مع تبدد آمال التهدئة

محللون: مسيرات العودة ستزداد زخماً حتى تحقيق أهدافها

الساعة 05:01 م|07 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

مع تبدد آمال التوصل لتهدئة ميدانية تفضي إلى إنهاء الحصار عن قطاع غزة، يصر الشعب الفلسطيني عل مواصلة نضاله الشعبي ضد الاحتلال الإسرائيلي، من خلال مسيرات العودة على الحدود الشرقية للقطاع، وهو ما بدا واضحاً من خلال الحشود الكبيرة للجماهير وإطلاقها للبالونات الحارقة تجاه المستوطنات المحاذية للقطاع بعد توقفها خلال مباحثات التهدئة لإعطاء فرصة للجهود لكي تثمر عن تحقيق هدف إنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع دون دفع أثمان سياسية.

وتوقع محللون سياسيون، أن تزداد وتيرة المسيرات السلمية الشعبية على أكثر من جهة على مدار الأسبوع، مع تراجع الوعود والآمال نحو تهدئة ميدانية تعيد للمواطنين ما سلب منهم وما سببته من ضغوط إنسانية عصيبة.

الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، رأى أن مسيرات العودة لها دافعين للاستمرار، وهما التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية وعلى رأسها صفقة القرن، وجهود تصفية القضية التي تقودها أمريكا وإسرائيل، فتأتي المسيرات للتأكيد على التصدي لذلك، والتأكيد على التمسك بالحقوق التي يحاول الاحتلال بدعم أمريكي مسها كاللاجئين، معرباً عن اعتقاده أن المسيرات ستتوسع مع الإصرار الأمريكي الإسرائيلي على ذلك. إضافة إلى استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع، وأكد أنه طالما أن هناك حصاراً على القطاع فالمسيرات ستستمر وبقوة، لافتاً إلى أن المسيرات اليوم بدأت تأخذ زخماً خصوصا أنها لم تعد تقتصر على يوم في الأسبوع، بل تنوعت من حراك بحري وحراك تجاه معبر بيت حانون "إيرز" كما حدث الثلاثاء الماضي، الأمر الذي بات يُقلق الاحتلال. مشيراً إلى أن استمرار المسيرات حتى هذا التاريخ هو دليل على صلابة الشعب الفلسطيني وقدرته وإرادته على المواصلة والتحدي. مؤكداً على وجود رؤية واضحة مفادها أن استمرار الحصار والمعاناة سيعطي دافعية لاستمرار مسيرات العودة.

وعن توقف البالونات الحارقة خلال الأسبوعين الماضيين واستئنافها الجمعة الحالية، أوضح المحلل المدهون في حديث لـ "فلسطين اليوم"، أنه بدون أدنى شك أن الانتفاضات التي خاضها الفلسطينيون نابعة من وعي جماهيري وقادرة على القراءة السياسية ولديها أهداف سياسية وليست عشوائية وغير قادرة على الانضباط وفق معين. وقال:" حينما يأتي أمل وطموح أن يكون هناك تخفيف عن القطاع واستجابة للمطالب، لا شك أن يكون استجابة شعبية، لان الشعب لا يقاتل من أجل القتال وإنما من أجل تحقيق أهداف. وكسر الحصار أحد أهدافه.

وأشار إلى أنه حينما تم الحديث عن تهدئة، كان هناك وعي يجب أن تعطي هذه التهدئة فرصة، ولكن حينما تراجعت بعض الآمال وبعض الخطوات، فالشعب قادر على الاستمرار وهذا طبيعي.

وأضاف، أن أمل التهدئة لم يغب حتى اللحظة، كما أن المسيرات لم تتراجع وربما تزداد انتشاراً وتستمر، هذه معركة يخوضها الشعب والاحتلال يدرك أنها معركة ليست في يوم أو يومين.

وشدد على أن مسيرات العودة ستبقى الصرخة الحقيقية تعبر عن تمسك الشعب بحقه ورفضه للحصار والمعاناة، ولهذا سترتبط بمعاناة الشعب، طالما وجدت المعاناة ستستمر.

في ذات السياق، أوضح الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، أن لمسيرات العودة هدف شعبي وفصائلي يتمثل في كسر الحصار المفروض على القطاع، وأن معادلة الهدوء مقابل الهدوء مع استمرار الحصار هي مدمرة على المدى الطويل لسكان القطاع.

وأشار إلى أن قوى المقاومة وإلى جانبها القوى الشعبية أعطت الجمعة الماضية فرصة لجهود التهدئة مقابل إنهاء الحصار، وكانت هناك جهود مشكورة من مصر وجهود دولية لتدخل ميلادينوف المبعوث الأممي لعملية التسوية في الشرق الأوسط، كوسيط دولي، إضافة لجهود دول إقليمية أخرى كقطر وغيرها، من أجل وقف التصعيد وإفساح المجال لإمكانية الحياة في قطاع غزة، لكن مع تراجع الجهود الدولية ومع التعنت الإسرائيلي ورفع اشتراطات السلطة لإتمام المصالحة لم يبق أمام القوى الشعبية والفصائلية الا الدفع باتجاه التصعيد لعودة هذه الجهود مرة أخرى.

ورأى أن الجمعة "عائدون رغم أنف ترامب"، تأتي بعد تراجع الجهود لرفع الحصار عن غزة، وتركه لمصيره.

وأعرب عن اعتقاده أن قطاع غزة وما يعانيه من حصار وإغلاق ووقف برامج التنمية في القطاع منذ سنوات كل ذلك يمثل وصفة حقيقية لانفجار الأوضاع بشكل أوسع. متمنياً على القوى الإقليمية والدولية أن تدرك أن الحصار لا يمكن أن يستمر في ظل معادلة الهدوء مقابل الهدوء، كونها معادلة لم تعد مقبولة على المستويين الشعبي، وأن الجميع اليوم يطالب بحرية غزة مقابل الهدوء.

ولفت إلى أن قطاع غزة يعيش في علاقة مع الاحتلال، إما حرب وإما تهدئة ولا علاقة ثالثة بينهما، وعندما يكون عدم رغبة في الحرب من كافة الأطراف فيبقى خيار التهدئة هو الخيار الواقعي للجميع، لكن الاختلاف على عمق هذه التهدئة، هل تهدئة بترتيبات عميقة تؤدي إلى استقلال غزة عن الحالة الفلسطينية؟، هذا هو السؤال، معتقداً أن المقاومة لن تقبل بالذهاب ضمن هدنة طويلة تعطل المقاومة لسنوات طويلة، لذلك ما تم طرحه في القاهرة هو استمرار التهدئة التي تم التوافق عليها عام 2014.

من جانبه رأى الكاتب ناصر اليافاوي، أن زخم التحضيرات وقوة الحشد لمسيرات العودة هذه الجمعة هو بمثابة إعلان عن وأد ما يسمى بمفاوضات التهدئة المارثونية، وعليه فإن قطاع غزة يقف أمام عدة منعطفات.

وأوضح أن أهم المنعطفات هي، مزيد من التصعيد، وزيادة في إطلاق البالونات الحارقة، وما يتبعها من رد صهيوني مجنون. أو مخطط صهيوني لجر فصائل المقاومة في غزة إلى حرب تكون فيها الفصائل هي التي تبدأ، وبعد جولة قاسية سيتم توقيع تهدئة حسب الرؤية الصهيونية، والمنعطف الثالث" عودة معبر رفح إلى سيرته الإغلاقية الأولى، مع ازدياد في الخناق على غزة في باقي المنافذ، وأن غزة ستدخل في مربع مخطط له بأن لا تحيا ولا تموت، وستعمل المنظومة الدولية المتماهية مع "إسرائيل" على تحويل معظم قطاعات القطاع إلى هياكل مؤسسات، مع قتل الحياة الاقتصادية وتحويل الناس والتجار إلى متسولين أو شبه ذلك.

وأكد أن المخرج الوحيد هو النزول عن شجرة الانقسام، وترك شعارات الستينات من القرن الماضي، وأن نوحد الجهد للتصدي للخطر القادم.

ومع تراجع الجهود الوسيطة للتوصل لتهدئة ترفع الحصار عن القطاع، وعودة مسيرات العودة بزخم أكبر يؤرق الاحتلال، يبقى السؤال المطروح.. ماذا تحمل الأيام القادمة في العلاقة بين المقاومة والاحتلال، هل العودة للتهدئة من جديد أم استمرار حالة الاستنزاف؟

كلمات دلالية