بالصور "عش الحمام" تُرك مفتوحاً!

الساعة 10:46 ص|30 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

لم يدرك الشاب "باسل الشاعر" أن هواية شقيقه إياد (الروح بالروح) في تربية الحَمَام المختلف أنواعه ستنتهي برصاصة "إسرائيليةٍ" قاتلةٍ في القلب؛ لتترك الذكريات معلقة في شريط ذاكرة شقيقه وكل من عرفه وأحبه.

"إياد" البالغ من العمر 18 عاماً استشهد أثناء مشاركته السلمية في الجمعة الـ27 من مسيرات العودة وكسر الحصار في مخيم ملكة شرق مدينة غزة التي أطلق عليها جمعة "انتفاضة الأقصى" برصاصة "إسرائيلية" أصابته مباشرة في القلب.

لم ينسَ "إياد" قبل أن يتوجه إلى مخيم ملكة شرق غزة حيث المواجهات مع جنود الاحتلال، أن يترك بصمته الجميلة في ذاكرة أشقائه وأحبائه، ففي صبيحة يوم الجمعة (28/9/2018) أيقظ اياد شقيقه باسل الذي يتقاسم معه فراش النوم، لمرافقته إلى السوق مع أصدقائه لشراء ملابسِ جديدة، إلا أن شقيقه كان غارقاً في النوم.

وبعد ساعات من الغياب عاد "إياد" إلى البيت مبتسماً حاملاً ملابسه الجديدة، وبعد عودته من أداء صلاة الظهر توجه فوراً إلى أصدقائه الأعزاء الذين ينتظرون طلته بشغف كبير ألا وهم (الحمام) وقدم لهم كل ما يحتاجونه من مياه وطعام ونظافة وفتح لهم باب الحرية لتنطلق أفواج الحمام إلى عنان السماء.

وبينما يستعد إياد للمشاركة في مسيرة العودة وكسر الحصار بتجهيز كوفيته السوداء ومقلاعه –سلاح مقذوفات يُستخدم عادةً لرمي قذيفة صلبة مثل الحجر لمسافة طويلة–، طلب منه شقيقه الأكبر أحمد مساعدته لرفع الأبواب إلى شقته إلا أن اياد قال: "عليّ مشوار ضروري وبس أرجع برفع معك"، علماً بأن إياد قام بدهان شقة شقيقه.

وبسرعة البرق اختفى "إياد" من محيط منزله وصعد إلى باصات العودة للتوجه إلى ملكة ليتفاجأ بصديقه صالح غزال ينادي عليه من خارج الباص: "اياد انزل بسرعة في شب معه فرخ حمام ولازم انشوفوا ونشتريه هادا صيدة النا" فكان جواب اياد: "اجلس هنا وانتظرني حتى أعود ودير بالك على حالك".

غاب "إياد" ساعات عدة عن والدته التي اشتعل قلبها شوقاً لولدها فطلبت من شقيقه باسل أن يتوجه فوراً إلى مخيم ملكة ويصطحب اياد معه بالقوة ليعيده إلى حضنها الدافئ، وفور أن وصل باسل إلى مخيم العودة وجد شراسة المواجهات "أصوات انفجارات ودخان كثيف ورصاص "إسرائيلي" كالمطر ينهمر تجاه المشاركين السلميين في مسيرة العودة".

دقائق حتى توقف باسل عن السير تجاه السلك الشائك، فمن وسط الدخان الأسود الكثيف خرجت مجموعة من الشبان يحملون شابٌ على أكتافهم وهو ينزف بشكل كبير جداً بعد اصابته برصاصة في القلب، وعندما اقترب منه باسل أصيب بالذهول والصدمة وبدأ ينادي بأعلى صوته: "أخويا أخويا أخويا اياد سيبوا سيبوا " ولم يستمع له أحد فجلس باسل يبكي بكاءً حاراً حتى تمكن من الاتصال بوالده واخباره بما شاهده.

أما صديقه صالح الذي عرف باستشهاد "اياد" من مكبرات الصوت جلس يبكي بجانب الجدران والصدمة تلازم وجهه ويقول لمراسل فلسطين اليوم: "لن أنساك يا صديقي مهما عشت ولن أنسى دعوتك لي مهما طال الزمن"، واستذكر صالح صفات صديقه قائلاً: "كان صديقاً صادقاً لم يكذب عليّ في يومٍ من الأيام، أخلاقه عالية فلا يوجد في الحي أحن وأفضل منه، كان يعرف جيداً تربية الحمام وطريقة تكاثرهم بوقت سريع سأتفقد أخي الذي لم تلده أمي".

أما شقيقه باسل فيقول: "لقد طلب "إياد" الشهادة ونالها، وكان دوماً يُشارك في مسيرة العودة وكسر الحصار حتى أنه شارك في الارباك الليلي وفي منطقة زكيم حباً للوطن ودفاعاً عن فلسطين وحق العودة".

واستشهد اياد ورحل عن أعز أصدقائه، تاركاً خلفه الذكريات الجميلة إضافة إلى باب الحمام مفتوحاً ليعانق حمامة السلام السماء وتبكيه في كل زاوية من زوايا الوطن المحاصر.

وارتقى خلال فعاليات مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت في الـ30 من مارس الماضي ولا زالت مستمرة 192 شهيدا، بالإضافة للآلاف من المصابين بينهم العشرات بحالة الخطر والموت السريري.

٢٠١٨٠٩٢٩_١٧٥٠٠٧

٢٠١٨٠٩٢٩_١٧٤٩٤٣
٢٠١٨٠٩٢٩_١٧٤٩٤٩
٢٠١٨٠٩٢٩_١٧٥٠٣١
٢٠١٨٠٩٢٩_١٧٥٠١٧

 

FB_IMG_1538164683394
FB_IMG_1538194190122
٢٠١٨٠٩٢٨_٢٢٤٠٥٧
FB_IMG_1538167134780

 

كلمات دلالية