محللون إسرائيليون: خطوة ترمب تجاه كوريا قد تتكرر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية

الساعة 08:12 م|19 يونيو 2018

فلسطين اليوم

ألمح عدد من المحللين الإسرائيليين، إحداث الرئيس الأميركي دونالد ترمب مفاجأة في الشرق الأوسط، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تحديدا، على غرار المفاجأة التي فجرها بلقائه الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

وقالت صحيفة "هآرتس"، في مقال لأسرة التحرير، إن "من الصعب أن يبقى المرء لا مباليا أمام تصريحات ترمب السخية، فقد قال إن "كل واحد يمكنه أن يخرج إلى الحرب، لكن الشجعان وحدهم قادرون على صنع السلام. نزاع أمس يجب ألا يكون حرب الغد".

وتابعت الصحيفة "يمكن للإسرائيليين فقط أن يحسوا المعنى من هذه الأقوال، وأن يتساءلوا لماذا لم يتبن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قليلا من الأسلوب الترمبي للرئيس الذي يعجب به، وبقي مخلصا لذاته فقط عندما يدور الحديث حول البخل السياسي والجبن الدبلوماسي. فلو كانت لدى نتنياهو ذرة فقط من الجسارة الدبلوماسية التي لدى ترمب، لكان يمكن أن تخلق في الشرق الأوسط أيضا فرصة هي الآن بمثابة عالم خيالي، بما في ذلك محاولة شجاعة وصادقة لإنهاء النزاع مع الفلسطينيين".

وقال المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" بن كسبيت إن "ما فعله ترمب يتعارض تماما وفكر نتنياهو. فكيف يمكن شرح الفرق بين سلوك ترمب في موضوع كوريا الشمالية وبين سلوكه حيال إيران؟ فإيران خاضت مفاوضات مع العالم، ووقعت على اتفاق مفصل ولم تخرقه. كذلك استوفت كل الشروط، المراقبات والمطالبات وسحبت برنامجها النووي إلى الوراء، وبرغم ذلك طوى ترمب الاتفاق وألقى به في مهبّ الريح".

وتابع كسبيت "أما مع الكوري، الذي سبق أن خرق كل الاتفاقات ووصل إلى النووي، فقد تراجع. وبالأمس، دون أن ننتبه إلى هذا كثيرا قال ترمب ان إيران لم تعد إيران، فقد غيرت موقفها من الشرق الأوسط ويجدر بها أن تعود إلى المفاوضات. والآن تصوروا أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات وأن يطلب روحاني لقاء ترمب. مع كل الاحترام لكيم، فإن لمحمد جواد ظريف سحرا شخصيا أكبر بكثير. فمن يضمن لنا ألا يقع ترمب مرة أخرى في فخ العسل هذا".

وقالت المحللة السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سيما كدمون، إنه "لا أحد يحب أن يُفسد الاحتفالات، ولكن يبدو أنه لا مفر من هذا. فما رأيناه في سنغافورة في الأيام الأخيرة، هو لقاء تفاخري، وأيضا متملق، تقدم فيه الولايات المتحدة تنازلاتها حالا، وفي المقابل فإن كوريا الشمالية تعلن عن نوايا مستقبلية. وكنهجه، فإن ترمب يرى بالاهتزازات وضرب الأدوات التقليدية، هدفا بحد ذاته. ونحن نسمي هذا تفكيرا خارج الصندوق. لكن تعالوا لنتحادث، إن ما كان هناك هو خيانة لشركاء الدرب، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، إلى جانب المهانات للحلفاء الحقيقيين، مثل كندا وأوروبا، وتملق للدكتاتور. هذه هي زبدة نهج الرئيس الأميركي الذي يحظى بمديح من كل أطراف الكرة الأرضية".

وتابعت كدمون "إن هذا الرجل مزّق باستهتار الاتفاق مع إيران، على الرغم من أنه تحت رقابة شديدة، وهو أقوى من الورق الذي وقع عليه ترمب قبل أيام، لكنه يتفاخر بأنه نجح في أن يستخرج من كوريا الشمالية إعلان نوايا للاستمرار في البحث بشأن تفكيك قدراتها النووية، نوايا حتى أقل من أن تكون عينية وملزمة من تلك التي أخذتها كوريا الشمالية على نفسها في العام 2005، في مقابل تخفيف العقوبات، وقد خرقت تلك الالتزامات خلال عام واحد".

وأضافت كدمون أن "شبكات التواصل في البلاد انتفضت هذا الأسبوع ببالغ التأثر: ها هو اليسار الإسرائيلي، الذي رأى في انتخاب ترمب كارثة، يضطر الآن لكيل المديح والتفاخر به، ورؤيته كقائد كبير. وأنا اقترح على كل من سارع للاستخفاف بمعارضي ترمب أن يعيد تفكيره، لأنه من الممكن أن نوجه لهم ذات السؤال: إذ كانت تحركات الرئيس الأميركي تستحق الاعجاب، فأين المعجب رقم واحد بترمب- رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو؟ أين نهجه القيادي، مثل أن يسافر إلى رام الله، إلى أبو مازن، أو إلى طهران، إلى حسن روحاني؟ لماذا هو غير قادر على تجاهل العدائية، المشاجرات، الأكاذيب، الصدامات، وعدم الثقة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات حول الغد؟. ولماذا اختار نتنياهو تبني أساليب ترمب المختلف حولها، بينما يتجاهل هو ومعسكره هذا النهج القيادي".

وختمت كدمون "لن يطول ذلك اليوم، وهذا الرئيس، الذي فقط قبل أيام وقع بسطحية وجهالة معروفة عنه الاتفاق مع كوريا الشمالية، ليأتي إلى الشرق الأوسط. وسنراكم حينها يا مادحي تفكيره وقيادته، كيف ستهتفون حينها، لخطة هاذية ليس لها أي احتمال، ستطرحها إدارة ترمب، تتضمن وعودا مستقبلية لا احتمال لها. سنراكم حينها كيف سترشحونه لنيل جائزة نوبل".

 تحت عنوان "سيأتي دورنا"، قالت مراسلة "يديعوت أحرونوت" في الولايات المتحدة أورلي أزولاي، إن دونالد ترمب الذي قالوا عنه إنه فاقد للتجربة، وليست لديه ذرة معرفة بالسياسة الدولية، وإنه جاهل، هو بالذات من صنع تاريخا، ونجح في إخراج كيم جونغ أون من فقاعته. وأضافت "أن الإعجاب في البيت الأبيض ليس كما توقعه ترمب. فزملاؤه في الكونغرس، أعضاء الحزب الجمهوري، وعلى رأسهم ليندز غراهام، حذروه بأن لا يوقع اتفاقا مع كوريا الشمالية، إلا إذا صادق الكونغرس عليه. ومايكل مورال، الرئيس الفعلي الأسبق لجهاز الـ "سي. آي. إيه"، وصاحب تجربة في الصدام مع كوريا الشمالية، قال عن اللقاء في سنغافورة: إنه لقاء قمة تاريخي، ولكن ليس الاتفاق. لقد توقعت بيانا يتضمن التزاما بإبادة معدات الأسلحة النووية، بما في ذلك الكيماوية والبيولوجية".

وأضافت "كما أن الجيش الأميركي ليس راضيا، فقد أعلن ترمب للعالم عن إلغاء المناورات، رغما عن رغبات كوريا الجنوبية واليابان، اللتين تشعران حاليا بأن ترمب أهملهما، لصالح ألاعيب كيم، دون أن تكون لهم مظلة نووية حامية". وتابعت "لكن هكذا يحب ترمب أن يعمل: فوضى شاملة وتامة، من دون تفاصيل، ومن دون دبلوماسية ومن دون خبراء. وإذا ما نجح مع كوريا الشمالية، فإنه سيأتي متشجعا بما حققه إلى الشرق الأوسط؛ فخطة السلام التي وعد بها باتت جاهزة، وهو ينوي هزّ إسرائيل والسعودية والفلسطينيين، باستعراض كبير، كي يفكروا هم أيضا بالتوجه إلى مفاوضات".

ومضت أزولاي قائلة "الآن بإمكان ترمب القول إنه إذا ما ذهب برحلة طويلة إلى هذا الحد، كي يلتقي قائد كوريا الشمالية، الذي شتمه في الماضي وهدده بحرب نووية، فإن أسياد الشرق الأوسط بإمكانهم الافتراض أن التاريخ من ورائهم، وعليهم أن يعدوا شعوبهم بفجر يوم جديد، برعايته".

أما المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" حيمي شاليف، فقال إن ترمب سجل إنجازا رمزيا وفشلا جوهريا. وكتب "ذات مرة قال مناحيم بيغن إن "صعوبات السلام أفضل من آلام الحرب". بهذا المعنى فإن القمة بين دونالد ترمب وكيم جونغ أون التي تم عقدها في سنغافورة هي بشرى للإنسانية. زعيمان كانا قبل أشهر معدودة قد هددا بعضهما بكارثة نووية، عقدا لقاء وديا وتعهدا بتحسين العلاقة بينهما والسعي إلى السلام. في العالم الذي فيه الشكل أهم أحيانا من المضمون، يدور الحديث عن إنجاز مثير للانطباع، والذي في يوم ما سيعتبر تاريخيا".

وتابع شاليف "لكن الرغبة الطبيعية لتسوية النزاعات بالطرق الدبلوماسية، والاعتراف بأنه أحيانا تكون أهمية اللقاء هي في مجرد عقده، دون الحديث عن ميل الإعلام إلى تضخيم الأحداث إلى أبعاد غير واقعية، لا يمكنه إخفاء حقيقة أن المنتصر الأكبر في سنغافورة لم يكن رئيس الدولة الديمقراطية الأكبر في العالم، بل طاغية قاتل من إحدى الدول الظلامية في العالم".

ورأى شاليف أن "كيم حظي بالشرعية والاحترام والمجاملات والعناق من رئيس الولايات المتحدة، دون التنازل عن أي شيء. ترمب غمره بالمديح ووصفه بأنه زعيم حكيم ومسؤول وكفء. في مقابلة مع شبكة "إي. بي. سي" ادعى ترمب بأنه يبدو أن شعب كيم "يحبه بحماسة شديدة" وكأن كوريا الشمالية هي ديمقراطية مشتعلة وليست دولة لمعسكرات الاعتقال والقمع والإعدامات السياسية".

وفي صحيفة "يسرائيل هيوم"، المُجنّدة كليا لشخصي بنيامين نتنياهو ودونالد ترمب، ويملكها الثري الأميركي شلدون أدلسون، رأى البروفسور أبراهام بن تسفي، المختص في الشؤون الأميركية، أن ما جرى في سنغافورة هو إشارة مباشرة لإيران بأن "دورها سيأتي". وكتب "خلال السنوات الثمانية لولاية الرئيس أوباما في البيت الأبيض فشل الرئيس في كل محاولاته تحقيق اختراق لسور الرفض والاستفزاز من جانب بيونغ يانغ. وسرعان ما تبين لكوريا الشمالية أن الحاصل على جائزة نوبل للسلام لم يكن مستعدا لأن يفكر بجدية في استخدام الخيار العسكري ضدها، الحقيقة التي ساهمت في تصليب مواقفها وسلوكها المهدد وعديم الكوابح، ولا سيما في المجال النووي". وتابع "وها هو ذا لم يمر بعد 17 شهرا منذ تولي دونالد ترمب الرئاسة لخلافة أوباما، حتى تحقق التحول الدراماتيكي في مواقف وسلوك الحاكم كلي القدرة من الشمال، كيم جونغ أون، الذي حتى وقت أخير مضى فرض الرعب على جارته من الجنوب وعلى اليابان، بل ولم يتردد في إطلاق التهديدات بالدمار والخراب على القوة العظمى الأميركية".

وكتب بن تسفي "صحيح أن كيم لم يتُب، لكنه بخلاف معتقده المتجذر في أن بيته هو قلعته، تكبد عناء لقاء القمة الدراماتيكي في سنغافورة. وقد فعل ذلك انطلاقا من موقف ضعف واضح كي يعفي نفسه مسبقا من مصير مرير. وذلك بعد أن اقتنع بأن خصمه الأميركي سيكون مستعدا لأن يمارس ضده القوة العسكرية ويقضي على حكمه إذا ما واصل استعراضات إطلاق الصواريخ والتجارب النووية التي اختص بها. وبخلاف سلفه الضعيف، نجح ترمب في أن يبث صورة التصميم والمصداقية على خلفية كونه زعيما غير تقليدي، يكفر بالمسلمات وبقواعد اللعب الدبلوماسية، ويبدي استعدادا لأن يسير حتى حافة الهوة دون أن يتردد".

وقال بن تسفي "إن عملية التطبيع بين واشنطن وبكين امتدت في حينه على مدى عقد كامل. لا يتبقى غير الأمل بأن يكون الجدول الزمني للسلام التعاقدي والتطبيع الكامل هذه المرة أسرع بكثير. إذا كانت الأمور هكذا، فإن قمة سنغافورة ستصبح سابقة عظيمة الأهمية للأنظمة المارقة الأخرى مثل إيران، على أمل أن تصحو قبل أن تصل العاصفة إلى عتبات بيوتها. ومن ناحية البيت الأبيض، فإن نجاح القمة وتثبيت مكانة الرئيس الـ 45 كزعيم جسور وذي قدرة على اتخاذ القرارات التأسيسية كفيلة بأن تمنحه ريح إسناد عامة وهوامش أوسع من التأييد من الحزبين. وهكذا تزداد فرص حزبه لأن يجتاز بسلام الانتخابات المرحلية (النصفية) للكونغرس، والتي ستحل قريبا".

كلمات دلالية