خبر 10 ملاحظات سريعة../ زهير اندراوس

الساعة 01:15 م|11 يناير 2009

 

أولاً: بمزيد من الحزن والأسى ننعي إليكم وفاة السواد الأعظم من كرامة زعماء الأمةّ العربية من محيطها النائم إلى خليجها الخامل، كما نعلمكم بأنّ التعازي تُقبل في منتجع شرم الشيخ الذي يستعمله الرئيس المصري محمد حسني مبارك، لطبخ المبادرات، لصالح العرب والمسلمين. الرجاء عدم اصطحاب الأولاد أو الأطفال لأنّ الأمر قد يثير مشاعر الرئيس وحاشيته، خصوصاً وأن إبادة أطفال غزة بآلة الحرب الإسرائيلية الحبيبة والصديقة مستمرة. كما نلفت عناية المهتمين بالأمر إلى أنّ بسبب الخلافات بين الأنظمة العربية، وليس بين الشعوب، فقد تقرر عقد قمة طارئة للاتفاق على موعد ومكان الجنازة، حيث من المتوقع أن تترأس القمة وزيرة الخارجية الأمريكية الآنسة كوندوليسا رايس، قبل أن تنصرف عن المشهد السياسي هي ومجرم الحرب رقم واحد في العالم جورج بوش.

 

ثانياً: لم نسمع حتى الآن أصوات عربان الأحزاب الصهيونية على مختلف مشاربها في الداخل الفلسطيني، فماذا هو رأي عربان حزب العمل بقيادة وزير الأمن الإسرائيلي ايهود باراك؟ وماذا يعتقد عربان كاديما، الذي تترأسه ضابطة الموساد السابقة ووزيرة الخارجية حالياً تسيبي ليفني؟ وبماذا يُفكر عربان الليكود، الذي تزداد قوته بحسب الاستطلاعات مع تواصل العدوان البري البربري على غزة؟ وكيف يفسر لنا عربان حزب ميرتس "اليساري" أنّ الحزب يدعم العدوان الهمجي والبربري على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ هل أصابت عربان الأحزاب الصهيونية عدوى بعض الحكام والملوك والأمراء والسلاطين العرب، الذين حوّلوا التواطؤ مع إسرائيل ضد الأمّة إلى إستراتيجية؟ المضحك والمبكي أنّ الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية، غالب مجادلة، احتج على العدوان وقاطع جلسة الحكومة، فقام رئيس الوزراء بإنزال أشد العقوبات عليه ومنعه من زيارة الأردن، فعاد الوزير إلى حضور جلسات الحكومة. أما المأساة الحقيقية فتكمن في أنّ هذا الوزير "العمّالي" انضم إلى الحكومة بعد أن استقال الوزير الصهيوني أوفير بنيس- باز، احتجاجاً على ضم الفاشي المأفون أفيغدور ليبرمان إلى الحكومة، ما معناه، أنّ الإسرائيلي اليهودي الصهيوني استقال، ليحل مكانه الوزير العربي أو المستعرب، أو ما تسعى الدولة العبرية إلى خلقه: العرب الجيدون.

 

ثالثاً: كنا حذّرنا بعد انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية بأنّه لن يُغّير شيئاً في السياسة الخارجية الأمريكية، وفي الامتحان الأول سقط أوباما، وهو بالمناسبة "أسود" البشرة، ولكنّه "أبيض" بأفكاره، وبعد صمت مطبق أدلى بدلوه وقال إنّه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، أي أنّه شرعن قتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين، لم يخيب أملنا هذا الرئيس الجديد فهو صنيعة اللوبي الصهيوني وأسير اللوبي الإسرائيلي، والعرب يصفقون ويتفرجون.

رابعاً: على الرغم من سياسة الترهيب والملاحقة السياسية التي تقوم بها أجهزة الظلام في الدولة العبرية ضد الفلسطينيين في الداخل، إلا أنّ المظاهرة التي أقيمت في سخنين وشارك فيها نحو 150 ألف مواطناً من عرب الـ48 كانت أكبر رد على هذه الحملة التي يقودها جهاز الأمن العام (الشاباك الإسرائيلي). كما أنّ المظاهرة التي نُظمت في باقة الغربية الجمعة شارك فيها نحو مائة ألف. وبالمناسبة، المشاركون في المظاهرة يشكلون حوالي 10 بالمائة من فلسطينيي الداخل، تخيلوا لو أنّ عدد المشاركين في المظاهرات في الدول العربية وصل إلى 10 بالمائة من عدد السكان. لو أنّ هذا الأمر حدث، لكانت أنظمة التواطؤ في البلدان العربية على كف عفريت، ومع ذلك، علينا الاعتراف والإقرار بأنّ مظاهرات الغضب التي تعم العالم العربي غير مسبوقة، على الرغم من أنّ المملكة العربية السعودية ما زالت تمنع مواطنيها من التظاهر تضامناً مع إخوانهم الذين يُقتلون في غزة هاشم.

 

خامساً: بموجب المعاهدات والمواثيق الدولية، وتحديداً اتفاقية جنيف الرابعة، فإنّ قيام دولة ما بإغلاق حدودها أمام اللاجئين الذين يريدون الفرار من الحرب هو مشاركة في جريمة حرب، كما قال أستاذ القانون الدولي في جامعة ليون الفرنسية في حديث أدلى به لفضائية الجزيرة القطرية، وبالتالي فإنّ النظام المصري، الذي يُغلق معبر رفح، متهم بارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق، أفاد مراسل (الجزيرة نت) أنّ عدداً من المحامين تقدموا بطلب إلى المدعي العام البريطاني للمطالبة باعتقال عدد من المسؤولين الإسرائيليين ومن بينهم شمعون بيريز وإيهود أولمرت وتسيبي ليفني وإيهود باراك بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة أو المشاركة فيها. كما طالبوا بإصدار مذكرة لاعتقال رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف ووزير خارجيته أحمد أبو الغيط بتهمة المشاركة في ارتكاب هذه الجرائم في قطاع غزة. وتطلب العريضتان من المدعي العام التحقيق في التهم وربما إصدار أوامر توقيف للأشخاص المعنيين.

 

سادساً: الشيء بالشيء يُذكر: النائب العام في المحكمة الدولية فتح تحقيقاً ضد الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، دون أن يتوجه إليه أحد بشكوى، فلماذا لا يقوم بالتصرف وفق نفس المعيار مع قادة إسرائيل؟ وهل وصل النفاق الأوروبي إلى المحكمة الدولية في لاهاي؟ علاوة على ذلك، أكدّ زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أنّه سيتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بسبب دعواته المتكررة لمحو إسرائيل عن الخريطة، هذه قمة الصلافة والوقاحة، فإسرائيل الدولة المارقة بامتياز، لم تُنفذ منذ إقامتها أكثر من ستين قراراً صادراً عن الجمعية العمومية ومجلس الأمن الدولي، من ناحية أخرى، سنكون سعداء، إذا أخبرنا السيد نتنياهو، الذي يرى في فلسطيني الداخل قنبلة ديمغرافية موقوتة، لماذا لم تُنفذ دولته، "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، قرار المحكمة نفسها الذي أكّد أنّ جدار العزل العنصري الذي تقيمه إسرائيل هو غير قانوني ويجب إزالته وتعويض الفلسطينيين الذي تضرروا. والأمر الثاني، أنّ عدداً من المحامين المصريين، المحسوبين على النظام، يُحضّرون دعوى قضائية ضد الشيخ حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، ويتهمونه بأنّه في خطابه قبل الأخير دعا إلى قلب نظام الحكم في مصر.

 

سابعاً: لا أدري إذا كانت هذه نكتة أم أنّها حقيقة: قال رئيس حزب ميرتس الإسرائيلي، الذي يؤيد العدوان على غزة، والمحسوب على ما يُسمى باليسار الصهيوني الإسرائيلي، إن رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله المحتلة والمحررة من حكم حركة حماس، الرئيس محمود عبّاس (أبو مازن)، قد هدد القادة في الدولة العبرية بأنّه سيستقيل من منصبه في حال استمرار العدوان على غزة.. إلا أن المجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر سارع إلى اتخاذ قرار بمواصلة العدوان على غزة وسفك المزيد من دماء الفلسطينيين، وخصوصاً الأطفال.

 

ثامناً: أحد الزعماء العرب، أفادت وكالات الأبناء هذا الأسبوع، والذي لا نريد أن نذكر اسمه، أهدى وزيرة الخارجية الأمريكية طقماً من الذهب بقيمة 166 ألف دولار، في الوقت الذي تعاني بلاده من وضع اقتصادي صعب للغاية، وفقط للمقارنة، قامت اليابان بإهداء الوزيرة كوندوليسا رايس صحن فواكه مجففة قيمته لا تتعدى عشرة دولارات. نحن أمّة لا تحترم نفسها، واليابانيون أمّة تحترم نفسها، ولا تنسى أنّ أمريكا أسقطت القنبلة النووية على هيروشيما إبان الحرب العالمية الثانية، وأطفال غزة يُقتلون اليوم بأسلحة أمريكية الصنع، والدولة العبرية تتمتع بتأييد كامل وعارم من الإدارة الأمريكية لمواصلة العدوان على الشعب العربي الفلسطيني المرابط في غزة، والمتسلح بإيمانه وعقيدته ويقوم بإهداء ربيبة أمريكا، إسرائيل، عشرات الصواريخ يومياً باتجاه جنوب الدولة العبرية، على الرغم من الهجوم البري والجوي والبحري من قبل الجيش الأقوى في منطقة الشرق الأوسط..

 

تاسعاً: بعد أن قام الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز مشكوراً بطرد السفير الإسرائيلي شلومو كوهين من كاراكاس، قال سعادته لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، أوسع الصحف العبرية انتشاراً في الكيان الإسرائيلي، إنّه لأول مرّة يشعر بمعنى الطرد. لقد طُردت يا سعادة سفير الدولة العبرية لأنّ بلادك ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين في غزة، أما بالنسبة لتأثرك العميق من الطرد، نقول لك، نحن أبناء الشعب العربي الفلسطيني، إنّكم طردتم شعباً بأكمله من فلسطين وأقمتم دولتكم اليهودية على أنقاضه، متسلحين بالمقولة الصهيونية: أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، ومستندين إلى وعد بلفور المشؤوم، من لا يملك أعطى لمن لا يستحق. الآن فهمت معنى الطرد وآثاره السلبية. ماذا نقول للاجئين الفلسطينيين الذين شُردوا من بلادهم في نكبة العام 1948 قبل أكثر من ستين عاماً، وما زالوا يعيشون في المخيمات في لبنان وسورية والأردن؟.

 

عاشراً: فلنتذكر جميعاً مقولة الرئيس جمال عبد الناصر، طيّب الذكر: إنّ الشعوب التي تساوم المستعمر على حريتها، تُوقّع في نفس الوقت على وثيقة عبوديتها.