جاءت تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بتشديد الحصار على قطاع غزة لتقطع الطريق على قبول الفلسطينيين بتسوية إنسانية "رفع الحصار مقابل تسهيلات إنسانية"، ولتؤسس لمرحلة جديدة قد ترتقي إلى تصعيد بعد أن رفضها الكل الفلسطيني وخاصة فصائل المقاومة، فيما اعتبرها محللون في الشأن الإسرائيلي أن هذه التهديدات تؤسس لمرحلة تنذر بتداعيات كبيرة.
يشار إلى أنه خلال الأشهر الماضية، كان الحديث على ضرورة منح قطاع غزة تسهيلات نظراً للأوضاع الصعبة التي يعيشها، خاصة بعد اشتعال الحدود مع "إسرائيل" بالمظاهرات السلمية، رفضاً للحصار وتأكيداً على حق العودة.
المختص في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، اعتبر إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن إغلاق معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد بين إسرائيل وقطاع غزة)، هو جزء من مجموعة من الإجراءات التي سيتخذها لاحقا لتضييق الخناق على حكم حركة حماس في غزة يؤسس لتحول خطير يقطع مع نهج التردد الإسرائيلي الحالي وينذر بتداعيات كبيرة.
وتساءل النعامي، هل تأتي هذه الإجراءات في إطار الضغط على حماس لإجبارها على وقف الطائرات الورقية المشتعلة؟ أم في إطار الضغط لدفع الحركة لإبداء مرونة بشأن ملف الأسرى؟ أم أن الأمر يأتي في إطار تحرك "إسرائيلي" أمريكي إقليمي لفرض ترتيبات تفضي إلى تغيير البيئة السياسية والأمنية في القطاع بشكل جذري ضمن ما يعرف بمعادلة "غزة أولا"، التي قيل إنها تمثل المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية للتسوية؟ أم من أجل تحقيق الأهداف الثلاثة مجتمعة؟
وأعرب عن تقديره، أن أكثر ما يعني "إسرائيل" حالياً هو ملف الأسرى والطائرات الورقية الحارقة. مستدركاً أن هذه الإجراءات قد تفضي إلى حدوث تدهور أمني يؤدي إلى اندلاع مواجهة جديدة، سيما وأن نتنياهو لم يكشف عن طابع الإجراءات العقابية الأخرى.
هذا وعدت حركة الجهاد الإسلامي أن الإجراءات التي أعلنتها إسرائيل تعد بمثابة حرب جديدة على قطاع غزة، لن تكون المقاومة عاجزة ابداً عن الرد عليه.
وقالت الحركة في بيان لها: إن ما أعلنت عنه حكومة الإرهاب وجيشها المجرم هو بمثابة إعلان حرب لن تكون المقاومة عاجزة أبداً عن الرد عليه. وأضافت، إن سنوات الحصار الطويل التي عاشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لم تفلح أبدأ في كسر صموده وزعزعة موقفه الرافض لأي محاولات للمساس بحقوقه وثوابته، ولن تفلح سياسات الإرهاب المنظم التي تنتهجها الحكومة الصهيونية بتحقيق أي من الأهداف المرسومة، كما لن يشكل تواطؤ العديد من الأطراف والوفود التي تساوم الشعب الفلسطيني على نضاله وحقوقه مقابل تسهيلات محدودة، لن يشكل عاملاً في زعزعة ثقة الشعب الفلسطيني بخياراته وبرامجه ومقاومته.
وشددت الحركة على إنها لن تتخلى عن مسؤولياتها في الدفاع عن حقوق شعبنا والتصدي لكل هذه السياسات العدوانية والرد عليها، مؤكدة أنها في حالة تنسيق مع القوى والفصائل لتقييم كافة المستجدات بما فيها إجراءات الاحتلال الأخيرة التي نتعامل معها باعتبارها إعلان حرب جديدة على الشعب الفلسطيني.
وحملت الحركة العالم كله مسؤولية صمته وعجزه عن لجم سياسات الإرهاب التي ينتهجها الاحتلال وتمادي حكومته وجيشه في العدوان على شعبنا ومحاولات فرض التهجير مرة أخرى في الخان الأحمر ومناطق أخرى في الضفة والقدس وتشديد الحصار والعدوان على قطاع غزة.
في ذات السياق، قالت حركة حماس، إن مصادقة نتنياهو على إجراءات إضافية لتشديد الحصار ومنع دخول المواد والبضائع إلى غزة جريمة جديدة ضد الإنسانية تضاف إلى سجل الاحتلال الأسود بحق الشعب الفلسطيني وأهلنا في القطاع.
وأضافت الحركة في بيان لها على لسان متحدثها الرسمي فوزي برهوم، "إن الصمت الإقليمي والدولي على جريمة الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من اثني عشر عاماً شجع العدو الإسرائيلي للتمادي في إجراءاته الإجرامية المخالفة لحقوق الإنسان والقوانين الدولية".
ودعت حركة حماس المجتمع الدولي للتحرك الفوري لمنع هذه الجريمة وتداعياتها الخطيرة، ومغادرة الموقف السلبي الصامت، والعمل على إنهاء حصار غزة ووقف جرائم الاحتلال وانتهاكاته بحق غزة وسكانها، وأن الذي يتحمل كل النتائج المترتبة على هذه السياسات الإسرائيلية العنصرية المتطرفة هي حكومة الاحتلال.
ويعيش قطاع غزة أوضاعاً كارثية جراء الحصار الإسرائيلي لكنه لم يرفع الراية البيضاء للاحتلال، ومازال متمسكاً وصامداً أمام الضغوطات، رغم الحروب الثلاثة التي شنت عليه، ويؤكد بتحركاته أنه مازال يسير على نهج المقاومة للاحتلال بكل السبل.