كانت الدهشة واضحة على وجه الطفل "جلال الدين" سبعة أعوام، وهو يرى تمساح حقيقي يتحرك أمامه في الماء، وهو الذي لم يراه من قبل سوى من خلال شاشة التلفاز. وحوض المياه المكشوف المخصص للتماسيح كان يضم اثنين منها، ورغم وجود الزجاج العازل بينها وبين الأطفال إلا أن حركتهم وصوت انفعالاتهم جعلتها تدور حول نفسها، وكأنها تستعد للانقضاض على فريسه.
هذا المشهد كان جزء مما أستطاع القائمون على مشروع " أكواريوم فلسطين" في مدينة رام الله جمعة من أسماك وحيوانات ونباتات مائية وبرمائية، ضمن مشروعهم الأول من نوعه في الضفة الغربية بإنشاء "محمية مائية".
"جلال الدين" ومعه عائلته، وعشرات الأطفال تجولوا في المحمية، والتي تختلف عن كل المحميات المائية في العالم كونها أنشأت في عمارة تجارية، عوضا عن وجودها على ساحل أحد البحار.
وخلال الجولة يمكن للزائر مشاهدة الأسماك والتماسيح والسحالي البرمائية والثعابين والشعب المرجانية، التي وجدت داخل أحواض زجاجية ومناطق مائية محصورة.
والتماسيح التي لفتت نظر "جلال الدين" خلال جولته أحضرت من نهر النيل إحداها كان عمره (13 عاما) والثاني (20 عاما) فيما كانت السحلية البرمائية الأرجنتينية الحمراء في الحوض المجاور في حاله خمود تام.
يقول المهندس سفيان القواسمي، أحد القائمين على المشروع، إن الفكرة جاءت بالصدفة خلال زيارتهم لإحدى المحميات، وخاصة أن فلسطين بحاجة لهذه المشروع. واختيار رام الله جاء كان لعدم تمكن المستثمرين من الاستثمار في المناطق الساحلية، إلى جانب كونها مركز الصفة الغربية وسهولة الوصول إليها من كل المحافظات الشمالية والجنوبية لوقوعها في الوسط.
وتضم هذه المحمية 250 نوعا من الكائنات المائية المتنوعة، وتقام على مساحة 820 متر مربع، تم جمعها من مكان أنحاء العالم، 90% منها يدخل فلسطين لأول مرة، بعضها أنواع مهجنة وجديدة كسمكة "بغباء الدم" التي لفتت نظر الزائرين للمتحف لجمالها، فيما يخطط القائمون على المحمية لإدخال كائنات جديدة ك "قناديل البحر، وفرس البحر، وبعض أنواع القرش".
وقال القواسمي إن هذه المحمية حظيت على اعتماد دولي، حيث يشترط وجود أسماك ضخمة وحيوانات مختلفة، كما هو الحال مع السلحفاة البحرية الضخمة التي تتوسط المحمية وعمرها 50 عاما، فيما يسعى المتحف لتوفير المزيد منها في الأيام القادمة:" نحن نسعى أن نصل إلى محمية بمواصفات المحميات العالمية في السنوات القادمة، ولكن مع وجود الاحتلال والوضع الفلسطيني المعقد فإن الأمر يحتاج لمزيد من الوقت.
وعن عراقيل الاحتلال قال القواسمي فإن ظروف افتتاح المحمية كانت صعبة في ظل سيطرة الاحتلال على المعابر والتحكم بكل ما يدخل ويخرج إليها ومنها، وهو ما عرقل افتتاح المحمية لأكثر من سته أشهر. وتابع القواسمي:" يوميا هناك إدخال أنواع جديدة من الأسماك، ولكننا بحاجة لمزيد من الوقت لإكمال مشروعنا".
وعن الأقبال على زيارة المحمية يقول القواسمي، إن الإقبال شديد من رام الله وخارجها كمكان تعليمي ثقافي سياحي، مع التوقع إن يزداد العدد أكثر مع افتتاحها كمكان للزيارات المدرسية.