الدكتور فتحي الشقاقي مشروع تحرري وثورة لا تنتهي-بقلم: ممتاز مرتجى

الساعة 12:53 م|22 أكتوبر 2018

فلسطين اليوم

بقلم:ممتاز مرتجى

سافر الشقاقي إلى مصر عام 1974لدراسة الطب في جامعة الزقازيق وهو يحمل فلسطين في قلبه وعقله ووجدانه،وكانت تظهر معه في تلك السنوات من عام 1974حتى عام 1981ارهاصات بزوغ حركة الجهاد الإسلامي حيث وصل الليل بالنهار وهو يستقطب الشباب الواعي المثقف من الطلبة الفلسطينيين والعرب غارسا بذور مشروعه الذي كتب فيه دراسة بعنوان المشروع الإسلامي المعاصر .. لماذا وكيف (يشرح ويؤكد فيها أن فلسطين هي القضية الأولى والمركزية للحركة الإسلامية وللعرب والمسلمين) ثم كتب عن الحركة الإسلامية وأهدافها وكتب عن الثورة الإسلامية، وأصدر دراسة بعنوان هل في الإسلام ثورة يرد فيها ويدحض مزاعم أولئك الذين أنكروا أن في الإسلام ثورة!.ثم رأينا فيما بعد أن الثورة هي من صميم الفكر الإسلامي، ووجدنا أن مسيرات العودة تتبنى مصطلح الشباب الثائر!.

وبعد أن أنهى دراسته في كلية الطب وأرسى قواعد مشروعه الجهادي خلال سبع سنوات في مصر يعود الشقاقي إلى فلسطين في 1/11/1981ليكون هذا هو التاريخ الحقيقي لتأسيس حركة الجهاد الإسلامي بعد عودة مؤسسها إلى فلسطين ليبدأ مرحلة جديدة من العمل والترتيب والإبداع والاستقطاب والمواجهة الشاملة مع دولة الكيان .يتعرض الشقاقي للاعتقال عام 1983ثم عام 1986ثم يصدر قرار بإبعاده إلى خارج فلسطين عام 1988.

 أكتوبر- تشرين الأول...انتصار الدم على السيف

عندما يأتي أكتوبر- تشرين الأول يملأ مشاعرنا بالانتصار تارة وبالحزن تارة أخرى،فهو يملؤها بنشوة الانتصار المتصاعد مع رصاصات معركة الشجاعية البطولية في السادس من أكتوبر 1987 التي فتحت الباب على مصراعيه لانتفاضة جبارة وطويلة أرهقت آلة الاحتلال العسكرية وأربكت قادته السياسيين حتى تمنى رئيس حكومته آنذاك اسحق رابين أن يستيقظ ويجد غزة قد ابتلعها البحر،ولكن غزة لو كانت تخشى الموت ما وقفت على الشط كما قال الدكتور القائد رمضان شلح شفاه الله وعافاه.

ويأتي أكتوبر أيضا ليملأ مشاعرنا بالحزن وليفتح الجراح التي لا تنسى بتاريخ لا ولم ولن تنساه الذاكرة الفلسطينية- ألا وهو السادس والعشرين من أكتوبر 1995 حيث قامت أجهزة الموساد الإسرائيلية وعبر عملائها في الخارج بتوجيه رصاصاتها الغادرة إلى جسد الدكتور فتحي الشقاقي ظنا منهم أنهم باغتياله سيقضوا على حركته وعلى مشروعه التحرري ليزدادوا وهما إلى وهمهم وطيشا إلى طيشهم، فحركة يستشهد أمينها العام لا يمكن أن تنكسر كما قال الشقاقي رحمه الله.

أنه بلا ريب تاريخ مأساوي في قاموس حركة الجهاد الإسلامي لافتقادها لمؤسسها وأمينها العام الذي لم يعش من العمر طويلا ولكنه فعل فيها الكثير الكثير ما لم تفعله قيادات ولا جنرالات ولا حركات ،فهو بحق جعل دولة الكيان تهتز وتتزلزل أمام ضربات مجاهدي حركة الجهاد الإسلامي.

كانت أوسلو بلا ريب محاولة التفاف على الانتفاضة الباسلة وجهاد الشعب الفلسطيني عبر سنوات طويلة من المواجهة الشاملة في ذات السياق الذي حاولت فيه أجهزة أمن الكيان التخلص من كل شيء يهدد وجودها وكيانها فكانت عملية اغتيال الشهيد هاني عابد في 2/11/1994 أحد أهم قيادات حركة الجهاد الإسلامي في ذلك الوقت وكان ذلك بعد شهور قليلة من مجئ السلطة الفلسطينية، وقد كان الشهيد هاني عابد أول معتقل سياسي فلسطيني لدى السلطة الفلسطينية حيث اعتقل في 24/5/1994 وأفرج عنه في 10/6/1994.وصرح يومها الدكتور الشقاقي عقب استشهاده قائلا: «نحن لن نرتاح ولن يهدأ لنا بال حتى ننتقم للأخ الشهيد هاني عابد..رابين أحمق لأنه يعتقد أننا نخاف الموت..نحن نحب الشهادة». ولم تمض ثمانية أيام على اغتيال القائد هاني عابد حتى جاء الرد قويا فكانت عملية الاستشهادي هشام حمد في 10/11/1994فيفجر نفسه بدراجة هوائية وسط تجمع للجنود الإسرائيليين فيقتل أربعة ضباط ويصيب عشرة آخرين ويكون بذلك قد نفذ وصية وتهديدات الدكتور الشقاقي.

مشروع الشقاقي في وجه مشاريع التسوية

لم يكن أوسلو يهدف إلى إنهاء الصراع مع دولة الكيان كما يحاول البعض أن يوهم نفسه، وإنما للتخلص من عبئ ثقيل على دولة الكيان وفي نفس الوقت للتخلص من مشروع المقاومة ورموزه وإجهاض الانتفاضة والالتفاف عليها، فاستمرت عمليات الاغتيال في ظل وجود السلطة الفلسطينية وعلى أراضيها فكان الشهيد هاني عابد أول معتقل سياسي لدى السلطة الفلسطينية وأول قائد ورمز سياسي يستشهد على أراضيها وبأيدي عملاء دولة الكيان.

كان يدرك الشقاقي بوعيه الفذ أن أوسلو ليس نهاية المطاف وأنه محاولة لإجهاض الانتفاضة وإزهاق روح مشروع الجهاد والمقاومة فاستمر بنهجه ومشروعه المقاوم، فكانت عملية بيت ليد البطولية في 22/1/1995 لحركة الجهاد الإسلامي على يد الشهيد صلاح شاكر وأنور سكر والتي سميت بالصاروخ المزدوج، وقد أدت إلى مقتل 22جندي وإصابة أكثر من سبعين آخرين.تميزت هذه العملية بالدقة اللامتناهية حيث نفذت على يد الشهيدين في مكانين مختلفين وفي أن واحد- الأمر الذي أربك المنظومة الأمنية الإسرائيلية وجعلها في مهب الريح.

قامت السلطة الفلسطينية بحملة اعتقال واسعة طالت معظم أبناء حركة الجهاد الإسلامي أثر هذه العملية وكان الشهيد محمود الخواجا رحمه الله على رأس هؤلاء المعتقلين.ولم يمض خمسة شهور حتى قامت أجهزة مخابرات الكيان باغتيال محمود الخواجا ليتبين فيما بعد أنه مسؤول الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الذي كان اسمه في حينه «جهاز قسم» وأنه المسؤول المباشر عن عملية بيت ليد البطولية.

 

كلمات دلالية