خبر خبراء عرب: هجوم إسرائيل البري « بالتقسيط »

الساعة 10:12 ص|03 يناير 2009

إسلام أون لاين 3/1/2009

اتفق مجموعة من الخبراء العسكريين على أنه بالرغم من دخولنا اليوم الثامن للعدوان الإسرائيلي الجوي المتواصل على قطاع غزة فإن أهدافه السياسية المتمثلة في وقف إطلاق صواريخ المقاومة على المستعمرات الإسرائيلية وإسقاط حركة حماس لم تتحقق بعد.. وليس من المنتظر تحقيقها مهما استمر القصف؛ لأن حماس تبدي قدرة كبيرة على تحمل وامتصاص هذا القصف مع مرور الوقت.

أمام هذا الوضع أكد الخبراء العسكريون في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت" أن صمود حماس في غزة وعجز الطيران الإسرائيلي عن تغيير المعادلة السياسية في القطاع سيجبران الدولة العبرية على اللجوء للهجوم البري في محاولة منها لتحقيق الأهداف السياسية التي بدأت العدوان لأجلها. وإن أكدوا أن هذا الهجوم سيكون محدودا.

وشدد الخبراء على أن نجاح أي هجوم بري إسرائيلي على غزة سيتوقف على جاهزية واستعداد حماس له من ناحية العتاد.. خاصة بعد القصف الجوي الذي استهدف تدمير بنيتها الأساسية.. وعلى الدرجة التي تستطيع فيها إسرائيل تحمل انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية مع زيادة الضحايا الفلسطينيين في غزة جراء هذا الهجوم.

قدرة متبادلة

وقال اللواء أركان حرب متقاعد بالجيش المصري طلعت مسلم: إنه "بعد دخول العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الثامن أستطيع القول بأن العدوان لم يحقق أيًّا من أهدافه السياسية سواء بإسقاط حماس من خلال دفع أهالي القطاع للانقلاب الشعبي عليها.. أو استسلامها من خلال القبول بوقف الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية".

وأضاف: "بعد الأيام الثمانية أقول أيضا إن حماس بات لديها قدرة كبيرة على الصمود أمام هذا العدوان لفترات طويلة.. بعد أن فاقت من صدمة الضربة الأولى التي تلقتها أول أيام القصف".

و"في المقابل -وفقا للمصدر نفسه- نرى أنه بالرغم من أن استمرار القصف الجوي لغزة يكبد إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة.. ويشل مظاهر الحياة الطبيعية في عموم مدنها فإن الدولة العبرية قادرة على تحمل هذه التكاليف العالية لفترات طويلة.. فالخسائر المادية أمريكا كفيلة بتعويضها.. وما يخص مواطنيها فهم مجبرون على تحمل تعطل حياتهم الطبيعية مقابل تحقيق ما تقول إنه أمنهم المتمثل في تقليم أظافر حماس".

ومتفقا مع اللواء مسلم يرى إلياس حنا العميد المتقاعد بالجيش اللبناني أن "القصف الجوي الإسرائيلي لم يفض إلى جديد في الواقع الغزاوي.. فحماس ما تزال مسيطرة على القطاع.. وتطلق الصواريخ على المستعمرات والبلدات الإسرائيلية.. وبالتالي لم يأت هذا القصف أكله سياسيا حتى اللحظة الراهنة".

وأضاف بأن اللافت حتى هذه اللحظة هو "صمود حماس بقوة وهو ما فاجأ الإسرائيليين أنفسهم.. ومن هنا أقول إن إسرائيل حتما ستتجه لخيارات عسكرية أخرى غير القصف الجوي إذا ما أرادت تحقيق أهدافها السياسية من القصف الجوي للقطاع".

الرهان على الجو

ومن جهته يرى وليد سكرية العميد المتقاعد بالجيش اللبناني أن "إسرائيل بعد فشلها عسكريا في حرب يوليو 2006 أمام المقاومة اللبنانية راهن قادتها على إمكانية الحسم من الجو من خلال الضربات المكثفة والموجعة لأهداف من شأن تدميرها شل حركة خصمهم وتقليل قدرته على المناورة.. وهو ما حاولت تطبيقه في عدوانها الأخير على غزة لكن تجربة غزة أثبتت فشل هذا الرهان".

وأوضح: "نتائج اليوم الأول من العدوان على غزة كانت مبهرة بالنسبة للإسرائيليين.. فمعظم القتلى كانوا فعلا من الكوادر القوية لحماس.. لكن مع مرور الوقت امتصت حماس الصدمة ولم تعد هذه الضربات الجوية موجهة لها.. وخاب الرهان الإسرائيلي على القصف الجوي لتحقيق أهدافهم من الحرب على غزة".

ونفذت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي حتى اليوم أكثر من 600 طلعة جوية وأكثر من 800 هدف تم اقتناصه وإصابة نحو 700 هدف.

هجوم بري محدود

بعد فشل القصف الجوي في تحقيق أهدافه.. ماذا يتعين على إسرائيل أن تصنع؟ سؤال أكد الخبراء في الإجابة عنه بأنه لم يعد أمام إسرائيل لحسم المعركة سوى الهجوم البري المحدود.

فيرى اللواء مسلم أن "إسرائيل لم يعد أمامها لتحقيق أهدافها السياسية بإقصاء حركة حماس وشل قدرتها على إطلاق الصواريخ سوى الهجوم البرى على قطاع غزة".

لكنه يشدد على أن "هذا الهجوم سيكون محدودا.. ولن يشمل اجتياح القطاع بكامله لأن إسرائيل تدرك المصاعب العملياتية التي تواجهها إذا ما أقدمت على مثل هذا الاجتياح".

ولفت الخبير العسكري المصري أنه "من المبكر جدا الحكم على نجاح أو فشل إسرائيل في البر.. لأن الأمر مرتبط بما لدى حماس من عتاد.. وهل هو كاف بالفعل لجعلها تخوض حربًا طويلة أم أن القصف الجوي الإسرائيلي نجح في ضرب مخازن سلاحها وذخيرتها كما خطط قادة إسرائيل.. وبالتالي من المبكر جدا الحكم على مدى صمود حماس في المعركة البرية".

وفي السياق ذاته يشدد العميد حنا على أنه "لا مناص لإسرائيل عن الهجوم البرى المحدود لأن الدراسات العسكرية الإسرائيلية تؤكد أن استعادة إسرائيل السيطرة على قطاع غزة بالكامل أمر يحتاج من عام إلى عام ونصف العام.. وبالتالي فهي إلى عمليات برية محدودة".

وأشار الخبير العسكري اللبناني إلى أن البعض "يستهين بالعمليات المحدودة رغم خطورتها البالغة على أمن المقاومة الفلسطينية.. فإسرائيل من خلال هذه العمليات ستقوم بتقسيم القطاع وعزل قادة حماس.. وستعمل على كل قسم من قطاع غزة بالتقسيط.. أي تنتهي من قسم ثم تنتقل للقسم الذي يليه.. وفق أولويات قادتها ودرجة خطورة كل منطقة غزاوية عند الجيش الإسرائيلي".

واعتبر حنا أن "مدى جاهزية واستعداد حركة حماس على التصدي لهذا الهجوم من العوامل المفصلية في نجاح أو فشل العملية العسكرية الإسرائيلية على القطاع".

وتابع: "لكني شخصيا أرى أن هذه الجاهزية ليست على المستوى المطلوب بدليل ما حدث في أول يوم للقصف الجوي.. فلا يعقل أن تكون حركة مقاومة مستعدة لمعركة مع إسرائيل وتجمع كوادرها بهذه البراءة التي شاهدناها في أماكن بعينها سهلة الاستهداف".

لكن العميد سكرية من جهته يؤكد على "عدم قدرة إسرائيل على توسيع عملياتها البرية أو حتى إطالة زمنها.. لأن هذا معناه زيادة أعداد الضحايا الفلسطينيين وهو ما قد يؤدي إلى انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.. وهذا أكثر ما تخشاه إسرائيل".

وأوضح: "انتفاضة ثالثة بالضفة معناه سهولة استهداف العسكريين الإسرائيليين فيها.. باعتبار أنها (الضفة) ما تزال محتلة.. فضلا عن سهولة العبور إلى العمق الإسرائيلي من الضفة عنه في غزة.. ومن هنا ستحرص إسرائيل على القيام بعمليات سريعة وخاطفة في مناطق بعينها في غزة".

وأضاف: "هذه المناطق التي ستجتاحها إسرائيل ستنتقيها بعناية فائقة.. وستكون من المناطق التي اعتادت المقاومة إطلاق الصواريخ منها.. أو المحاذية لمستعمراتها التي تستهدفها هذه الصواريخ".