خبر ممرض فلسطيني: نركز على علاج من يوجد أمل في شفائهم بسبب قلة الإمكانات

الساعة 10:16 ص|08 يناير 2009

فلسطين اليوم – غزة

كان يمكن رؤية الدماء، وهي ترشح من خلف الضمادة التي غطت فخذ الجريح الذي كان يتأوه من شدة الألم، بينما كان يمر الممرضون والأطباء من حوله مسرعين صوب طفلة تبلغ من العمر 4 اعوام اطلق الجنود الاسرائيليون عليها النار فأصابوها في صدرها بشكل مباشر.

 

هذا الجريح كان أحد عناصر المقاومة الفلسطينية الذين أصيبوا ليل الاثنين الماضي في اشتباك مع وحدة الكوماندوز البحرية، الإسرائيلية على شاطئ مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، وهو الاشتباك الذي سقط فيه عشرة قتلى من المقاومين و30 اصابة جميعهم نقل الى مستشفى "شهداء الأقصى".

 

وقال أحد الممرضين لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية إن تواصل نزف الدم من الجريح يعود الى النقص في العقارات التي تعمل على وقف تجلط الدم في المستشفى الصغير الذي يخدم 250 الف نسمة في المنطقة الوسطى.

 

وبسبب العدد الكبير من الجرحى، وقلة الإمكانات المتوفرة، فإن الممرض اعترف بأن الطواقم الطبية في المستشفى تركز على الجرحى الذين هناك أمل في شفائهم. صالة الاستقبال التي لا تتجاوز مساحتها 50 متراً مربعاً، تحولت الى غرفة للعمليات البسيطة، بينما تم تخصيص ثلاثة في الأقسام الاخرى لإجراء العمليات الجراحية.

 

الطواقم الطبية في كل الأقسام تحولت للعمل فقط في محاولة إنقاذ حياة الجرحى الذين يصلون إلى المستشفى. أحد الأطباء أبلغ الشرق الاوسط أنه في ظل في الأوضاع الطبيعية، فإن جميع العمليات الجراحية التي يقوم بها الطاقم الطبي في المستشفى حالياً كانت تتم فقط في مستشفى «دار الشفاء» بغزة، على اعتبار أن الامكانات هناك افضل، إلى جانب وجود طواقم أكثر تخصصاً ودراية من ناحية مهنية، مشيرا الى أنه بفعل استقبال عدد كبير من الجرحى في مستشفى الشفاء، الى جانب إغلاق الطريق الذي يصل غزة بالمنطقة الوسطى من القطاع، حيث تتمركز الدبابات الاسرائيلية عند «دوار الشهداء» حيث قتل الطفل محمد الدرة، فإن الطاقم الطبي في المستشفى أصبح مطالباً بإجراء العمليات الجراحية للمصابين الذين يسقطون بفعل عمليات القصف.

 

وقال ممرض آخر لـ«الشرق الأوسط» إن أحدَ الأسباب التي تجعل من المستحيل على المستشفى أن يكون قادراً على التعامل بشكل مناسب مع الجرحى هو النقص الشديد في تجهيزات العناية المكثفة التي يحتاج اليها معظم الجرحى الذين يصلون للمستشفى، لا سيما أجهزة مراقبة العلامات الحيوية، وأجهزة التنفس الصناعي.

 

واكد الدكتور إبراهيم الهور مدير عام المستشفى، والذي كان منهمكاً مع الطواقم الطبية في مساعدة طاقمه الطبي في اجراء العمليات الجراحية، أن هناك نقصا في كل المجالات، ابتداء من اليود والضمادات والعقارات والعلاج، والبلودين ومواد التخدير وخيوط الجروح اللازمة في اجراء العمليات الجراحية.

 

وبسبب انشغاله الشديد، فلم يكن الهور مستعداً للرد على استفساراتنا وابلغ ممرض ثالث ان اكبر خطر يتهدد المستشفى هو عدم وجود وقود يكفي لتشغيل الأجهزة الطبية الحساسة التي يحتاجها الجرحى في حالات خطرة، مشيرا الى أن انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة والاعتماد المتواصل على مخزون المستشفى من الوقود الذي يستخدم في تشغيل مولدات الكهرباء قد يؤدي الى نفاد الوقود في النهاية والتسبب في كارثة ستؤدي الى وفاة عدد كبير من الجرحى.

 

لكن المشكلة الكبرى التي يشير اليها هذا الممرض تعود الى فصل غزة عن الوسطى، حيث أن مستشفى «شهداء الاقصى» يعتمد بشكل اساسي على احتياطي الادوية والعقارات في مخازن وزارة الصحة، محذراً من أنه في حال واصل الجيش الاسرائيلي فصل غزة عن الوسطى، فإن ذلك سيؤدي الى نفاد ما تبقى من ادوية وعقارات وامكانات طبية. وأشار الى أن الكادر الطبي في المستشفى يكاد ينهار بفعل العبء الملقى على عاتقه حيث أن معظم الاطباء والممرضين يعملون 24 ساعة متواصلة في مسعاهم لإنقاذ الجرحى.

 

وذكر أن المستشفى في حاجة الى ثلاجة موتى جديدة بسبب العدد الكبير من القتلى الذين يصلون إليه.