ماذا تخفي "إسرائيل" وراء خطة "إنقاذ غزة"؟

الساعة 10:57 م|09 يونيو 2018

فلسطين اليوم

بات الحديث عن حلول لإنقاذ الوضع الإنساني في قطاع غزة كبيراً في الجانب الإسرائيلي، في ظل وجود عدة خطط دولية وعربية، الأمر الذي دعا "الكابينت" الإسرائيلي لقرار الالتئام غداً الأحد، لبحث مبادرات حل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

وكانت صحيفة "معاريف" كشفت في وقت سابق، وفقاً لمصادر سياسية "إسرائيلية" بأن مبعوث الأمم المتحدة للشرق الاوسط "نيكولاي ملادينوف" يعد خطة كبيرة لبناء مصانع وبنية تحتية لإعادة اعمار قطاع من أموال سيتم تجنيدها من الدول المانحة.

ووفقا للمصادر "الإسرائيلية" فالمبعوث" ملادينوف" يعمل دون توقف لإنجاز تلك الخطة والتي ترتكز في معظمها على الخطة التي وضعها الحاكم العسكري الأسبق المنسق الجنرال بولي موردخاي، والحديث يدور عن اقامة مصانع وبني تحتية في قطاع غزة وأيضاً في سيناء بأموال يتم تجنيدها من المجتمع الدولي.

وأشارت معاريف أن المبعوث "ملادينوف" تربطه علاقات وطيدة مع شخصيات "إسرائيلية" من بينهم وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ولكن الموقف الشخصي لليبرمان بأنه لا جدوي من إعادة بناء قطاع غزة، ولكنه لن يقف حائلًا أمام خطة "ملادينوف".

جزء من صفقة القرن

المحلل السياسي هاني حبيب قال إن اجتماع الكابينت الإسرائيلي الذي من اهتماماته القضايا الكبرى التي تخص الدولة العبرية لبحث ما يسمى "انقاذ غزة" أو إجراء تسهيلات لقطاع غزة، يدل على جدية الخطط التي يتم تداولها مؤخراً حول جملة معطيات تشير لوجود جهد إسرائيلي ودولي وعربي من أجل ما يسمى بـ"انقاذ غزة" بذريعة الحل الإنساني من أجل وضع غزة كجزء من صفقة القرن الأمريكية.

وأوضح حبيب في حديثه لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، أن تحرك واشنطن بدأ قبل بضعة أشهر حين أقدمت لعقد "مؤتمر إنقاذ غزة" الذي شاركت به بعض الدول العربية، مؤكداً أن هناك تفكير أمريكي بالولوج إلى "المسألة الغزية" تحت شعارات إنسانية لكي يتم فصل غزة عن القضية الفلسطينية بشكل نهائي.

وشدد على أن هذه الخطط تهدف إلى تطوير الانقسام الفلسطيني ليصبح انفصال فلسطيني كامل.

وعن ارتباط مسيرة العودة بخطة "انقاذ غزة" أشار حبيب إلى أن مسيرات العودة الكبرى عجلت في أن تصبح الخطط الإسرائيلية أكثر واقعية، مبيناً أن الاهتمام الإسرائيلي بما يسمى بالحلول الإنسانية للقطاع جرت منذ وقت طويل.

وأضاف: "هناك ترويج من بعض الأطراف الفلسطينية بإمكانية الفصل بين ما هو إنساني وما هو سياسي، والترويج لهذه الفكرة خاطئ وخطير، ولا يوجد أي إمكانية لدينا ولدى أي جهة أخرى للفصل في مثل هذه الأمور بين ما هو انساني وسياسي، واتخاذ الذرائع الإنسانية للوصول إلى مواقف سياسية".

وأوضح أن "الجانب الفلسطيني لن يخضع لهذا الابتزاز لأن مثل هذه الأمور ليست تسهيلات وليست منح بل هي حقوق تخضع للقانون الدولي تجعل دولة الاحتلال مسؤولة عن توفير مقومات الحياة للشعب الخاضع لهذا الاحتلال".

"مسيرات العودة" السبب

من جانبه أكد المحلل السياسي، مصطفى الصواف، أن الضغط الجماهيري الهائل على المناطق الحدودية في "مسيرات العودة" أجبر الاحتلال على إعادة التفكير في الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عاماً.

وأوضح الصواف في حديثه لـ"فلسطين اليوم الإخبارية" أن الجهود الإقليمية والدولية آتت بعض أُكلها وإن كان الأمر لا زال قيد الدراسة".

ولفت إلى أن "الاحتلال سيشترط أمور كثيرة في هذا الملف، وقد لا يؤدي ذلك إلى عدم تحقيق ما يسعى الفلسطينيون إليه، لكن تبقى محاولة تؤكد أن الاحتلال بدأ يدرس خيارات رفع الحصار عن قطاع غزة المعروض من الأمم المتحدة".

وأشار إلى أن الاحتلال قد لا يستجيب بتحقيق انفراجة حقيقة برفع الحصار عن قطاع غزة في ظل عدم اكتمال الضغط الفلسطيني الجماهيري وتلاحم غزة مع الضفة الغربية.

وعن دور الخطة في إتمام "صفقة القرن قال الصواف: "الأهم ما يقرره الشعب الفلسطيني وهل سيقبل صفقة ترامب ويمررها أم سيواجهها كما يواجهها الآن، وباعتقادي أن الفلسطينيين بلغوا من الرشد ما يمكنهم أن يرفضوا أي مشاريع لتصفية القضية، وأي مبادرات تطرح دون تحقيق حقوق ومصالح الشعب لن يكتب لها النجاح حتى لو كانت الولايات المتحدة تقف خلفها".

معادلة جديدة

وفي ذات السياق نوَّه المختص في الشأن الإسرائيلي، أكرم عطالله، إلى أن "الجميع في إسرائيل يشعر أن غزة على وشك أن تنفجر وأن المسيرات الحدودية أشعلت كل الأضواء الحمر في "تل أبيب"، وأكدت أن إسرائيل ستدفع ثمن حصار قطاع غزة".

وأوضح عطالله في حديثه لـ"فلسطين اليوم الإخبارية" أن أي ضغط إسرائيلي جديد على قطاع غزة سيزيد الضغط على "إسرائيل"، هذه المعادلة جعلت "إسرائيل" وبقية العالم يبحثون تخفيف الكارثة الإنسانية في القطاع.

وأوضح أن التسهيلات ستؤدي إلى تخفيف حالة التوتر في القطاع، مضيفاً: "قد يكون هناك اتفاق بتوقف المسيرات مقابل تخفيف الحصار".

وعن ارتباط خطط تخفيف الحصار بصفقة القرن أكد عطالله أنه "لا شيء مصادفات وحين يتعلق الأمر بإسرائيل وأمنها فإن الإدارة الأمريكية ستفعل كل شيء".

تفاصيل الخطة

وكان جاكي خوجي الخبير في الشؤون العربية في صحيفة معاريف قال: "ان الخطة التي تساهم فيها اسرائيل والولايات المتحدة والاردن تقوم على ضخ أموال بملايين الدولارات إلى أسواق وبنوك قطاع غزة، وفيما تسعى إسرائيل لتخفيض حجم اليأس والإحباط في صفوف الغزيين، كي لا تتدهور الأمور نحو مواجهة عسكرية، فإن السلطة الفلسطينية في رام الله برئاسة الرئيس محمود عباس تواصل خنق غزة اقتصاديا، لاعتقادها أن ذلك يضعف حماس، والحقيقة أن كلا الطرفين رام الله وتل أبيب تعملان انطلاقا من مصالحهما الخاصة".

وأوضح خوجي أن "هذه الخطة التي تسعى إسرائيل لتسويقها تتزامن مع توجه مشابه في الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس دونالد ترمب، حيث تواصل منذ شهور صياغة خطة لإيجاد حلول للأزمة الإنسانية الناشبة في غزة، تشمل إقامة منطقة صناعية للعمل من قطاع غزة في سيناء، وفتح المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل، وبناء محطة تحلية مياه، ومبادرات أخرى".

واستدرك قائلا ان "هناك خطة أكثر تواضعا يقودها المبعوث الشخصي للرئيس ترامب إلى المنطقة جيسون غرينبلات، تتضمن توفير حلول سريعة وعاجلة للمواطن الغزي، على اعتبار أن أحد المشاكل الخطيرة التي يعانيها الفلسطينيون في غزة تتمثل بغياب العملة النقدية في جيوبهم، ولذلك قررت الدول الثلاث إسرائيل والأردن والولايات المتحدة ضخ المزيد من هذه العملات المالية إلى تلك الجيوب الفارغة، بجانب بعض الشروط".

وشرح الكاتب أن "الخطة تقوم على أن يضخ الأمريكيون كميات كبيرة من عشرات ملايين الدولارات، والمساهمة الإسرائيلية التي ستكون الأكثر تواضعا، تتمثل في ضخ ما قيمته 150 ألف قطعة نقدية، من عملة نصف شيكل، في السوق الفلسطينية، حيث ستحصل إسرائيل على ما يساوي قيمتها عبر البنوك، وفواتير بقيمة هذه الملايين من الشواكل، أما الأردن فإنها ستضخ مبلغ مليون دينار، بما يعادل خمسة ملايين شيكل".

وأشار أن "المساهمة الأردنية لن تتوقف عند هذا الحد، لأن المملكة ستمول إحضار آلاف المولدات الكهربائية لإنتاج الكهرباء إلى غزة، سيتم توزيعها على المؤسسات العامة في القطاع، وعلى رأسها المستشفيات والمدارس".

وكشف أن "الخطة وصلت تفاصيلها إلى المستويات المتقدمة في الدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية، التي منحت الضوء الأخضر لإنفاذها، وما تبقى اليوم فقط هو عثور الدول الثلاث على الجهاز الإداري والمنظومة الأكثر أمانا لإدخال هذه الأموال إلى غزة، لأن أيا منها لا تريد أن تصل تلك الأموال لأيدي حماس".

وأكد أن "التجارب السابقة تشير إلى نجاح ما تم إقامته من منظومات إدارية في إيصال المساعدات لمستحقيها الحقيقيين في القطاع، حيث سبق لإسرائيل أن أدخلت كميات كبيرة من الإسمنت ومواد البناء إلى القطاع، وحرصت على القيام بتصوير خط سير هذه المواد البنائية إلى الأفراد الذين هدمت منازلهم في الحرب الأخيرة 2014، وأكدت وجود رقابة صارمة من مؤسسات الأمم المتحدة".

يتحدث الكاتب أنه "من المتوقع أن تجد هذه الخطة شركاء لها في قطاع غزة، فقيادة حماس تعلم عنها، وتبدي تعاونا منذ اللحظات الأولى، دون أن يكون الرئيس عباس في قلب النقاش الحاصل بشأنها، لأنه يرفض إبداء أي تعاون لتطبيقها على الأرض، بل إنه يسعى لإفشالها من الناحية العملية" حسب خوجي.

وختم بالقول إن "عرض هذه الخطة يقدم درسين اثنين، أولهما من كان يتصور أن يأتي يوم تحاول فيه إسرائيل إقناع الرئيس عباس لإبداء قدر أكبر من الاهتمام بشعبه في غزة، والثاني فقد مضى على الإسرائيليين عقد كامل وهم يراقبون الأزمة الإنسانية في غزة، دون أن يحركوا ساكنا، لكنهم منذ شهرين بعد أن بدأ الفلسطينيون يتظاهرون قرب الحدود مع غزة، بدفع من حماس وتأييدها، باتت إسرائيل بنفسها تبحث عن حلول لمشاكل غزة، فهل فهمنا اليوم من الذي يستجيب تحت الضغط والقوة.. الإسرائيليون أم العرب؟".

ويعاني قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة، أوضاعا معيشية متردية، جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو 12 عاما، إضافة إلى تعثر عملية المصالحة بين حركتي فتح وحماس.

 

كلمات دلالية