خبر الى غزة بكل القوة / يديعوت

الساعة 09:12 ص|04 يناير 2009

– مقال افتتاحي – 4/1/2009

بقلم: اليكس فيشمان

 

الفكرة التي توجه المرحلة الثانية من "رصاص مصهور"، وهذه ايضا تعليمات القيادة العسكرية للقادة العسكريين هي: لا نأخذ مخاطرات.

نسير بكل القوة. نطلق النار بكل الوسائل، بما في ذلك المدفعية، على أن يكون حد ادنى من الاصابات لقواتنا. اذا كان الثمن الدولي للضرر المحيطي والمس المتوقع للمدنيين فاننا سنتصدى له بعد ذلك.

في سلاح الجو ايضا، في المرحلة الاولى من الحملة، لم تجرى حلقات بحث في اضرار المحيط. هناك ايضا طلبت قيادة السلاح من الطيارين النتائج قبل كل شيء آخر، والحساب على تدمير الاهداف اساسا.

هذا النهج لـ "الحرب مثلما في الحرب" هو أحد التجديدات التي جلبتها حملة "رصاص مصهور". اولئك الجنرالات الذين تحدثوا بسخرية عن الاساليب التي استخدمها بوتين في جورجيا لم يعد بوسعهم أن يشتكوا. ضمان سلامة قواتنا هو في المكان الاول، حتى لو دفعت اسرائيل لقاء ذلك ثمنا باهظا في الرأي العام الدولي.

نار المدفعية التي بدأ الجيش الاسرائيلي بها أمس في الساعة الخامسة بعد الظهر لا ترمز فقط الى الانتقال من المرحلة الجوية الى المرحلة البرية، بل وايضا الى احد دروس حرب لبنان: مهما فعلنا – فان العالم سينقض علينا، وعليه فان مسؤولية رئيس الاركان هي قبل كل شيء  عن مرؤوسيه. من اللحظة التي اتخذ فيها القرار بالخروج الى المعركة، وفتحت النار – لا يقف امام ناظريه أي اعتبار لا يرتبط باستكمال المهمة بالحد الادنى من الاصابات لقواتنا.

خشبة قفز لتسوية سياسية

الحملة البرية بدأت عمليا يوم الجمعة، عندما قصف سلاح الجو طرق، شوارع، جسور ومحاور لتصعيب الامور على حماس في تعزيز قواتها من قاطع الى قاطع. كما أن الغارات الجوية في مناطق مختلفة بمحاذاة الحدود، نفذت من أجل تدمير اقصى حد من الاهداف المعروفة التي تنتمي الى المنظومة الدفاعية لحماس. وامام كل واحد من القطاعات التي يقاتل فيها الجيش الاسرائيلي اليوم يوجد نحو 150 هدفا محددا بانها جزءا من العائق الذي اقامته حماس لصد الحركة البرية للجيش الاسرائيلي نحو المنطقة المبنية.

صباح أمس القيت مناشير دعت السكان الى تسليم رجال حماس، والا سيعتبرون متعاونين معها. وطلب الى السكان البقاء في منازلهم ابتداء من ساعات المساء. كل من يوجد خارج منزله سيعتبر مسلحا – وستطلق النار عليه. هذه التحذيرات هي جزء من مطالب القانون الدولي.

نار المدفعية نحو المناطق المفتوحة والتي بدأ بها الجيش الاسرائيل أمس ترمي الى تشجيع السكان على الانصراف. الايضاح لهم بان اسرائيل جدية. وعندما تبدأ القوات بالتحرك الى الداخل، فان نار المدفعية ستطلب بوتيرة اخرى. والى جانب مظلة جوية يفترض أن ترافق الطوابير المتحركة الى الداخل.

حتى يوم الجمعة الماضي تأجلت العملية البرية لسبب ظروف الطقس. في جهاز الامن اعتقدوا بانه سيكون من السليم استغلال هذا الوقت لفحص خيارات سياسية. ولكن هذه المحاولة فشلت. الاقتراحات بالتسوية التي وصلت – سواء من العالم العربي ام من الدول الاوروبية – لم تكن اقتراحات حقيقية بل مجرد كلام. واضافة الى ذلك فان النزاع السياسي داخل القيادة السياسية عشية الانتخابات يحطم كل جزء طيب.

الحملة البرية تقوم على عدة مراحل. ما يتم الان هو المرحلة الاولى من الخطوة البرية. في المرحلة الحالية، المحدودة في نطاقها، تشارك وحدات نظامية فقط. وترمي هذه المرحلة الى ادخال العدو في حالة صدمة، جباية ثمن باهظ منه وتشكيل قاعدة للمرحلة التي تسيطر فيها القوات على اجزاء واسعة من القطاع.

فصل البدء البري يفترض أن يتواصل عدة ايام في ختامها ستعود اسرائيل الى البحث بوساطة دول العالم، في عناصر وقف النار مع حماس. في بؤرة مطالب اسرائيل: حماس لا تطلق النار بعد اليوم، لا تتعاظم اكثر، وتقام آلية دولية تقرر عقوبات اذا لم تلتزم حماس بهذه الشروط. والتطلع بالمقابل هو جلب حماس الى مفاوضات عاجلة مع تواريخ هدف محددة في مسألة جلعاد شليت.

اذا لم تحقق المرحلة الاولى من الخطوة البرية هذه النتائج، ستضطر اسرائيل ا لى الانتقال الى المرحلة الثانية من الخطوة البرية، والتي لا يرغب فيها احد حقا. هذه المرحلة ستتضمن ادخال فرق احتياط وتوسيع الاحتلال لغزة. نوجد هنا مفارقة: الدمار والقتل الجماعي في اوساط رجال حماس سيجعل الرأي العام العالمي يهرع الى نجدتهم. وهذا من شأنه أن يوقف الخطوة بكاملها، قبل أن يتحقق هدف وقف النار. اذا ما توقفت الخطوة البرية بعد 48 ساعة بضغط من العالم – يكون الثمن دفع ولكن الهدف لم يتحقق.

لقاء مع هدف محصن

في اعقاب المرحلة الاولى – اذا ما صدرت التعليمات – ستتم المرحلة الثانية. في اعقاب دروس من حرب لبنان الثانية صادق المجلس الوزاري منذ الان على تجنيد بضع عشرات الالاف من رجال الاحتياط. ويدور الحديث عن تجنيد عدة فرق قتالية كي تكون جاهزة للانتقال الى المرحلة الثانية وعدم الوصول الى وضع من المراوحة البرية مع قوات محدودة على الارض انتظارا لتجنيد الاحتياط للمعركة. في اللحظة التي يتقرر فيها توسيع العملية سيكون ممكنا تنفيذ ذلك من خلال قوات الاحتياط بعد ايام معدودة من مرحلة البدء وبتواصل. مرحلة توسيع العملية هذه، تأمل القيادة السياسية والقيادة العسكرية على حد سواء، الا نضطر الى الوصول اليها.

الهدف المركزي – والوحيد في واقع الامر – للعملية البرية هو جباية ثمن باهظ من القوة العسكرية لحماس. وسيقاس الانجاز ليس بكمية الارض التي سيحتلها الجيش الاسرائيلي بل بعدد القتلى الذين سيقعون للعدو. السيطرة على مناطق اطلاق الصواريخ هي هدف فرعي. بحيث أن الفرضية يجب أن تكون "اطلاق الصواريخ على اسرائيل سيستمر من عمق القطاع.

الفرضية الاساس تقول ان وصول قوة برية الى مناطق مدينية في القطاع سيخلق احتكاكا مع رجال حماس المتخندقين في خطوط دفاعية. حماس تستعد لهذه المعركة منذ أكثر من سنة. القوة البرية للجيش الاسرائيلي هي من ناحيته اشارة تحذير. هذا الاحتكاك يفترض أن ينتهي بحجم خسائر فادحة جدا للقوة الدفاعية لدى حماس، الامر الذي لا يمكن تنفيذه من الجو.

توجد عدة تحديات يقف امامها المخطط العسكري عندما يبني خطة برية من هذا النوع في قطاع غزة. التحدي الاول هو مرحلة الاقتحام. بين الحدود الاسرائيلية وبين المنطقة المدينية الفلسطينية يوجد مجال يعتبره الفلسطينيون "مجال دفاع". هذا المجال اصبح في السنة الاخيرة هدفا محصنا يتشكل من كمائن مضادة للدبابات، قناصين، حفر الغام، انفاق مليئة بالمواد المتفجرة، المنازل المفخخة وجملة العبوات الناسفة. في المرحلة الاولى يفترض بالقوة أن تجتاز هذه المنطقة بحد ادنى من الاصابات.

يدور الحديث عن منطقة صغيرة  بالنسبة لحجم القوات العاملة فيها، يوجد فيها عدة مسارات واضحة ومحصورة. هذه الظروف ترفع احتمالية الاصابات في اوساط قواتنا سواء كنتيجة لنشاط العدو ام بسبب اخطاء مثل نار قواتنا على قواتنا. ومعقول جدا الافتراض بان هذه الحركة ستترافق ونار قذائف الهاون. وكقاعدة، فان حماس ستبذل كل ما في وسعها كي تستخدم معظم الوسائل التي اعدتها – من انفاق وعبوات وما شابه – ضد القوة المتحركة.

التحدي الثاني هو الصدام داخل المناطق المبنية والسكان المدنيين: عائلات واطفال. هنا القرار اتخذ: سلامة قواتنا قبل كل شيء. تقنية القتال في المنطقة المبنية – والتي هي مرحلة فرعية في الخطوة البرية الحالية – جرى التدرب عليها في الجيش الاسرائيلي على مدى فترات طويلة. ويدور الحديث عن استخدام الدبابات وسلاح المشاة بمشاركة جوية، هندسية ومدفعية لاحتلال وتطهير المنطقة المبنية.

هنا يجد تعبيره التصدي للقناصة، الانتحاريين، المنازل المفخخة، العبوات والسلاح المضاد للدبابات. كل محاولة للمحاكاة في غزة نشاطا تم في مدن الضفة، بما في ذلك في حملة "السور الواقي" ستكون خطأ فادحا. لا يوجد "اجراء جار"، لا توجد اقتحامات للحيطان، ولا يوجد "وعاء ضغط" حول المنازل المشبوهة. حرية العمل للقادة في غزة أوسع بكثير.

تحدي ثالث يتعلق بالحفاظ على التوالي. بعد الايام الاولى يتعين معالجة المؤن، الاصابات، التمترس والانتظام. هنا سيتعين الدفع نحو القوات بالدبابات، بالجرافات، والاستعداد لمواصلة القتال. ومن اجل عدم تكرار اخطاء حرب لبنان الثانية وضمان محاور التموين يجب الاستثمار بقوات اخرى تضمن سلامة المحاور. عملية الوصول الى الاهداف يفترض أن تكون قصيرة، مسألة ساعات.

الرأي العام سيحسم

ما هي الامكانيات لوقف الخطوة البرية قبل الاوان؟ العنصر الاساس الاول في ارتفاعه يمكن له أن يؤدي الى وقف العملية هو ضغط الرأي العام في اسرائيل. وعلى هذا الضغط بالضبط تعمل حماس. العنصر الاول الذي من شأنه ان يخلق تغييرا في الاجواء العامة المؤيدة حتى الان للخطوة هو عدد الاصابات العالي في اوساط قواتنا. عنصر آخر سيؤثر على الراي العام في اسرائيل هو صور قاسية: دبابات اسرائيلية مصابة، مروحية تسقط وما شابه.  صور من النوع الذي يطفىء شعلة الردع الاسرائيلي. عنصر آخر يؤثر على الرأي العام هو حجم غير معقول للاصابات في الجبهة الداخلية في ظل القتال في غزة.

ويوجد ايضا امكانية نظرية: حماس ببساطة لا تتعاون مع الخطة الاسرائيلية، تتملص من المواجهة المباشرة ولا تلبي توقعات الحملة.