خبر النازحون بمدارس « الأونروا » غادروا منازلهم بحثاً عن الأمن لكن الهواجس لازالت تتملكهم

الساعة 07:18 ص|11 يناير 2009

فلسطين اليوم – غزة

رغم إقامتهم في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "اونروا"، وجلوسهم أسفل علم كبير يحمل شعار الأمم المتحدة، إلا أن آلاف النازحين الفلسطينيين ممن لجأوا للإقامة في المدارس فرارا من وطأة القصف، لم يشعروا بالأمن، وراحوا يراقبون السماء بأعينهم، وسارع الكثير منهم للفرار بعيدا عن المدرسة فور سماعهم دوي الطائرات.

وبدت مدرسة "ب" الإعدادية التابعة لـ"اونروا" من أكثر المدارس اكتظاظا بالنازحين، خاصة بعد المنشورات التي ألقتها الطائرات الإسرائيلية، على مناطق جنوب رفح، وهددت السكان من خلالها بإخلاء منازلهم قبل تنفيذ عمليات قصف مكثفة تجاهها.

وحولت الكثير من العائلات مقاعد وطاولات الدراسة إلى موائد طعام، في حين افترشت أمهات الأرض بفراش وأغطية متواضعة، عل أبناءهن المذعورين يتمكنون من النوم، الذي لم يروه منذ أيام.

وبدا الخوف واضحا على وجوه الآباء المنتشرين في ساحة المدرسة، يترددون باستمرار على الغرف الفصلية للاطمئنان على أبنائهم، ثم يعودون إلى الساحة، إما للجلوس في جماعات أو الجلوس جانبا للاستماع إلى الراديو.

واصطحب المواطن محمد زنون أبناءه من غرفة الفصل التي كانوا يتواجدون فيها، وجلس بجانب إحدى أسوار المدرسة، بعد أن سمع تحليقا مكثفا للطائرات الحربية الإسرائيلية في أجواء المنطقة.

ويقول زنون والذي فر من منزله القريب من الحدود المصرية الفلسطينية، بعد تلقيه بيانا من تلك التي ألقتها الطائرات "فررت من نيران القصف ووقعت في الخوف والرعب، فمشهد الأطفال الممزقين في مدرسة الفاخورة شمال قطاع غزة لم يفارق مخيلتي، كلما استمعت إلى هدير طائرة أظنها جاءت لقصف المدرسة وارتكاب مجزرة جديدة".

وأوضح زنون أنه فكر في ترك المدرسة والتوجه إلى مكان أكثر أمنا، لكنه عاد وتراجع عن فكرته، خاصة وأن بيوت أشقائه وأقربائه تقع قرب الحدود المذكورة، مؤكدا عدم وجود مكان آمن في قطاع غزة بأكمله.

وأشار إلى أنه يعيش حالة قلق دائم، ويحاول قدر المستطاع إبعاد أبنائه عن مركز الزحام، وكثيرا ما يخرج وإياهم ويجلس بعيدا عن المدرسة، متمنيا انتهاء المحنة الحالية بأسرع وقت ممكن، ليعود إلى منزله من جديد.

أما المواطن بسام قشطة، فأكد أن معاناته والأسر المقيمة في المدرسة لا تتوقف عند حد الخوف والهلع، فثمة صعوبة في تحصيل الطعام والماء بسبب الأعداد الكبيرة المتواجدة في المدرسة، رغم محاولة بعض الجهات تقديم العون للنازحين، كما أن أفراد عائلته لا يستطيعون النوم بسبب اكتظاظ الغرف الفصلية بالمواطنين، وقلة الأغطية.

وقال قشطة "حتى الذهاب إلى دورة المياه يضطرنا إلى الانتظار في طابور طويل".

أما المواطن المسن أبو محمود شعبان، فأكد أنه عاصر عدة حروب، بدءا من نكبة عام 1948، مرورا بالعدوان الثلاثي ثم النكسة، وغيرها من الحروب، لكنه لم يشهد وحشية وإجراما كتلك التي يعيشها سكان القطاع حاليا.

وأوضح أنه وباقي النازحين في المدرسة افتقدوا الشعور بالأمان، ويواجهون صعوبات في التأقلم مع الوضع الجديد، وبالكاد يستطيعون توفير الطعام والمياه.

وبدت علامات السعادة واضحة على وجه المواطن يوسف حمدان، بعد أن طلب منه أحد أصدقائه جمع حاجياته وحاجيات أسرته، والذهاب معه للإقامة في منزله.

وسارع حمدان بجمع أبنائه، وودع على عجل رفاقه داخل غرفة الصف، وغادر المدرسة مسرعا متوجها إلى منزل قريبه.

وأكد حمدان أنه قضى يومين في المدرسة لم ينعم خلالهما بالأمن، متمينا أن يجد باقي الفلسطينيين المتواجدين داخل المدارس مأوى أكثر أمنا من الأخيرة.

وكانت مصادر حقوقية فلسطينية قدرت أعداد المواطنين ممن نزحوا عن منازلهم بعد إلقاء الطائرات منشورات تطالب سكان جنوب مدينة رفح بإخلاء منازلهم، بأكثر من 40 ألف مواطن، مشيرة إلى أنهم توزعوا في أماكن متفرقة من المدينة.

ومن الجدير ذكره أن عائلات بدوية تعتمد في معيشتها على تربية قطعان الإبل والماشية، كانت غادرت أماكن إقامتها القريبة من خط التحديد "خط الهدنة"، شرقي القطاع، واضطرت إلى نصب خيام والإقامة في ساحات خالية، نظرا لتعذر توجهها إلى المدارس، بسبب أعداد رؤوس الماشية التي بصحبتها.