مسار مباحثات القاهرة يستند لتفاهمات 2014

حوار د. الهندي: التهدئة لن يقابلها أي ثمن سياسي والتزام المقاومة مشروط

الساعة 06:15 م|26 أغسطس 2018

فلسطين اليوم

المحادثات الجارية في القاهرة لن يقابلها أي ثمنٍ سياسي على حساب أي ثابت من الثوابت

التزام فصائل المقاومة بـ "التهدئة" ليس مطلقاً؛ وإنما مشروطٌ بالتزام "إسرائيل" بالكفِ عن العدوان وتحسين أوضاع غزة

محادثات القاهرة -حتى اللحظة- لم يتمخض عنها أي اتفاقٍ مكتوب ولا زلنا في طور النقاش

مباحثات التهدئة الجارية تستند إلى التفاهمات التي أعقبت عدوان 2014

المقاومة سترد بشكلٍ مباشر على أي عدوان أو حماقةٍ إسرائيلية

فصائل المقاومة المشاركة في محادثات التهدئة حريصة ومتيقظة لئلا يكون الأمر مدخلاً لأي اتفاق سياسي

سلاح المقاومة "خط احمر" وأبلغنا جميع الأطراف بما فيهم المصريين أن ملف السلاح غير قابل لمجرد النقاش

وفد المقاومة في القاهرة يملك قراره ولا أحد يستطيع أن يضغط أو يملي على المقاومة أي أمر

المدخل الحقيقي للمصالحة يتمثل في إعادة بناء منظمة التحرير

"مسيرات العودة" مستمرة ولا علاقة للمسيرات بما يبحث في القاهرة

الصراع مع الاحتلال ليس نزاعاً يحل بالمال أو المساعدات أو المنح إنما قضية ثوابت وحقوق سياسية وتاريخية ودينية

إجراءات السلطة بحق غزة تعقِّد المشهد الفلسطيني ولا تعالج ملف الانقسام

السلطة أخذت موقفاً مهماً وحاسماً من صفقة القرن ولكن لا يكفي أن يكون إعلان لمجرد الإعلان

مطلوب من السلطة أنْ تتخذ خطوات على الأرض لإفشال مخططات تصفية القضية

أكَّد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين د. محمد الهندي أن التزام فصائل المقاومة بـ "التهدئة الميدانية" ليس مطلقاً؛ وإنما مشروطٌ بالتزام "إسرائيل" بكفِ عدوانها، إضافة إلى تحسين حياة الناس في غزة، مشدداً على أنَّ المحادثات الجارية في القاهرة لن يقابلها أي ثمنٍ سياسي على حساب أي ثابت من الثوابت.

وأوضح د. الهندي في حوار مع وكالة "فلسطين اليوم الإخبارية" أن محادثات القاهرة لن يقابلها أي ثمن سياسي ستدفعه الفصائل الفلسطينية، مشيراً إلى أنَّ المقاومة ستلتزم بالتهدئة بالقدرِ الذي تلتزم فيه "إسرائيل"، لافتاً إلى أنَّ المقاومة وفي مقدمتها الجهاد الإسلامي سترد بشكلٍ مباشر على أي عدوان أو حماقةٍ إسرائيلية.

وبين د. الهندي أنَّ محادثات القاهرة حتى اللحظة، لم يتمخض عنها أي اتفاقٍ مكتوب أو التزامات لأي جهة، قائلاً " لا زلنا في إطار النقاش والحوار ولا يوجد شيئاً مكتوباً ولم نلتزم بعد في أي اتفاقات أو تفاهمات"، مشيراً إلى أنَّ مباحثات التهدئة الجارية تستند إلى التفاهمات التي أعقبت عدوان 2014.

 

التهدئة والمصالحة

وأشار د. الهندي إلى "أنَّ محادثات القاهرة ركزت وبحثت ملفين هما ملف المصالحة وملف التهدئة، وهما ملفان مرتبطان ببعضهما البعض. معرباً عن اعتقاده أن ملف المصالحة سيأخذ وقتاً طويلاً؛ نظراً لأن الاتفاق في العاصمة اللبنانية بيروت بين الفصائل نص على أن يعقد المجلس الوطني يعقد خارج الوطن وليس في رام الله، وأن يعاد بناء المجلس الوطني عبر انتخابات حيثما أمكن، والتوافق حيث تعذر ذلك؛ إلا أن حركة فتح خالفت الاتفاق وبدلاً من أنْ يتم إعادة بناء المنظمة ذهبت لمجلس وطني لا يمثل حركتي حماس والجهاد الإسلامي ولا أطياف كبيرة من الشعب الفلسطيني".

وشدد د. الهندي على أن المدخل الحقيقي للمصالحة هو إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، قائلاً "الفصائل لديها برامج سياسية مختلفة ولم نتفق على البرنامج الذي يمثل الحد الأدنى، لذلك لابد من بناء منظمة التحرير وإصلاحها لتصبح مرجعية وطنية جامعة تعبر عن روح الشعب الفلسطيني خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بالقضية".

وذكر د. الهندي أن ملف التهدئة لا ينفصل عن ملف المصالحة، مشيراً "إلى أنَّ ملف التهدئة يسير في مسارين، المسار الأول "تهدئة تحتاج إلى مصالحة تسبقها؛ لأنها بحاجة إلى سلطة تتولى بعض المشاريع المهمة الكبيرة، وتحتاج لسلطة لديها اعتراف إقليمي ودولي في هذا المجال"، لافتاً إلى "أنَّ السلطة في الوقت الحالي ترفض أنْ تتحمل مسؤولياتها حتى نصل إلى تفاهمات باتفاق المصالحة".

وذكر أن المسار الثاني من ملف التهدئة يتمثل في "تهدئة ميدانية قائمة على هدوء يقابله هدوء إضافة إلى تحسين حياة الناس في غزة، وهو أمرٌ لا يحتاج إلى مصالحة".

وعن موقف الجبهة الشعبية الرافض للتهدئة المثار حديثها في القاهرة، قال الهندي: الجبهة الشعبية أعلنت رفضها للتهدئة خشية أن يكون هناك اتفاق سياسي أو تستغل التهدئة لتكون مدخلاً لاتفاق سياسي، لكن نحن متيقظون لمخاوف الجبهة الشعبية وموقفنا قريب من موقف الإخوة في الجبهة، لكننا نود أن نشير هنا إلى أنه لا يوجد أي اتفاق سياسي أو مدة زمنية للتهدئة، الحديث يدور فقط عن تهدئة مقابل تهدئة لتحسين حياة الناس على أساس اتفاق 2014 الذي وافقت عليه جميع الفصائل الفلسطينية.

وشدد الهندي حرص حركته إلى جانب فصائل المقاومة المشاركة في محادثات القاهرة على أن لا تكون المحادثات مدخلاً لأي قضايا سياسية على حساب الثوابت.

وعن سلاح المقاومة من محادثات القاهرة، قال: المقاومة لن تسمح أن يمس سلاحها تحت أي ضغط أو أي ترتيبات، وسيكون للمقاومة كلمتها عند أي اعتداء، ولقد أبلغنا جميع الأطراف بما فيهم المصريين بشكل صريح وواضح لا يقبل التأويل أو اللبس أنَّ سلاح المقاومة خطٌ أحمر، وملف غير قابل لمجرد النقاش.

وعن هجوم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الاحمد  وآخرين من قادة السلطة على الفصائل المشاركة في محادثات القاهرة والتلويح بفرض عقوبات جديدة، قال الهندي: عزام الأحمد يتحدث بما يشاء، وهذا الهجوم والتهديد لا يتوقف عنده أحد، التهديد بقطع المرتبات ووقف الموازنات عن قطاع غزة تهديدات لا نأخذها على محمل الجد.

وأكد على أنَّ وفد المقاومة في القاهرة لم يتعرض لأي مضايقات أو تهديدات للقبول بأي أطروحة أو رؤية، قائلاً "لم نتعرض لأي ضغوط، فقرارنا الفلسطيني مستقل، ونضع المصلحة الفلسطينية العليا أمام أعيننا، ولا أحد يستطيع أن يضغط أو يُملي على المقاومة؛ لأن غزة تمتلك حريتها فبالتالي تمتلك قرارها".

مسيرات العودة ستستمر 

وفيما يتعلق بمسيرات العودة، شدد د. الهندي على أنَّ المسيرات مستمرة، وأنه لا علاقة للمسيرات فيما يتم بحثه في القاهرة.

وقال الهندي: إن مسيرات العودة مستمرة، وهدفها من اسمها تذكير الناس بأرضهم التي هُجروا منها في العام 1948م، واستطاعت المسيرات أن تعيد الصراع للمربع الأول المتمثل في الصراع من أجل العودة إلى الوطن ودحر المحتلين الغاصبين، كذلك فإن مسيرات العودة بثت الروح في نفوس الفلسطينيين الشباب والأطفال والشيوخ، واستطاعت، وعبَّرت عن تمسك الفلسطينيين بأرضهم، واستطاعت أن تعيد البوصلة إلى الحق في فلسطين، واستطاعت المسيرات السلمية أن تقول للعالم أن قضيتنا ليست قضية إنسانية أو نزاع يحلُ بالمال أو المساعدات أو المنح وإنما قضية ثوابت وحقوق سياسية وتاريخية ودينية.

وفي ملف المصالحة، قال: إن المُصالحة لها مساران الأول حل المشاكل بين فتح وحماس، واعتقد أن هذا المسار لا يصنع مصالحة حقيقية بل يعمل على تسكين الانقسام ليس أكثر، لافتاً إلى أنه سبق محاولة حل المشاكل العالقة بين فتح وحماس مثل ملف الحكومة والامن والتشريعي والانتخابات، وطرقوا الباب أكثر من مرة ولم يصنعوا مصالحة حقيقية، وهذا المسار لم ينه الانقسام ولم يحمي المشروع الوطني.

وأشار إلى أن المسار الآخر القادر على صناعة مصالحة حقيقة هو مسار إعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية وسياسية يتوافق عليها كل الفلسطينيين، لافتاً إلى أنَّ السلطة ترفض مسار إصلاح المنظمة وتحاول الالتفاف على التوافقات التي جرت منذ العام 2005.

وقال: للأسف مفهوم المصالحة عند حركة حماس يختلف عنه عند حركة فتح، فعند حركة فتح يتمثل مفهوم المصالحة في أن تعود السلطة لحكم قطاع غزة حكماً كاملاً كما تحكم رام الله وأن تكون المقاومة وسلاحها في مهب الريح، وهذا بالنسبة لحماس والجهاد الإسلامي مرفوض تماماً، ومفهوم المصالحة عند حماس يقوم على المشاركة في القرار الفلسطيني ليس على مستوى غزة فقط وإنما على مستوى الوطن.

وذكر أن ملف المصالحة معقد وإتمامها يحتاج إلى وقت، مشيراً إلى أن إجراءات السلطة مثل اجتماع المجلس الوطني في رام الله، ومحاولة جعل المركزي بديلاً عن التشريعي، والعقوبات التي تفرض على غزة تعقِّد المشهد الفلسطيني، ولا تعالج ملف الانقسام، وهي من باب المناكفة لأجل المناكفة ليس إلا.

صفقة القرن 

وفيما يتعلق بصفقة القرن ذكر "أن هناك موقف مشترك من الصفقة والرؤى الأمريكية، سواء من قبل السلطة أو موقف فصائل المقاومة، وهو أمر كان يمكنُ أنْ يكون بداية للتوافق الوطني، لكن السلطة ذهبت باتجاه مختلف بعد عقدها المجلس الوطني في رام الله، هذا المسار الذي اتخذته السلطة عقَّد ملف المصالحة وعزز الانقسام، لذلك المأزق الفلسطيني يحتاج مسار مختلف غير الذي تسير فيه السلطة".

عن تأجيل الإدارة الامريكية الإعلان عن صفقة القرن، شدد د. الهندي على أنَّ "صفقة القرن ليست بحاجة إلى إعلان، كونها تطبق على أرض الواقع، ويتمثل ذلك في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إلى القدس، وتشن خطوات للإجهاز على ملف اللاجئين وفي هذا السياق تشن خطوات لتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) التي تعبر عن اللاجئ الفلسطيني، ويتم إضعاف ملف اللاجئين في الدول التي تستوعبهم؛ وهناك شواهد عدة إذ أنَّ مخيم اليرموك في سوريا الذي كان يعدُ رمزاً للاجئين الفلسطينيين في الخارج أصبح اليوم في حكم الضائع، وأعداد اللاجئين في لبنان بدأت تتناقص ويعانون من مشاكل عدة، لذلك نحن أصبحنا في صلب صفقة القرن، ولا تحتاج الإدارة الامريكية لإعلانها لأنها باتت تطبقها".

وفي السياق، أشار إلى وجود ترتيبات إقليمية مع دول عربية تقفز عن القضية الفلسطينية، قائلاً "بالسابق كان مدخل حل الدولتين أو المبادرة العربية 2002 التطبيع مع الدول العربية، اليوم يجري التطبيع دون حل القضية الفلسطينية، الصفقة يجري العمل فيها ولا تحتاج إدارة ترامب لتوقيعات الدول العربية أو الإقليم الذي كان يرفض التطبيع قبل حل الدولتين".

وفيما يتعلق برفض السلطة للصفقة، قال: السلطة أخذت موقفاً مهماً؛ ولكن لا يكفي أن يكون إعلان لمجرد الإعلان، إذ يجب أنْ تتخذ خطوات على الأرض من قبل السلطة تساعد في إفشال مخططات تصفية القضية.