خبر خذلان غزة بين وزراء خارجية العرب ..ياسر الزعاترة

الساعة 10:51 ص|05 يناير 2009

 

تمكنت القاهرة، مدعومةً ببعض الإشارات الخارجية (الأمريكية بالطبع) من إفشال المسعى القطري، مدعومًا من بعض الدول الأخرى لعقد قمة عربية؛ حيث جرى استبدالها باجتماع طارئ لوزراء الخارجية، افتتحه الأمين العام للجامعة بكلمة عالية السقف، كنا نعرف أَنَّها مَحْضُ ذَرٍّ للرماد في العيون؛ لأن المحصلة النهائية كانت معروفةً في واقع الحال، وإن جاءت أسوأ من المتوقع.

 

عندما يُعْقَدُ اللقاء في القاهرة، بينما تتكاثر الدول الخائفة من السطوة الأمريكية، وفي أجواء إدانةٍ شعبيةٍ للسياسة المصرية، فمن الطبيعي أن ينتهي اللقاء بتلك الخاتمة البائسة، التي تستجدي قَرَارًا من مجلس الأمن، يعلم الجميع أن واشنطن ستُفَرِّغه من أي مضمون إيجابي، مع العلم بأن أي مضمون كان لن يعني الكثير للدولة العبرية التي اعتادت إدارة الظهر للقرارات الدولية، بل وصل بها الحال حَدَّ تجاهل قرار استثنائي وبالغ الأهمية من محكمة لاهاي بشأن الجدار.

 

إلى جانب حديثه عن التَّوَجُّه إلى مجلس الأمن، كان بيان وزراء الخارجية انتصارًا كاملًا للمواقف المصرية؛ إذ وصل الأمر حَدَّ الحديث عن رَفْضِ المزايدات عليها، في إشارةٍ ضمنيةٍ للجماهير العربية والإسلامية، وكذلك لبعض الدول العربية التي رأت فيها مساندة للعدوان.

 

الأسوأ هو الحديث عن وقف الانقسام، وهو حديثٌ أكثرُ بؤسًا، لا يأخذ في الاعتبار أن ثمة مذبحةً تتم على الأرض، لن تنتظر بحالٍ إنهاء الانقسام، مع العلم بأن الحديث المذكور في بيان الجامعة قد أشار إلى ورقة الحوار المصرية، وهي ورقةٌ يعلم الجميع أنّ هدفها النهائي هو انتزاعُ قطاع غزة من حماس، إلى جانب مَنْحِ ورقةِ تفويضٍ مفتوحةٍ لمحمود عباس بالْمُضِيِّ في مسار المفاوضات، بِصَرْفِ النظر عن النتائج على الأرض.

 

مرةً أخرى تكون الجماهير العربية والإسلامية في وادٍ، وأنظمتها، أو معظمها حتى نتوخى الدقة، في وادٍ آخر، ما يعني أن الفريق العربي الرسمي المتناقضَ مع جماهيره لا زال عازمًا على مواصلة نهجه التقليدي، والذي تَبَلْوَرَ في نظرية الخطر الإيراني، الذي يتَقَدَّمُ على خطر المشروع الأمريكي الإسرائيلي، الأمر الذي سيتَعَزَّزُ في استقبال القادم الجديد إلى البيت الأبيض كما يبدو.

 

لم ينسَ بيان الوزراء العرب شُكْرَ مصر على مساعدتها للفلسطينيين من خلال المعبر، لكنهم تجاهلوا كلام وزير الخارجية المصري حول "ضيق" المعبر، وعدم قدرته على استيعاب تَدَفُّقِ المساعدات، لَكَأَنَّهُ شريطٌ بحري لا يمكن توسيعه، وليس مجردَ بوابة يمكن هَدْمُهَا بالكامل.

 

مؤسف هذا الذي جرى، وهو بالتأكيد سيزيد في الهُوَّةِ القائمة بين معظم الأنظمة العربية وجماهيرها، لاسيما أن هذه الجماهير قد سَجَّلَتْ حيويةً مفاجئة، على الأقل لبعض المراهنين على موتها، ولذلك حديث آخر.

 

أما قطاع غزة الذي خذله الأشقاء الرسميون، فليس أمامه غير استمرار الصمود؛ لأن المراهنة على تركيعه هي مراهنة على تركيع جميع الفلسطينيين، ولا قيمة لتلك المناورات البائسة من طَرَفِ السلطة بهدف تنفيس الاحتقان الشعبي، إذ إن المطلوب هو أن يأتي الشعب الفلسطيني طائعًا إلى المفاوضات، ويقبل بالفتات المعروض عليه.

 

إنها حَرْبٌ على إرادة الشعب الفلسطيني، بل هي حَرْبٌ على قوى المقاومة والممانعة في هذه الأمة، لكنها لن تحقق أهدافها، حتى لو تمكن العدو في النهاية من دخول القطاع بعد معركة برية يتردد في خوضها، هو الذي لا زال أسيرًا لهواجس هزيمة تموز 2006 على يد حزب الله، ومن بعدها فشل الاجتياحات الجزئية للقطاع، بسبب بسالة المقاومة