خبر دراسة قانونية: 80% من الشهداء مدنيين و الاحتلال ينتهك أبسط القوانين الدولية

الساعة 12:36 م|11 يناير 2009

رام الله: فلسطين اليوم

اعتبرت دراسة شاملة أعدتها مؤسسة الحق لحقوق الإنسان أن قوات الاحتلال تنتهك أبسط القوانين والاتفاقيات الدولية أثناء عدوانها على قطاع غزة.

فمن الناحية القانونية ذكرت الدراسة أن الأراضي المحتلة عام 1967 تندرج تحت إطار اتفاقية جنيف الرابعة ولائحة لاهاي لعام 1907، وأن قطاع غزة لا زال ضمن الأراضي المحتلة عام 1967 رغم انسحاب قوات الاحتلال منه لأنه لا زال يسيطر على معابر القطاع وأجوائه وسواحله.

80% مدنيين...

و عرضت الدراسة أعداد المدنيين الذين سقطوا شهداء في العدوان والجرحى من الأطفال والنساء، حيث استشهد 875 شخصاً 80% منهم من المدنيين، وأصيب 3120 نصفهم من الأطفال، مؤكدة أن القانون الدولي يحمي السكان المدنيين ومتتلكاتهم الخاصة والعامة وفقاً لاتفاقيات لاهاي عام 1907 بحسب المادة 23 و25، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 في نص المادة 18 التي أقرت بحق المستشفيات في الحماية، والمادة 33 و 53 التي تقضي بحماية المدنيين.

و أضافت الدراسة أن المدونة التي أصدرها الأمين العام للأمم المتحدة بشأن المبادئ والنظم الأساسية للقانون الدولي ألزمت قواتها بالتمييز بين السكان المدنيين والمحاربين ومتتلكاتهم وعدم الهجوم على أي ممتلكات مدنية أو القيام بضربات عشوائية لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنيين.

و حول تبرير جيش الاحتلال قيامه بعمليات القصف وتدمير المنازل وتخريب المنشآت بأنها ضرورات أمنية وحربية، أدرجت الدراسة بنود الضرورة الأمنية المقيدة بعدة شروط قانونية وفق القانون الدولي، حيث أن أهم شرط لها أن ترتبط تلك الضرورات بسير العمليات الحربية ولحظات القتال العنيفة لا في أوقات الهدوء وتوقف القتال.

و لفتت الدراسة إلى أن من أبرز شروط تنفيذ تلك الضرورات الحربية أن تكون مؤقتة وليست بحالة دائمة ومستمرة كما تفعل قوات الاحتلال في قطاع غزة، إضافة إلى استثناء الأسلحة المحرمة دولياً في أي وقت من أوقات الحرب وإن كانت تقوم بما يسمى الضرورات الحربية.

وأوضحت الدراسة أن القانون الدولي ينص على عدم وضع السكان المدنيين في ظروف معيشية صعبة أثناء استخدام الضرورة الحربية، مضيفة أن قوات الاحتلال لم تنحصر أعمال قصفها في استهداف أفراد المقاومة بل استهدفت المدنيين منذ اليوم الأول للعدوان حيث لم تتعد نسبة رجال المقاومة من الشهداء أكثر من 12%.

القصف يستهدف البنى التحتية

و أفادت الدراسة أن أعمال القصف لم تستهدف منصات إطلاق الصواريخ بل دمرت البنية التحتية و مؤسسات الشرطة المدنية والسكان والمرافق التعليمية ودور العبادة، إضافة إلى التهديد عبر المناشير بهدم منازل المدنيين وإلحاق الأذى بهم، موضحة أن حجم الضرر الذي ألحقه الاحتلال في قطاع غزة فاق كثيراً ما ألحقته صواريخ المقاومة بالإسرائيليين.

و تابعت:" قد يرتكب المتحاربون خطأ في العمليات الحربية يلحق ضررا بالمدنيين، وهو أمر قد يحدث في بعض الأحيان، ولكن المتابع لمسار الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة يكتشف من استعراض المسار اليومي لهذه العملية، بأن ضحايا كل يوم من أيام هذا الهجوم هم بأغلبهم مدنيون ما يعني قطعا انتفاء الخطأ وتوافر نية وقصد استهدافهم".

و ذكرت الدراسة أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" أبلغت قوات الاحتلال بتاريخ 2/1 عن 23 موقعاً ومدرسة تابعة لها وزودتها بإحداثيات تلك المواقع لإعلامهم أنها تستخدم كملاجئ آمنة للسكان، ورغم ذلك استهدفت من قبل الصواريخ والقذائف الإسرائيلية كما حدث مع مدرسة أسماء بنت أبي بكر التابعة لوكالة الغوث شرق مخيم الشاطئ بتاريخ 6/1 ومدرسة الفاخورة في جباليا شمال القطاع.

و بينت الدراسة أن الوسائل القتالية التي يستخدمها جيش الاحتلال قادرة على رصد كافة التحركات والتصويب بدقة مما يعني القدرة على تحديد الهدف والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، منوهة إلى استهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف رغم علمه المسبق بتحركاتها وطبيعة عملها.

استهداف دور العبادة...

و استعرضت الدراسة ممارسات أخرى لقوات الاحتلال غير استهداف المدنيين وتدمير ممتلكاتهم حيث كان أبرزها تدمير دور العبادة والمؤسسات التعليمية والخيرية الأمر الذي يمثل خرقاً للمادة 27 من لائحة لاهاي لعام 1907، إضافة إلى منع مرور الإمدادات الغذائية والطبية وغيرها جراء إغلاق المعابر رغم واجب الاحتلال بتوفير ذلك للمدنيين في أوقات الحرب.

و اعتبرت الدراسة أنه وفقاً للقانون الدولي ولميثاق محكمة الجزاء الدولية فإن ما ألحقه القصف الإسرائيلي بالأحياء السكنية في القطاع وبالمدنيين يندرج تحت إطار جرائم الحرب مما يستوجب مساءلة ومعاقبة مرتكبيها.

أما بشان ما تردده سلطات الاحتلال حول حقها في الدفاع عن نفسها قالت الدراسة إن الشروط والمبادئ القانونية لا تجيز لدولة الاحتلال أن تتذرع بذلك لأن الدفاع عن النفس لا يمكن أن يثور سوى في الحالة التي يجد فيها من يدعي بامتلاكه أمام هجوم مسلح فعلي من قبل الطرف الآخر.

و أضافت:" من المسلم به أن حق الدفاع الشرعي لا يمكن له أن يثور بوجه الممارسة المشروعة لحق الدفاع الشرعي عن النفس، وهو الذي اقره المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني صراحة بامتلاكه جراء العدوان والاحتلال الإسرائيلي القائم على أراضيه، بل إن المجتمع الدولي قد حسم بقرارات صريحة لا لبس أو غموض بمضمونها التكييف القانوني لاستخدام إسرائيل لقوتها بمواجهة الشعب الفلسطيني، وذلك بوصف وإدراج هذا الاستخدام ضمن نطاق ومدلول العدوان والإرهاب والانتهاك الجسيم لميثاق الأمم المتحدة".

جريمة مخطط لها...

وبينت الدراسة أن حق الدول في استخدام القوة دفاعاً شرعياً عن النفس استثنائي مؤقت منحه القانون للدول كي تتمكن من التحرك لمواجهة أي حالة طارئة تقتضي سرعة تحركها لحماية استقلالها وسيادتها بمواجهة ما تتعرض له من هجوم، منوهة إلى أنه إذا كان للدولة متسع لمواجهة العدوان بوسائل سلمية أو من خلال تدخل مجلس الأمن سقط حقها باستخدام القوة.

و قالت الدراسة إن الوضع في قطاع غزة لم يكن كما ذكر القانون الدولي بل إن القيادة العسكرية الإسرائيلية صرحت في أكثر من مناسبة بأن العدوان قد تم التخطيط له مسبقاً وتم تدريب قوات الاحتلال عليه قبل أكثر من ستة أشهر مما يعني أنه أعد وخطط وجهز للعملية وإنما كان يتحين الفرصة المناسبة لتنفيذها.

و على ضوء تلك الدراسة دعت مؤسسة الحق إلى التدخل والتحرك الدولي العاجل لوقف وملاحقة ومساءلة من ارتكب العدوان خاصة وأن الأمر لم يقتصر على العدوان فقط بل تجاوزه إلى ارتكاب جرائم حرب على حد قولها.