خبر العدوان على غزة .. والنفاق الدولي .. د. محمد مورو

الساعة 10:56 ص|05 يناير 2009

لا يمكن بالطبع فهم أو استيعاب أنْ يقوم جيشُ دولةِ إسرائيل بالعدوان على قطاع غزة, واستخدام القوة المفرطة في هذا الصدد, ووصل الأمر إلى حد الإبادة؛ حيث كان معدل القتل والجرح يوميًّا بالمئات، في مواجهة سكان لا يملكون سلاحًا فعَّالًا، ولا قدرة على مواجهة آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية.

 

لا يمكننا فهم واستيعاب أنْ يتم ذلك تحت بصر العالم وسمعه, دون أنْ يُحَرِّكَ ساكنًا، أو تتمْ إحالة المسئولية الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية, لا يمكن فهم ذلك, إلا بادراك أنّ المجتمع الدولي إما عاجز، وإما منافق.

 

وفي الحقيقة، فإنّ فكرة عجز المجتمع الدولي فكرة لا مصداقية لها, ذلك أنّ هذا المجتمع تحرك في قضايا أَقَلَّ عدالة، وربما ملفقة؛ لتحويل رؤساء دول مثل السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية, أو صدور قرارات من مجلس الأمن تحت البند السابع, بالتدخل هنا وهناك, ومن ثم؛ فإن التفسير الوحيد القابل للفهم هو أنّ هذا المجتمع منافق في معظمه, أو خاضعٌ لنوعٍ من الهيمنة الاستكبارية الدولية، ممثلة في الولايات المتحدة والغرب عمومًا.

 

على كل حال، فإن النكبات تكشف الحقائق, وعلينا أن نتعامل مع هذه الحقائق كما هي, لا كما نريد، أو نتمنى أن تكون، منها:

 

أنّ النظام العربي بات عاجزًا تمامًا, أو أنه خاضِعٌ للإدارة الأمريكية بصورة أو أخرى.

 

ومنها: أن الولايات المتحدة الأمريكية شديدة التماهي والتطابق مع الكيان الصهيوني, بل يكمن أن نقول: إن العدوان على غزة, جاء بتحريضٍ أمريكيٍّ مباشر.

 

ومنها: أن النظام العربي والدولي لا يُرِيدُ ظهورَ حكومات إسلامية، حتى لو كانت في قطاعٍ صغيرٍ مثل غزة, وأنَّه رَفَضَ التعاطي مع حماس، رغم كل ما أبدته من مرونة وتنازلات جوهرية, مُفَضِّلًا تدمير وإبادة غزة على أهلها وسكانها، على التفاهم مع حكومة حماس.

 

وإذا كان لا بد من اتخاذ العِظَةِ والعبرة مما حدث في غزة؛ فإن من الضروري أن تنسحب الدول العربية والإسلامية، والدول المحبة للسلام، والرافضة للهيمنة الأمريكية من الأمم المتحدة, حتى لا نُشَارِكَ بالسكوت والرضا والنفاق في هذه المأساة.

 

هل يكمن الاستمرار في الأمم المتحدة، بعد أن وقف مجلس الأمن مُتَفَرِّجًا على مذبحةٍ واسِعَةِ النطاق، وحرب إبادةٍ، بكل ما للكلمةِ من معنًى حقيقيٍّ أو رمزيٍّ، على حَدٍّ سواء؟! وكل ما فعله مجلس الأمن هو إصدار قرارٍ غيرِ مُلْزِمٍ بِوَقْفِ إطلاق النار! ومن البديهي أن أحدًا لم يكترث بمثل هذا القرار، الذي هو فضيحةٌ بكل المعايير .

 

وفي الحقيقة، فإن عبث التواجد بالأمم المتحدة ليس أمرًا جديدًا, بل إن هذه المنظمة, تكاد تكون إحدى آليات خداعنا وتدميرنا والسيطرة علينا, ولعل السيد كورت فالدهايم السكرتير العام الأسبق للأمم المتحدة , كان قد قال الحقيقة العارية يومًا ما حين وصف الأمم المتحدة بأنها آلةٌ للكذب من أجل السلام، ليس إلا.. وهو قولٌ لا يخلو من الدلالة، لو كان لنا عقولٌ أو قلوبٌ نَفْقَهُ بها!

 

وفي الحقيقة، فإن آلية العضوية بمجلس الأمن تَسْمَحُ بسيطرة الخمسة الكبار, أو إحدى القوى منفردةً (أمريكا) على قرارات المجلس , وفي كل مرةٍ كان يَتِمُّ فيها اتخاذ قرارٍ لصالح العرب والمسلمين, كان الفيتو الأمريكي جاهزًا, أما الجمعية العامة للأمم المتحدة, فإنها مجرد "مكلمة" للتنفيس لا أكثر ولا أقل !

 

ولعلنا لا نذكر من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن تحديدًا , إلا قراراتِ فَرْضِ العقوبات على العرب والمسلمين ( ليبيا، والعراق، وإيران، والسودان) ... إلخ .

 

وعلى حد قول الدكتور جورج أبي صهيب، وهو خبير دولي من أصول عربية, فإن الأمم المتحدة تحولتْ إلى كَنَّاسٍ يُطْلَبُ منه أنْ يقوم بتنظيف القذارة التي تُسَبِّبُها أمريكا في العالم, ومن ثم فإنّ الموقف الصحيح الآن هو الانسحاب من الأمم المتحدة؛ حتى لا يتحول العرب والمسلمون إلى شهود زور على أنفسهم في تلك المنظمة المنافقة والضارَّةِ جِدًّا بنا.

 

وعند انسحاب الدول العربية والإسلامية من تلك المنظمة، فإن المسألة ستكون أكثرَ وضوحًا، فلا نُعَوِّلُ على ما يُسَمَّى بالمجتمع الدولي, وعلينا أن نعتمد على أنفسنا فقط, ولكن السؤال الأهم هنا: هل تملك الحكومات العربية والإسلامية قرارَهَا في يدها، بحيث يستطيع الإقدامَ على تلك الخطوة؟!