اشارة الى طهران: دورك سيأتي - إسرائيل اليوم

الساعة 02:54 م|13 يونيو 2018

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

(المضمون: قمة سنغافورة ستصبح سابقة عظيمة الاهمية للانظمة المتمردة الاخرى مثل ايران، على أمل أن تصحو قبل أن تصل العاصفة الى عتبات بيوتها - المصدر).

في اثناء ثماني سنوات ولاية الرئيس اوباما في البيت الابيض فشل الرئيس في كل محاولاته تحقيق اختراق لسور الرفض والاستفزاز من جانب بيونغ يانغ. وسرعان ما تبين لكوريا الشمالية ان الحاصل على جائزة نوبل للسلام لم يكن مستعدا لان يفكر بجدية في استخدام الخيار العسكري ضدها، الحقيقة التي ساهمت في تصليب مواقفها وسلوكها المهدد وعديم الكوابح، ولا سيما في المجال النووي. وها هو لم يمر بعد 17 شهرا منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة لخلافة اوباما، حتى تحقق التحول الدراماتيكي في مواقف وسلوك الحاكم كلي القدرة من الشمال، كيم يونغ اون الذي حتى وقت اخير مضى فرض الرعب على جارته من الجنوب وعلى اليابان، بل ولم يتردد في اطلاق التهديدات بالدمار والخراب على القوة العظمى الامريكية.

صحيح أن كيم لم يتب، ولكنه بخلاف معتقده المتجذر في أن بيته هو قلعته، تكبد عناء لقاء القمة الدراماتيكي في سنغافورة. وقد فعل ذلك انطلاقا من موقف ضعف واضح كي يعفي نفسه مسبقا من مصير مرير. وذلك، بعد أن اقتنع بان خصمه الامريكي سيكون مستعدا لان يمارس ضده القوة العسكرية ويقضي على حكمه اذا ما واصل استعراضات اطلاق الصواريخ والتجارب النووية التي اختص بها. وبخلاف سلفه الضعيف، نجح ترامب في أن يبث صورة التصميم والمصداقية على خلفية كونه زعيما غير تقليدي، يكفر بالمسلمات وبقواعد اللعب الدبلوماسية، ويبدي استعدادا لان يسير حتى حافة الهوة دون ان يتردد.

هذا النمط، من التفكير والعمل من خارج العلبة، وجد تعبيره الموجز في التصريح المشترك الذي نشره ترامب وكيم في ختام القمة الاختراقية. وتصح الامور على نحو خاص بالنسبة لموافقته على الانسحاب، عند حلول الوقت من الالتزام طويل السنين لامريكا باستراتيجية "المظلة النووية" التي يفترض بها أن تردع الشمال من مغبة هجوم تقليدي بواسطة تهديد غير تقليدي. هذه الاستراتيجية، التي وضعت منطقها منظومة التحالفات الاقليمية التي اقامتها الادارات الامريكية في عهد الحرب الباردة، اصبحت منذ زمن بعيد قديمة (ولا سيما على خلفية التحدي النووي الذي يحدق من جهة كوريا الشمالية). ورغم ذلك، فان الرئيس الحالي فقط، الذي على أي حال يرى في اتفاقات الامن عبئا اقتصاديا ومخاطرة زائدة بالنسبة للامة الامريكية، قضى دفعة واحدة على هذه المنظومة الفكرية القديمة. وبدلا منها وضع في سنغافورة الاساس لاقامة نظام اقليمي جديد واكثر استقرارا. وذلك بالطبع مقابل النزع النهائي، المطلق والمصداق لمشروع النووي الشمالي.

ومن المتوقع لعملية التجريد أن تكون طويلة وكثيرة التقلبات. ومع ذلك، فان مظاهر التحبب التي نشأت فجأة بين القائدين، وجملة الخطوات لبناء الثقة التي سترافق عمليات المصالحة، خلقت احساسا بالتحقق التاريخي. اذا ما ترجمت بالفعل الى تجربة جديدة، فان من المتوقع لها أن تغطي على رواسب وجراح الماضي القريب والبعيد.

يجدر بالذكر ايضا ان عملية التطبيع بين واشنطن وبيجين امتدت في حينه على مدى عقد كامل. لا يتبقى غير الامل بان يكون الجدول الزمني للسلام التعاقدي والتطبيع الكامل هذه المرة اسرع بكثير. اذا كانت الامور هكذا، فان قمة سنغافورة ستصبح سابقة عظيمة الاهمية للانظمة المتمردة الاخرى مثل ايران، على أمل أن تصحو قبل أن تصل العاصفة الى عتبات بيوتها.

من ناحية البيت الابيض، فان نجاح القمة وتثبيت مكانة الرئيس الـ 45 كزعيم جسور وذي قدرة على اتخاذ القرارات التأسيسية كفيلة بان تمنحه ريح اسناد عامة وهوامش اوسع من التأييد من الحزبين. وهكذا تزداد فرص حزبه لان يجتاز بسلام الانتخابات المرحلية للكونغرس، والتي ستحل قريبا.