خبر مجلس القبيلة قال قولته.. هآرتس

الساعة 10:01 ص|05 يناير 2009

بقلم: تسفي برئيل

"توجد محطات عربية يمكن تسميتها عبرية وليس عربية. وهي تبلغ عن القتلى في غزة وكأنهم قتلوا في حوادث طرق في الهند وتصر على تسميتهم قتلى وليس شهداء"، صرخ الامين العام لحزب الله حسن نصرالله في خطابه الموبخ يوم الاحد. ونصرالله يعرف عما يتحدث. الحرب في غزة، مثل تلك التي في لبنان في العام 2006 هي حرب على الشاشة الصغرة، بقدر لا يقل عما هي على الارض.  

ثورة الاعلام الفضائي التي تمر في السنوات الاخيرة على الشرق الاوسط تجعل 450 قناة تلفزيونية عربية ذات تأثير لا يقل عن القنوات الغربية، وتأثيرها ليس محدودا بالانظمة العربية وحدها، بل ويصل الى الحكومات الغربية ايضا. نصرالله يفهم انه مقابل ايام الانتفاضة الاولى وحرب الخليج الاولى، فان وسائل الاعلام هي التي ستحسم اذا كان الرأي العام العربي والدولي سيستيقظ ليفرض وقفا للنار، يسمح لحماس بالتباهي بنصر هام – أم ان اسرائيل يمكنها أن تواصل العملية دون ضغط جماهيري وسياسي.

مالكو وسائل الاعلام هم الذين يميزون بين مؤيدي حماس ومعارضيها: بين من يستخدم تعابير "المحرقة" و "المذبحة" وبين من يبلغون عن "قتلى وجرحى"؛ بين "طائرات الكيان الصهيوني" و "الطائرات الحربية الاسرائيلية"؛ بين ما يبث صورا عن الاشلاء النازفة وبين من يبعدها قليلا عن الكاميرة.

اصبع الاتهام يوجهه نصرالله الى قناة "العربية" التي في تقاريرها عن القتال في غزة تتعامل بشكل موضوعي حتى تجاه الجرحى والقتلى في اسرائيل. "العربية" هي جزء من مجموعة "الاتصالات" MBC التي تملكها السعودية واقيمت قبل وقت قصير من الحرب في العراق لتوازن تقارير شبكة "الجزيرة" التي افلحت في اغضاب كل الزعماء العرب في المنطقة العربية تقريبا. ومقابل "الجزيرة" فان "العربية" تسمح في موقعها على الانترنت في نشر ردود فعل المتصفحين الذين يكتبون ضمن امور اخرى: "ما الذي يجعلكم تتأثرون حين يقتل 300 فلسطيني، بينما هذا هو عدد العراقيين الذين يقتلون كل يوم في العمليات الارهابية".

نصرالله – الذي تملك منظمته محطة "المنار" التلفزيونية كان بوسعه أن يتهم ايضا محطات التلفزيون اللبنانية التي لم تجتهد بتغطية ما يجري في غزة. افلام، عروض غنائية ومسلسلات اسرية لم تتوقف هناك كي تبث الانباء المباشرة عن غزة. كما أن بعض المحطات الفضائية في الخليج فضلت مواصلة برامج البث العادية وكأن الحديث يدور عن حرب خاصة لحماس امام اسرائيل وليس عن "القضية الفلسطينية". غير أن النشرات الاخبارية لكل المحطات معا لا يمكنها ان تتنافس مع مستوى المشاهدة "للجزيرة" والذي يصل حسب معطيات غير رسمية الى 70 – 75 في المائة.

الحرب على الحرب تدور بالطبع ايضا في الصحافة المكتوبة. الممثلين الدوليين الهامين لهذه الحرب، "الحياة" و "الشرق الاوسط" هما ايضا تحت سيطرة السعودية. الصحيفتان تصدران في لندن تستضيفان افضل المعلقين العرب، الذين تنشر مقالاتهم ايضا في مواقع الانترنت العامة مثل "ايلاف" الذي هو ايضا بملكية سعودية.

وهكذا مثلا، بعد يوم من بدء الهجوم الاسرائيلي في غزة، عنون المحرر الرئيس لـ "الشرق الاوسط" طارق الحميد مقاله الافتتاحي بكلمات "دم غزة، مشروع تجاري". وكان الحميدي يقول ان "زعماء حماس يطلبون من العرب اكثر من تصريحات التنديد، أي ان نسلم شؤوننا لحماس في الحرب وفي السلام. خالد مشعل يقرر متى يعقد هدنة ومتى يقصف بصواريخ الصفيح وليس علينا نحن الا ان نطيع".

ولا يقل الحميد في قدرته الخطابية عن نصرالله الذي يقلب دعوته للجمهور والزعماء العرب للعمل من أجل غزة رأسا على عقب فيقول: "لا توجد أي حاجة لانعقاد قمة عربية بل لموقف عربي مصمم، يلقي المسؤولية عن من هو مسؤول عن الوضع. إذا كان التصعيد موجها من حماس وايران ضد المفاوضات المتوقعة بين سوريا واسرائيل، فيجب قول ذلك بالفم المليء. واذا كان الهدف هو تعزيز الجانب السوري فيجب قول هذا ايضا".

هذه ضربة أليمة تحت الحزام لسوريا، سند حزب الله وخصم السعودية. "واجب على العرب ان يقولوا للرأي العام ماذا فعلت حماس في غزة. افشال الجهود المصرية لاحلال التهدئة ليس سوى التصويت لنتنياهو في الانتخابات في اسرائيل. فالمتطرف يبحث دوما عن متطرف آخر يبرر وجوده".

اقوال بهذا القدر من الشدة ضد حماس لم تظهر في الصحافة العربية، والاهم من ذلك هو أن المقال شق الطريق لمقالات اخرى عديدة بذات الروح. هكذا عنوان المقال الافتتاحي يوم الاثنين في "الاهرام" الممولة باموال الحكومة المصرية كان: "جريمة اسرائيلية بمساعدة حماس". ويتهم المقال حماس مباشرة بسلوك غير مسؤول ادى الى "المذبحة في غزة".

وبالذات منافسة "الاهرام" وامثالها في الدول العربية، والتي تعكس موقف النظام، للقنوات الفوق قومية، التي تعكس الضغط الهائل للرأي العام العربي، تؤدي بهم الى ايضاح مواقفهم والتعبير عنها صراحة. ومع أنهم يتمترسون اكثر في مواقفهم، الا انهم يعبرون بذلك عن دائرة ردود الفعل وتحديد السياسة التي لم تعد ضمن السيطرة الحصرية للانظمة، بل وللجمهور دور فيها ايضا.