة بين الحدود المصرية وقطاع غزة. وسيكون هذا القاطع لمنطقة حرام (no man`s land) تحت نظام رقابة اسرائيلي يحقق بذلك حقها في الدفاع عن نفسها.

حتى متى؟ الى ان يحل السلام بيننا وبين السلطة الفلسطينية. مثل هذه الخطوة تنطوي على ما يبدو على غير قليل من المشاكل القانونية والسياسية، ولكن كل حل اخر، يستند في اساسه على الوعود المصرية، لن يكون مصادقا، سيفوت الهدف المحدود للحملة ويضمن ان "حرب غزة الثانية" لن تتأخر في القدوم ومعها صواريخ حماس حتى غوش دان ايضا.