خبر إسرائيـل تظهـر اسـتخفافاً وتبـطّن قـلقاً .. حلمي موسى

الساعة 10:13 ص|10 يناير 2009

وجهت إسرائيل أمس، رسالة استخفاف قوية للأسرة الدولية بإعلانها قرار مواصلة الحرب على غزة. وقد جاء هذا القرار من المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر بعد وقت قصير من اتخاذ مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف إطلاق النار. واعتبرت إسرائيل القرار الدولي بأنه غير عملي وإشكالي ويعيق تحقيق الأهداف المتوخاة للحرب ويفرغ »إنجازاتها« من محتواها. غير أن معلقين إسرائيليين يعتقدون أن حرب غزة تقترب من نهايتها بعدما رفع العالم »بطاقة صفراء« في وجه استمرارها.

وجاء في بيان رسمي صادر عن اجتماع المجلس الوزاري المصغر، أن إسرائيل لا تقبل القرار الدولي وأن »الجيش سيواصل العمل من أجل تحقيق أهداف العملية، بتغيير الوضع الأمني في الجنوب، وذلك وفقا للخطط التي صودق عليها عند الخروج للعملية«. وأشار البيان إلى أن »عمليات منع تهريب الوسائل القتالية لقطاع غزة ستستمر«.

وأشار معلقون إسرائيليون إلى أن القرار صيغ بشكل غامض في إطار الحرب النفسية ضد حماس والمحيط العربي عموما. وأكدوا أن القرار في جوهره يبين للعالم أن إسرائيل تحتج على أي محاولة دولية لفرض مواقف عليها. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت قد أعلن قبل ذلك أن إسرائيل ترفض كل جهد دولي يقيد حقها في الدفاع عن مواطنيها.

وثمة سجال متواصل داخل القيادة الإسرائيلية، حول القرار الواجب اتخاذه في هذا الوقت. ولا يخفي المعلقون إيمانهم بأن السجال بين أعضاء الترويكا القيادية، ايهود أولمرت، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ووزير الدفاع ايهود باراك، لا يخلو من اعتبارات انتخابية. وقد أضيف إلى السجال الجوهري سجال جديد حول فشل الدبلوماسية الإسرائيلية في توقع صدور القرار الدولي وعدم القدرة على منعه. بل أن هناك من يعتقد أن هذا القرار ينذر بعلاقة ستزداد توترا مع إدارة الرئيس الاميركي المنتخب باراك أوباما الذي يوحي باهتمام كبير بمواقف الأسرة الدولية.

 

ومع ذلك، فإن إسرائيل الرسمية تلحظ العديد من الجوانب الإيجابية في القرار الدولي »غير القابل للتنفيذ«. وبين هذه الجوانب أن وقف النار يسمح ببقاء القوات الإسرائيلية ويسبقه، مثلما أن منع تهريب الأسلحة يسبق الحديث عن فتح المعابر.

غير أن الموقف الإسرائيلي من القرار الدولي ليس نهائيا في نظر العديد من المعلقين الإسرائيليين. وقرار المجلس الوزاري المصغر هو في الجوهر ومن الناحية العملية، هو ألا تقرر. فقد كانت إسرائيل أمام ثلاثة خيارات عرضت أمامها بوضوح: توسيع العملية البرية عبر سيناريوهين أحدهما محدود والثاني شامل؛ التوقف عن العملية والتراجع أو الانسحاب ومحاولة تحقيق إنجازات سياسية؛ استمرار العمليات البرية بالحجم والمدى القائمين. ومن الواضح أن إسرائيل قررت عدم التوسيع من ناحية، وعدم التوقف من ناحية أخرى. غير أن القرار هذا إشكالي من الناحية العملية.

فهناك أربعة ألوية عسكرية تعمل داخل قطاع غزة فضلا عن عشرات ألوف الجنود الاحتياط الذين تم حشدهم لتنفيذ المرحلة الثالثة من الحرب البرية. ويؤكد معلقون عسكريون أن الاستمرار بالوتيرة الحالية حجما ومدى، لا يحمل للجيش الإسرائيلي أية نتائج بعيدة المدى في فترة قريبة. بل أن استمرار الوضع العسكري الراهن يجعل الجيش أكثر عرضة للخسائر والإصابات مما يضعف ما يعتبر إنجازات حتى الآن.

ولهذا يعتقد بعض المعلقين أن المجلس الوزاري المصغر مضطر أن يقرر الليلة ما إذا كان سيتوقف ويسحب القوات، أم سيوسع العمليات البرية.

ويشير خبراء عسكريون إلى أن القرار الإسرائيلي سيعتمد كثيرا على ما تريده حكومة أولمرت من مصر. ولا يبدو أن حكومة أولمرت راضية عن رفض مصر توفير الإنجاز السياسي الذي تتطلع إليه إسرائيل وهو الموافقة على آلية منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. بل أن معلقين يعتقدون أن القرار الإسرائيلي بشأن توسيع العملية البرية، إذا اتخذ، فإنه موجه أصلا للضغط على مصر للقبول بنظام مراقبة محور فيلادلفي.

ومن الجائز أن تؤخر إسرائيل قرارها إلى ما بعد استماع مصر اليوم الى مواقف حركة حماس. وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن مصر تتمنى أن توافق حماس على وقف النار مما يخفف من حرجها ويبعد عنها الشكوك بأنها تتعاون مع إسرائيل في هذا الشأن. ومع ذلك، فإن مصر تريد إنجازات إسرائيلية تضعف حماس وتسهل إعادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتأدية دور في قطاع غزة.

وأيا يكن الحال، فإن قيادة الجيش الإسرائيلي تحذر القيادة السياسية من استمرار الوضع الراهن الذي يعتبر في أفضل الأحوال »مراوحة نشطة« في المكان نفسه.