أبو خماش.. صاروخٌ سرق بيته وأسرته الصغيرة وتركه للفقد والحسرة

الساعة 09:39 م|15 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

دموعٌ حبيسةٌ وصوتٌ منهكٌ وذكرياتٌ قريبةٌ تنهمرُ كلما تعمقنا في القصة أكثر، شابٌ هو لكنَّ الحزن غير تفاصيله وزاد في عمره، بل إنه الفقد والحسرة على الأحبة.

منذ بدء فعاليات مسيرات العودة في الثلاثين من مارس على حدود قطاع غزة والقطاع يشهد جولات تصعيد من قبل الاحتلال، يستهدف فيها المواطنين وما يدَّعي بأنه مواقعٌ للمقاومة الفلسطينية، رداً على احتجاج سلمي لشعبٍ مقهور محاصر منذ 13 عاماً.

"استيقظت في المستشفى وكنت أشعر بدوار كبير وإنهاك، لم أكن أعلم ما الذي حدث، أو كيف حدث، كل ما كان يهمني وقتها أن أجد إيناس زوجتي وطفلتي بيان". هكذا بدأ محمد أبو خماش حديثه.

في الثامن من أغسطس خلال العام الجاري كان الشرطي محمد أبو خماش (29 عاماً) عائداً إلى منزله شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وفي يديه طعامٌ، وقطع الحلوى التي لن يدخل المنزل دونها، فهي لطفلته بيان.

كان يوماً ساخناً ضبط فيه أبو خماش مؤشر الراديو على إذاعة تنقل الأخبار لأنه سمع بوجود قصف إسرائيلي في عدد من الأماكن في القطاع، ثم اجتمعت الأسرة لتناول طعام العشاء، قبل البدء للتحضير للنوم، وفي حواره الأخير مع زوجته سألها: "ماذا سنسمي طفلتنا القادمة؟".

"كانت زوجتي حامل بطفلة وكنت أود أن أسميها رزان اقتداءً بالشهيدة المسعفة البطلة رزان النجار التي قتلها الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد على حدود القطاع، لكنني لم أرى رزان لأسميها، ولم أجد أمها لأحدثها عما حدث بي، ولا استطعت احتضان بيان ليهدأ قلبي". يروي محمد.

انفجار ضخم نسف المنزل وحوَّله إلى رماد فجأة، تبعه هرع الجيران لتفقد مكان القصف، حيث ذهلوا من هول منظر الدماء المتراشقة في كل مكان، وعلموا أنه من المستحيل أن يخرج أحدٌ حي من تحت هذا الركام.

"قذفني الانفجار بعيداً وأصبت بجراح متوسطة فيما بقيت في حالة من الإغماء لأيام وليتني لم أستيقظ، فقد كانت وجوه من حولي شاحبة تحكي دون أن تفعل، ورغم أنهم حالوا أن يمهدوا لي الخبر لكنني كنت أشعر أنها النهاية، نهاية البيت الدافئ وضحكات بيان وانتظاري لرزان". يكمل محمد

وجهه لا يصدق أن كل هذا حدث، حركة يداه المرتبكة تتساءل "ماذا فعلنا لهم ليسفكوا دماءنا ويمزقوا دفء بيوتنا؟"، لكنه يعود من هواجسه ليؤكد أنه احتلال غاشم لا يجيد سوى لغة الدماء.

وعن زوجته الراحلة يقول أبو خماش لمراسل "فلسطين اليوم الإخبارية": "لقد كانت زوجةً بارة، تحاول جاهدةً أن تؤسس أسرةً متماسكة، كما أنها اجتهدت كي تنهي دراستها وتحصل فيما بعد على وظيفة في مجال التعليم كي تزيد دخل الأسرة وتساعدني على تحسين أوضاعنا".

المحزن أن محمد لم يفقد أسرته الصغيرة فقط، بل فقد في وقت سابق شقيقه عامر عام 2013 في انفجار نفق تجاري مع الحدود المصرية، واستشهد شقيقه مختار برصاص الاحتلال خلال مسيرات العودة، مما راكم الأوجاع والحزن في قلبه.

حال محمد حال الكثير من الأسر والأشخاص الذين خلع الاحتلال قلوبهم وكواهم بالحسرة والوجع، قصص مخبأة في تفاصيل المجتمع الغزي الذي ينزف شيئاً فشيئاً وجراحه لا تتوقف.

 

WhatsApp Image 2018-09-15 at 12.24.45 AM
WhatsApp Image 2018-09-15 at 12.24.49 AM
WhatsApp Image 2018-09-15 at 12.24.50 AM
WhatsApp Image 2018-09-15 at 12.24.49 AM (1)
WhatsApp Image 2018-09-15 at 12.24.50 AM (1)
 

 

كلمات دلالية