خبر هزيمة عسكرية وانجاز سياسي / هآرتس

الساعة 10:57 ص|09 يناير 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

كاتب دائم في الصحيفة

        (المضمون: لا ريب أن حماس قد تكبدت هزيمة عسكرية أليمة. ولكنها في اتفاق وقف النار ستحظى عمليا ايضا باعتراف بحكم الامر الواقع ككيان يحكم غزة - المصدر).

        في اثناء كتابة هذه السطور واضح أنهم أعدوا لحماس صدمة على الركبة. زعماؤها يختبئون في أقبية المدارس، مستشفيات الاطفال والغرف الخفية التي اعدوها لانفسهم مسبقا. سلاح الجو دمر مقراتهم، بيوتهم وكل رموز حكمهم. وبالاجمال استقبلوا الحملة بالذهول. فلم يصدقوا ان الجيش الاسرائيلي سيتغلغل الى القطاع، يبتره ويستولي على مواقف انطلاق نحو تنفيذ المرحلة الثالثة من الحملة.

        من ناحية عسكرية رممت اسرائيل قوة ردع الجيش الاسرائيلي بشكل كبير. وفي شكل الادارة وكذا في شكل اتخاذ القرارات على المستوى الوزاري. ليس صدفة أن حسن نصرالله صاحب الفم الكبير "حذر" اسرائيل من مهاجمته. وعلى فرض أن نار الصواريخ في الشمال أمس هي نار عفوية لمنظمة ما، فان نصرالله سيحذر من التدخل ولن يهرع الى نجدة اخوانه المعانين في غزة. فقد فهم افضل من زعماء حماس بان جيش غابي اشكنازي ليس جيش دان حلوتس.

        ايهود باراك لم يعلن ان برأي الجيش احتلال غزة او القضاء على حماس. تحدث عمليا عن عملية عقاب واسعة، غايتها هي وقف نار الصواريخ غير المنقطعة الى داخل اراضي اسرائيل. كل الاهداف التي وضعت حتى الان تحققت: التطويق الكامل لغزة، بتر القطاع والسيطرة القصوى على مصادر النيران. ولما كانت هذه الاهداف تحققت، فان باراك ولفني على حد سواء لا يعتقدان بانه توجد منفعة من تنفيذ المرحلة الثالثة من خطة الهجوم الاصلية.

        لقد خلق الجيش الاسرائيلي في واقع الامر وضعا يفكر فيه قادة حماس مرتين قبل أن يعودوا الى عادتهم. ناهيك عن أنه لا ضمان في موضوع المنفعة التي في تنفيذ المرحلة النهائية من العملية. في هذه المرحلة سيكون تغلغل عميق الى المدن الفلسطينية، يفترض من اقامة حكم عسكري ومع الوقت سيصبح جنودنا اهدافا للعمليات. لقد سبق أن خبرنا في الماضي عدة سيناريوهات كهذه تكفينا كي تصد شهيتنا عن العودة لتكرار ذات الاخطاء. لا يمكن تدمير ولا يمكن تبخير حماس، وهذا كما اسلفنا لم يكن هدف حملة "رصاص مصهور".

        حسب كل المؤشرات وضع الحرب سينتهي بوقف للنار. الافتراض في أن هكذا ستحل المشكلة ربما سابق لاوانه، ولكن مع ذلك واضح أن قادة حماس لن يسارعوا الى خرق وقف النار حين يتحقق. اليمين في اسرائيل، ولا سيما حين تكون الانتخابات في الافق، سيطالب "بتصفية حماس". ولكن حامي الرؤوس اولئك لا يفهمون ماذا سيفعل جنون احتلال غزة بنا في الرأي العام العالمي. العالم، الذي ابدى التسامح تجاه رد فعل اسرائيل على نار الصواريخ الى قلب السكان المدنيين سرعان ما سيحول الفهم لنا الى انتقاد على "الوحشية" الاسرائيلية. بوادر مثل هذا الانتقاد تبدو في الافق.

        الحكومة ملزمة بان تعطي فرصة لوقف النار كي لا نتورط من ناحية عسكرية وكذا كي لا نتورط من ناحية اخلاقية في نظر العالم وفي نظر أنفسنا. اذا اضطررنا لمواصلة الحملة من المهم ان يظهر أن حماس هي التي اختارت هذا السبيل والتهمة لن تقع على اسرائيل.

        في حرب لبنان الاولى سُئل اريك شارون لماذا يواصل الحرب وماذا سيعتبر في نظره "الحسم النهائي". كان رده هو أنه يريد أن يرى ياسر عرفات خارج لبنان. وهو بالفعل جلس على التلة ونظر في الناظور الى عرفات الذي يسير نحو السفينة التي كان سيصعد اليها. هاتف مناحيم بيغن وقال له ان عرفات على مدى رصاصة وسأل اذا كان عليه أن يصفيه. بيغن لم يقر. ومع الايام نزل عرفات الى ساحة البيت الابيض وبعد ذلك عاد الى المناطق ومن هناك ادار معركة ارهابية نحو قلب اسرائيل. اليوم ايضا هناك أناس يعتقدون بانه دون ان ينزع سلاح حماس فانهم سيطلقون النار آجلا أم عاجلا الى تل أبيب.

        في كل الاحوال، وقف النار هو الخطوة السليمة في هذا الحين. وسواء كانت الادارة الامريكية الحالية متدخلة، سواء تحقق وقف النار بوساطة مصرية – لا ريب أن حماس قد تكبدت هزيمة عسكرية أليمة. ولكنها في اتفاق وقف النار ستحظى عمليا ايضا باعتراف بحكم الامر الواقع ككيان يحكم غزة.

        ليس واضحا ان نكون قد صلينا لهذا الوليد، ولكن يجب أن نعرف متى نتوقف.