خبر دبلوماسي سابق يؤكد وجود مخطط لإلحاق غزة بشبه جزيرة سيناء

الساعة 11:16 ص|06 يناير 2009

فلسطين اليوم - وكالات

أكد دبلوماسي سابق عمل لسنوات دبلوماسيا في الخارجية المصرية وجود مخطط فعلي لإلحاق قطاع غزة بمصر والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية مؤيدا بذلك ما اعلنه الرئيس مبارك في خطابه مطلع العام الذي شرح فيه المخاوف من خطة إسرائيلية بهذا الخصوص تمنع مصر من اتخاذ قرار بالفتح الدائم للحدود مع القطاع.

وكشف الدبلوماسي المصري عن أن الخطة الإسرائيلية عبر عنها اليوم الاثنين 5-1-2008 جون بولتون سفير الولايات المتحدة السابق بالأمم المتحدة وأحد صقور اليمين المحافظ المقربين من الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش في مقال أعلن فيه فشل خيار دولة للفلسطينيين بجانب إسرائيل وتبنى خيار ثلاث دول قائمة بالفعل هي مصر والأرن وإسرائيل عبر ضم القطاع والضفة الغربية إلى الدولتين العربيتين مع تقديم دعم مالي وسياسي لهما من الدول العربية والغرب.

وقال الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق في حديث للعربية.نت أن هذا المخطط يرجع لعدة سنوات ويهدف لجعل مصر وطنا بديلا للفلسطينيين بإلحاق قطاع غزة بشبه جزيرة سيناء، وإدارتها سياسيا من قبل القاهرة كما كان الوضع قبل حرب يونيو/حزيرن 1967.

وأوضح أن الضم هذه المرة يختلف عن سابقه، بأن اسرائيل والولايات المتحدة يريدان أن يكون حلا نهائيا وبديلا للدولة الفلسطينية، مع تطبيق الأمر نفسه على الضفة الغربية التي كانت تخضع أيضا للادارة الأردنية قبل ذلك التاريخ.

وقال لـ"العربية.نت" إن جزءا من أسباب إصرار مصر على إغلاق معبر رفح، يرجع لهذه المخاوف، خصوصا أنها تلقت عبر الطرق الدبلوماسية توجها اسرائيليا صريحا للتخلي عن مسؤليتها عن القطاع لمصر وتصدير مشاكله إليها، لكن القيادة المصرية واعية تماما بذلك المخطط وترفضه تماما ولن تسمح بتمريره.

وتعقيبا على تصريحات بولتون التي نشرت في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أوضح أن ما قاله لم يأت بجديد، فهو يتحدث عن أجندة موضوعة بالفعل وتحاول الولايات المتحدة واسرائيل تنفيذها باستغلال الوضع الحالي في غزة، وربما تطرح بشكل صريح على مائدة المفاوضات التي يجري الاعداد لها لبحث وقف إطلاق النار وضمان عدم إطلاق حماس لصواريخها.

مساع محمومة للتوطين

وقال الدبلوماسي المصري المرموق "هنالك مساع محمومة تجري حاليا لتصفية القضية الفلسطينية، سواء عن طريق التوطين أو عن طريق إسقاط حق العودة والقضاء على مقاومة الاحتلال، وأبرز الحلول المطروحة حاليا ضم غزة إلى مصر، لكنها لن تقبله بأي حال ومهما كانت المغريات، فهي لن تساعد في هذه التصفية، ولن تضع نفسها في مواجهة مع الفلسطينيين الذين سيحملونها مسؤولية ذلك لو حدث، فيتحولون إلى محاربتها ومحاربة الأردن أيضا إذا تم تطبيق المخطط نفسه على الضفة الغربية، وهذا معناه أن اسرائيل تريد تصدير المشكلة إليهما".

واستطرد بأن الرئيس حسني مبارك رد على هذا المخطط في خطابه الذي تناول أزمة الاعتداء الاسرائيلي على غزة قبل عدة أيام.

وأوضح د.الأشعل أن هناك حلا آخر يريد أن تتخلى مصر عن مساحة من سيناء على حدودها الشمالية مع غزة لتوسيع رقعة القطاع وإقامة دولة فلسطينية بديلة عليها، هو أيضا معلوم للدبلوماسية المصرية، "لكن لا يملك أحد هنا قرار التخلي عن شبر واحد من حدودنا التاريخية، بدليل أن اسرائيل لم تنجح في ضم طابا التي عادت إلينا بالتحكيم الدولي".

لكنه طالب الحكومة باغلاق عملي لهذا الملف عبر تنمية شبه جزيرة سيناء سكانيا وإقتصاديا وفق الخطة التي كان قد أشرف عليها الرئيس الراحل أنور السادات، وتهجير ملايين من سكان دلتا النيل المكتظ إليها، وعدم الاكتفاء بتركها لرجال الأعمال ومشروعاتهم السياحية والفندقية.

وقال إن ثلث مساحة مصر الممثلة في سيناء تبدو مفرغة من السكان، في حين توقفت جهود التنمية فيها منذ سنوات مما يثير المخاوف خصوصا بين القبائل القاطنة هناك من تمرير مخطط التخلي عن مساحة من الأرض، أو تهيئتها لاستقبال الفلسطينيين.

وأضاف "الموقف الحالي الذي لا يمكن التراجع عنه هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة أو دولة يعيش فيها الشعبان الفلسطيني واليهودي، والخيار الأخير ترفضه اسرائيل تماما، وتسعى بدلا منه لتمرير التوطين في الضفة وغزة وضمهما للأردن ومصر، وهذا محكوم عليه بالفشل، لأن نظامي البلدين لن يجازفا بتلك الخطوة".

بولتون وخيار الثلاث دول

وفي مقاله بالواشنطن بوست قال الدبلوماسي الأمريكي السابق والخبير السياسي في معهد انتربرايز الأمريكي تحت عنوان "خيار الثلاث دول" إنه من خلال المعطيات الحالية على الأرض يجب أن نتساءل لماذا ندافع عن حل القضية بوجود دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل، فقد ثبت أننا لن نتقدم على هذا الطريق وربما نعود إلى الوراء.

وأكد أن الحل الأمثل هو خيار الثلاث دول ممثلة في مصر والأردن واسرائيل، بضم غزة للادارة المصرية والضفة الغربية للادارة الأردنية، باعتبار أن المشاكل الحالية تجري على حدود هذه الدول المتلاصقة "لكن الدولتين العربيتين يجب أن تتلقيا دعما سياسيا وماديا من الجامعة العربية والغرب وكذلك من الولايات المتحدة".

وبرر رأيه بأن مصر لم تعد تريد تحمل مسؤولية التعامل مع حماس، كما أنها تخشى من تطرفها وعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، مما سيزيد من خطر التطرف في الداخل، والحل الأمثل هو الوصول إلى أفضل وسيلة للتحكم في ذلك التهديد، وهذا لن يتأتي بابقاء غزة منفصلة سياسيا عن مصر لأنه يزيد من التهديد الواقع عليها.

وأضاف جون بولتون "بدون دور أكبر لمصر، فإن غزة ربما لا تصل لتحقيق أقل معدلات الاستقرار اللازم للتنمية الاقتصادية". مشيرا إلى أن ربط غزة بنظام اقتصادي قائم بالفعل فضلا عن الاقتصاد الفلسطيني، أسرع طريق لتحسين أوضاع السكان فيها.

اقتطاع جزء من سيناء

وكانت تقارير إخبارية مصرية قد أشارت في أوقات سابقة إلى خطة لم يتم الكشف عن الجهات التي تتبناها، تقوم على اقتطاع حوالي 30 كم من حدود مصر الشمالية مع غزة حتى منطقة الخروبة لضمها إلى القطاع وانشاء دولة فلسطينية عليها.

ونقلت تلك التقارير عن سلامة الرقيعي العضو المستقل بمجلس الشعب المصري عن سيناء قوله "إنه ليس من المقبول أساسا طرح هذه الفكرة التي يتداول أبناء سيناء أنباءها وسط مخاوف من أن تصبح أمرا واقعا، في حين أنها لم تطرح بشكل علني أو رسمي من أي جهة بالحكومة المصرية، ولم تصدر أي إشارة إليها، كل ما هنالك حديث عابر من هنا أو هناك، وإن كنا نقف أمامه بحذر، بحكم أننا منطقة حدودية لها طبيعتها التي نعلمها".

وكانت اسرائيل قد سعت بعد إحتلالها لشبه جزيرة سيناء لاعلانها دولة مستقلة عن مصر ولكنها فوجئت برفض عارم من القبائل التي تسكنها والتي رفضت فك ارتباطها بوطنها. ووضعت الحكومة المصرية خطة لتعمير سيناء سكانيا بعد استعادتها، حيث سعت لاستزراع 400 ألف فدان من خلال مشروع ترعة السلام الذي كان من المقرر أن يمتد إلى الحدود مع غزة، ولكن تم التراجع عن ذلك أمام رفض الدول الأفريقية المطلة على نهر النيل -كما يقول عبدالله الأشعل - كما لم تنفذ وزارة الري خطتها لتوطين 3 ملايين نسمة في سيناء. وتصاعدت المخاوف المصرية إثر اقتحام فلسطنيين للحدود في العام الماضي ودخولهم سيناء، وقامت السلطات على اثر ذلك ببناء جدار ضخم حتى لا يتكرر هذا الأمر، وأغلقت معبر رفح، ولم تفتحه إلا مؤخرا للمساعدات الانسانية فقط بعد الهجوم الاسرائيلي على غزة.